جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

الإعلان العالمى لمعايير انتخابات حرة ينص على أن سلطة الحكم فى أى دولة تستمد شرعيتها فقط من الشعب

-

تقترب مصر من إجراء الانتخابات الرئاسية التى مقرر لها إبريل القادم ما يطرح السؤال هل تتوافر فى مصر المعايير الدولية اللازمة لنزاهة الانتخابات سواء فيما يتعلق بالاجراءات أو عملية التصويت والفرز ثم إعلان النتيجة السطور التالية تجيب عن هذا السؤال .

فى البداية يشير د. عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات إلى أن إرادة الشعب هى إرساء لنفوذ السلطات العامة، وعلى هذه الإرادة أن تعبر عن نفسها من خلال انتخابات نزيهة تقوم بشكل دورى عبر اقتراع عام ومتساو وبتصويت سرى أو وفقا لعملية معادلة تضمن حرية التصويت بحسب نص ( المادة 21، 3 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان). وكما أكدت المادة 25 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية ( 1966) على أن حق المواطن» أن ينتخب وينتخب فى انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السرى تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين».

 

وأشار الإعلان العالمى لمعايير انتخابات حرة ونزيهة الصادر عن اتحاد البرلمان الدولى فى  باريس 1994 إلى أن سلطة الحكم فى أى دولة تستمد شرعيتها فقط من الشعب، كما يعبر عن ذلك فى انتخابات حرة ونزيهة  تعقد فى فترات منتظمة على أساس التصويت السرى العادل. ويحق لكل ناخب أن يمارس حقه فى التصويت مع الآخرين وان يكون لصوته نفس الثقل لأصوات الآخرين، وان تضمن سرية الاقتراع.

وأكدت وثائق الأمم المتحدة على عمومية الاقتراع والتساوى فى الاقتراع العام، أى أن يكون لكل مواطن الحق فى التصويت فى أى انتخاب وطنى أو استفتاء عام يجرى فى بلده.

أساس منصف

ويكون لكل صوت من الأصوات نفس الوزن، وعندما يجرى التصويت على أساس الدوائر الانتخابية تحدد الدوائر على أساس منصف بما يجعل النتائج تعكس بشكل أدق واشمل إرادة جميع الناخبين، ولضمان سرية الانتخاب يجب أن يكون بإمكان كل ناخب أن يصوت بطريقة لا سبيل فيها للكشف عن الطريقة التى صوت أو ينوى التصويت فيها، وان تجرى الانتخابات خلال فترات زمنية معقولة.

ولتعزيز نزاهة الانتخابات لا بد من أن يكون كل ناخب حرا فى التصويت للمرشح الذى يفضله أو لقائمة المرشحين التى يفضلها فى أى انتخابات لمنصب عام، ولا يرغم على التصويت لمرشح معين أو لقائمة معينة، وان تشرف على الانتخابات سلطات تكفل استقلالها وتكفل نزاهتها وتكون قراراتها قابلة للطعن أمام السلطات القضائية، أو غير ذلك من الهيئات المستقلة النزيهة.

ويجب على الدول أن تشكل آليات حيادية، غير منحازة أو آلية متوازنة لإدارة الانتخابات ومن أجل تعزيز نزاهة الانتخابات، كما يجب على الدول أن تتخذ الإجراءات الضرورية حتى تضمن أن الأحزاب والمرشحين يحصلون على فرص متساوية لعرض برامجهم الانتخابية.

الانتخابات الحرة والنزيهة

كمفهوم عام ، ينطوى معيار انتخابات «حرة ونزيهة» على التحرر من القهر وعلى النزاهة كمرادف للحيادية. ويعتبر الإجماع الدولى لكل من مراقبة الانتخابات وإدارة العملية الانتخابية.

وقبل يوم الاقتراع ، ينطوى مفهوم «انتخابات حرة» على حرية التنقل والتعبير عن الرأى والتجمع وتكوين الروابط والاتحادات، والتحرر من الخوف وتسجيل الناخبين والمرشحين دون مواجهة أى عوائق، والاقتراع العام على قدم المساواة ويتضمن مفهوم النزاهة إجراء عملية انتخابية تتسم بالشفافية وانتفاء التمييز ضد الأحزاب السياسية وإزالة العقبات أمام تسجيل الناخبين ووجود جهاز انتخابى مستقل وحيادى ومعاملة الشرطة والجيش والمحاكم للمرشحين بحيادية وإتاحة فرص متساوية أمام الأحزاب السياسية والمرشحين المستقلين وتقديم برامج محايدة لتثقيف الناخبين وإجراء حملة انتخابية منظمة تراعى مبادئ ميثاق السلوك وحق الاستفادة على قدم المساواة من وسائل الإعلام المملوكة من الدولة وتخصيص الأموال العامة للأحزاب السياسية بحيادية عندما يكون من المناسب عمل ذلك وعدم استغلال المرافق الحكومية لأغراض الحملة. وفى يوم الانتخابات ذاته يشير معيار( انتخابات حرة ) ضمنا الى فرصة الاقتراع إذ يشير ضمنا إلى حق وصول ممثلى الأحزاب السياسية والمراقبين المعتمدين المحليين والدوليين ووسائل الإعلام الى كل مراكز الاقتراع وإجراء الاقتراع السرى وعدم ترهيب الناخبين وتصميم أوراق الاقتراع بفاعلية واستخدام صناديق اقتراع ملائمة ومساعدة الناخبين بحيادية عند الضرورة والقيام بإجراءات ملائمة لعد الأصوات وطريقة التعامل مع أوراق الاقتراع الباطلة واتخاذ الإجراءات الاحتياطية عند نقل المواد الانتخابية وحماية مراكز الاقتراع بحيادية وبعد يوم الاقتراع تتطلب معيار ( انتخابات حرة) حق الطعن القانونى ويشترط الإعلان الرسمى والسريع عن نتائج الانتخابات والتعامل بحيادية مع شكاوى تتعلق بالانتخابات وإعداد تقارير محايدة عن نتائج الانتخابات تنقلها وسائل الاعلام وقبول كل شخص معنى نتائج الانتخابات.

