جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

كشف حكم «حماس»: هنا طالبان.. غزة سابقاً

-

الحديث عن حقيقة الأوضاع المعيشية فى غزة بين العامة «ممنوع»، فهو القطاع المحكوم بالحديد والنار، ولا صوت فيه يعلو فوق صوت طلقة رصاصة مجهولة لكل من «يفتح فمه أو يعترض»، لكن الغزاويين وحدهم يعرفون الفاعل! 
وتمت محاورت مجموعة من الشخصيات البارزة فى المجتمع الغزاوى، لكنهم لا يستطيعون الظهور بالاسم أو الصورة، لأن مصيرهم سيكون معروفاً تماماً، إما القبر أو المعتقل تحت نير التعذيب مدى الحياة، هذا إذا ما حالفهم الحظ بأن ظلوا على قيد الحياة، بعد خضوعهم لتحقيقات الأمن الداخلى بقيادة كتائب القسام فى أحد معتقلات «حماس» فى باطن الأرض.
ونحتفظ  بأسماء مصادرها وتكتفى بنشر الأحرف الأولى فى هذا التقرير، الذى يكشف الوجه الآخر لحقيقة الوضع الإنسانى والأمنى داخل القطاع فى ظل حكم «حماس»، منذ وصولهم للسلطة عام 2007 إثر عملية «انقلاب دموى» على السلطة الشرعية، على حد تعبيرهم. التقرير يفضح أكاذيب «حماس»، فمن خلال شهادات المصادر، فإن الحركة تتبع مبدأ «الكذب على العدو فريضة»، الذى أسسه حسن البنا، فكل ما هو ليس «حماس» هو عدو لها سواء داخل النسيج الفلسطينى أو خارجه. 
فى البداية يكشف هؤلاء الأشخاص عن أن الوضع السياسى المصرى ما بعد ثورة 30 يونيو انعكس على المصريين الذين يعيشون فى غزة بشكل مباشر، وباتت هناك تصرفات استفزازية من قبل «حماس» ضد كل مصرى، حيث يقول «ش. أ»، طبيب،: يمكن القول إن ما يمارس ضد المصريين ما بعد ثورة 30 يونيو بأنه (قلة أدب)، لمجرد التنكيل بهم لأنهم مصريون ويحبون (السيسى) والجيش المصرى، سواء كان ذلك فى المعاملات الحكومية أو فى استخراج التصريحات اللازمة للمرور من معبر رفح، لدرجة أن جوازات السفر المصرية تلقى فى وجوههم ويقال لهم «خلّى السيسى ينفعكم»، حينما يريدون الحصول على تصاريح العبور، فيما جرى التعدى بالضرب أكثر من مرة على مصريين اعترضوا على سوء المعاملة داخل معبر رفح الفلسطينى.
ويكشف «ر. ع»، تاجر، عن أن أزمة السولار والبنزين الأخيرة فى القطاع سببها الرئيسى هو عمليات النهب والجباية التى تمارسها «حماس»، قائلاً: «السولار والبنزين المهرّب من مصر يباع بـ 4 شيكلات، أى ما يوازى 8 جنيهات للتر الواحد، وفرق السعر بينه وبين سعره فى مصر يذهب إلى جيب (حماس)، حيث تخزنه فى منطقتى (سماء وأصداء)، ونحن لم نكن نميز هل هو بنزين 90 أو 92، فلقد كان مخلوطاً ويباع تحت اسم بنزين مصرى فقط. كما أن (حماس) تحصل أيضاً على البنزين الإسرائيلى بسعر 7 شيكلات، أى 14 جنيهاً للتر نوع 95 وهو عالى الجودة، وهذا النوع لا يستخدمه إلا أصحاب السيارات الفارهة والمقتدرون مادياً».
ويضيف قائلاً: «إن أزمة السولار مفتعلة، فـ (أبومازن) كان يدفع ثمن السولار الذى يأتى للقطاع، وشركة الكهرباء فى (حماس) تجمع الأموال من فواتير السكان ولا تدفع ثمن هذا السولار فى المقابل لحكومة (أبومازن)، وقد كان هذا السولار يتكلف فى اليوم الواحد شيكلين لنحو 600 ألف لتر، أى يساوى مليوناً ومائتى ألف شيكل، بعد أن أعفاهم (أبومازن) من ضريبة (البلو)، أى ما يوازى 35 مليون شيكل شهرياً، فلماذا تدفع (رام الله) لـ(حماس) و(رام الله) تعانى من أزمة مالية؟ 
ويتابع التاجر: رفضت (حماس)، وقالت: لن ندفع ولا مليماً، وبعد مفاوضات عدة توصلوا إلى أن شيكلاً على (حماس) وشيكلاً على الضفة، أى نصف التكلفة، ومع ذلك رفضت (حماس) وقالت لن ندفع أى مبالغ، وهذا ما سبب أزمة الكهرباء الطاحنة، ومع ذلك فواتير المنازل مستمرة بالرغم من أنها لا تعمل إلا 4 ساعات فقط فى اليوم». مشيراً إلى أن كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية (المسيطر عليها من «حماس» منذ انقلاب 2007) وحتى المؤسسات الخاصة والبلديات فى قطاع غزة - لا تدفع شيكلاً واحداً مقابل استهلاكها للكهرباء، ما يعنى وبكل بساطة تحميل هذا المبلغ على فاتورة المواطن الذى يتحمل إضافة لهذا الأمر كافة ما يسمى بالفاقد فى الكهرباء، وهو حسب مصادر الشركة نسبة 38 فى المائة من كهرباء غزة. 