المراقبة المحلية المستقلة

ومن أجل ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة لا بد من العمل على تشكيل اللجنة الأهلية لرقابة الانتخابات من ممثلى منظمات المجتمع المدنى والفعاليات المستقلة المعنية بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وذلك على النحو التالي:

دعوة ممثلى منظمات المجتمع المدنى المعنية بالديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان والمرأة والشباب من أجل تشكيل هذه اللجنة.

التأكيد على مبدأ استقلالية عمل اللجنة عن كافة الأحزاب السياسية المعارضة والمؤيدة، وأنها تعمل فقط من أجل مراقبة الإجراءات الخاصة بضمان نزاهة الانتخابات.

ضرورة الالتزام بقواعد العمل الخاصة بالمراقبين المحليين، فنجد أن اللجنة المستقلة لانتخابات جنوب أفريقيا 1994 أصدرت قواعد خاصة بالمراقبين المحليين، حيث يتعهد كل المراقبين بأن أنشطة مراقبتهم طوال فترة الانتخابات ستجرى على الأسس التالية:

* يلتزم المراقبون بحيادية تامة فى أداء عملهم، ولا يظهرون أو يعبرون فى أى وقت عن أى تحيز أو تفضيل تجاه أى حزب مسجل أو مرشح .

*  على المراقبين أن يقدموا أنفسهم فورا ويعرفوا على أنفسهم إذا طلب ذلك منهم وأن يضعوا بطاقات الصدر الخاصة بهم، التى تصدرها اللجنة للمراقبين المسجلين.

*  يمتنع المراقبون عن حمل أو ارتداء أو إظهار أى مادة انتخابية أو أى قطعة ثياب أو شعار أو ألوان أو بطاقات الصدر أو أى شيء آخر يدل على تأييد أو معارضة حزب أو مرشح، أو لأى من الموضوعات التى تجرى عليها منافسة.

تلك هى المعالم الرئيسية للانتخابات الحرة النزيهه التى قررتها الأمم المتحدة لتكون عوناً وهادياً للدول فى إجراء الانتخابات سليمة لا توصم بالتزييف والتزوير .

والرقابة الدولية على الانتخابات هى إطلاع المجتمع الدولى على سير العملية الديموقراطية فى الدولة التى تطلب ذلك للوقوف على مدى اتفاقها مع المعايير الدولية للديموقراطية، ومدى تعبيرها عن إرادة الشعوب فهى تكون بناءً على طلب ورغبة الدولة التى ترغب فى الإعلان عن سلامة العملية الديموقراطية فيها ونزاهتها وتوجه منها إلى الجهات الدولية والمنظمات غير الحكومية المشهود لها بالحياد، مثل المعهد الدولى الديموقراطى، المنظمات التابعة للاتحاد الأوروبى، الاتحاد السويسرى، والأمم المتحدة، اتحاد الدول الفرانكوفونية، ليكون أعضاؤها شهود عيان على هذه النزاهة، دون أن توجه إلى الدول أو الجهات التى تشعر الدول طالبة المراقبة بأى ريب فى حيادها. وتعدد جهات المراقبة لا يعطى فرصة للتلاعب فى التقارير التى يعدها المراقبون التابعون لهذه الجهات وهى تقارير ليس لها أى قيمة قانونية ولكن لها قيمة أدبية فى إعلان المجتمع المحلى والدولى بسلامة نزاهة العملية الديموقراطية ومطابقتها للمعايير الدولية. أن العملية الانتخابية لا تنهض وحدها دليلاً على صحة الحياة السياسية وسلامة الظرف الوطنى العام؛ فالخبرة السياسية فى نيجيريا قد أوضحت أن الانتخابات التعددية، التى خضعت لرقابة الكثير من المنظمات الدولية غير الحكومية، قد تم الالتفاف عليها لتأكيد احتكار السلطة لصالح النخبة الحاكمة؛ الأمر الذى يعنى فى النهاية استخدام الآليات الديموقراطية لتكريس واقع غير ديموقراطى.