وفيما تصمم قيادات «حماس» على أن الأنفاق الحدودية لا تُستخدم لتهديد الأمن القومى المصرى من خلال عمليات تهريب ممنهجة للأسلحة وللعناصر الإرهابية وقيادات الإخوان أيضاً، وتملأ الدنيا صخباً بأن ذلك «محض أكاذيب وافتراء» وأن دك القوات المسلحة المصرية تلك الأنفاق حفاظاً على أمن مصر واستقرارها، هو إحدى وسائل التنكيل بهم وبالقطاع، بسبب كونهم فقط الرافد الرئيسى للإخوان فى مصر - قال «س. د»، أحد رموز المعارضة فى غزة: «الإخوان كانوا رايحين جايين على الأنفاق فى عهد مرسى، وعلى رأسهم خيرت الشاطر ومحمود عزت وصفوت حجازى. وخيرت الشاطر كان فى غزة قبل ثورة 30 يونيو بنحو أسبوعين عن طريق الأنفاق، فى زيارة سرية غير معلنة، فلقد كان لدى (حماس) والإخوان فى مصر تحسُّب تجاه ثورة شعبية مقبلة ستطيح بحكم الإخوان». 
وأضاف: «حتى الآن ما زالت هناك أنفاق تعمل فى الخفاء، وعددها لا يقل عن 1200 نفق خلاف الأنفاق الفرعية، وأى شخص يريد أن يحفر نفقاً عليه أن يكون معه شريك من (حماس) حتى يحصل على الترخيص بالعمل، إضافة إلى مقاسمته أرباح ما يتم تهريبه من خلال هذا النفق، فـ(حماس) تحصل على ضرائب على كل ما يدخل عن طريق الأنفاق، وصولاً إلى ضريبة خاصة على كل علبة سجائر. أما الأكياس التى يكون بها مواد غذائية فيتم تحصيل ضريبتها من خلال (الوزن)، فعلى كل بوابة لكل نفق هناك أفراد من شرطة (حماس)، فلا يوجد أى شىء يدخل من النفق دون أن تعرف عنه شرطة (حماس)، بداية من السلاح ووصولاً إلى الأكل والشرب». 
أما محاولات قيادات (حماس) ترويج أن مصر تحاصر قطاع غزة وتشويه سمعتها من بعد إغلاق الأنفاق، فيقول «م. ى»، رجل أعمال: «هذه أكذوبة كبرى، ادخلوا أى متجر وشاهدوا كل الأصناف والمنتجات المعروضة، غزة لا تعانى حصاراً، لدرجة أن أحد أصدقائى السودانيين حينما دخل أحد محال السوبر ماركت فى غزة مؤخراً ورأى بعينيه كل المنتجات المتنوعة، قال لى: اللهم أكرمنا بحصار مثل حصار غزة. وهذا يعنى أن كل ما تروجه (حماس) عن وجود حصار كذب، وأن القول بأن مصر هى من تحاصر غزة من خلال غلق الأنفاق مجرد وسيلة لتشويه سمعة مصر، فكل شىء موجود فى غزة، والذى لا يأتى من مصر يأتى من إسرائيل، ولا يوجد شىء ناقص فى غزة. فضلاً عن أنها تستخدم هذا الشعار (غزة تحت الحصار) للحصول على المزيد من الأموال المتعاطفة من دول العالم، يعنى أسلوب (شحاتة) مقنع لا أكثر»! 
وعن كم الأموال المتدفقة من قطر وتركيا على «حماس» قال: «تدخل جيوبهم 20% للحكومة، والباقى للصرف على السلاح وكتائب القسام، وهذا انعكس بشكل مباشر على زيادة معدلات الفقر لشعب غزة، وكل ما يأتى لهم من دعم لا يكون للشعب أبداً، بل إن الدعم الذى كان يرسل من المساعدين إلينا حتى من المواطنين العاديين فى هذه الدول وغيرها وقوافل المساعدات الإغاثية والإنسانية التى لم تتوقف حتى هذه اللحظة - تسرقها (حماس) جهاراً نهاراً ولا توصلها لمستحقيها. كما يشتد غضب هذه الحركة المجرمة وأجهزتها القمعية على مواطنين عاديين سئموا وكرهوا الحياة البائسة والظالمة التى يعيشونها فى ظل حكمها الإرهابى».
ويضيف «ن. ع»، محلل سياسى معارض، قائلاً: «لو فكر أحد فى بناء نفق بعيداً عن أعين (حماس) يُذبح، ويطلق عليه النار بكل سهولة، فالقطاع محكوم بالحديد والنار. وأذكر أن أحد الأشخاص حفر نفقاً فى منزله بعيداً عن (حماس)، وعندما اكتشفت الحركة هذا الأمر بعد سنة كاملة، وبعد وساطات كبيرة حتى لا يُقتل أخذت منه (حماس) ضرائب بأثر رجعى (مليون دولار). وهناك أناس قبل تجارة الأنفاق كانوا يعملون (عربجية) أصبحوا بعد تجارة الأنفاق يركبون السيارات الفارهة ويفتحون حسابات فى البنوك بملايين الدولارات، فهناك إحصائيات تشير إلى أن غزة بها أكثر من 700 مليونير من تجارة الأنفاق وحدها، فتجارة الأنفاق تكسب أكثر من المخدرات»، ويتابع قائلاً: «(حماس) تحاول الآن بناء المزيد من الأنفاق، للرد على حملة الجيش المصرى لهدم الأنفاق، أكثر عمقاً وأكثر تمويهاً، وللأسف فى الجانب المصرى هناك أناس يتعاونون معهم فى سيناء». 
وبسؤاله: من أين يأتى هذا الشخص بالأموال التى اشترى بها ما يتم تهريبه عبر الأنفاق فى البدايات الأولى؟ أجاب قائلاً: «هذا أمر فى منتهى السهولة، لأنه غصب عنه لا بد أن يكون له شريك من (حماس)، فهو من يقوم بتمويل العمليات الأولى. وهناك مصانع كانت تقيم خطوط إنتاج خاصة لحركة (حماس) فقط». وحول ما إذا كانت «حماس» تمتلك أنفاقاً خاصة بها، أردف قائلاً: «الأنفاق لا تخرج سيطرتها أبداً عن (حماس)، إما من خلال قيادات (حماس) وعناصر كتائب القسام حيث يمتلكونها مباشرة، أو من خلال أشخاص أُجبروا على شراكة مباشرة مع قيادات وعناصر (حماس). وهناك إحدى محطات البنزين فتحت مؤخراً فى غزة بمشاركة وزير الداخلية فتحى حماد من تجارة الأنفاق». 
وعما إذا كانت هذه الأنفاق تؤوى فى بعض الأحيان قيادات الإخوان من مصر، قال: «كل شىء كان يحدث فى هذه الأنفاق. والأنفاق أنواع: هناك أنفاق تكلفة المرور فيها للعبور إلى مصر للشخص الواحد 100 دولار، وهناك أنفاق أخرى تكلفة الشخص الواحد 300 دولار، والاختلاف هنا فى سعتها وإمكانياتها من كهرباء ومكيف وطريقة تأمينها، وهناك أنفاق ممكن أن تمر فيها بالسيارة إلى الجانب المصرى، وهذا كله بعلم (حماس)، لأن الأنفاق يتم تسيير أمورها بشكل قانونى، وكل من يعبر من خلالها يحصل على تأشيرة (ورقة عبور) مختومة من (حماس)». 
وبسؤاله عن حقيقة تجارة السلاح عبر الأنفاق، التى تنفيها قيادات «حماس» جملة وتفصيلاً، يقول: «كاذبون، والدليل على ذلك صاروخا سكود وجراد الروسيان، اللذان يبلغ مدى كل منهما 80 كيلومتراً.. من أين أتت؟ إنها صواريخ ليست محلية الصنع ولا صناعة مصرية، إذن من أين يتم تهريبها؟ عن طريق الأنفاق طبعاً، فالصواريخ لا يمكن لها أن تعبر الحدود، بل على العكس مداها يجعلها تسقط داخل غزة مرة أخرى، والبحر والجو تسيطر عليهما إسرائيل، وكل هذه الأسلحة مُهربة عن طريق الحدود المصرية، فالحدود المصرية كبيرة والليبية كذلك، و(حماس) لا تفرق من أين يأتيها السلاح، وكل الأسلحة التى ترد إلى غزة تأتى من سيناء، وقد دخل من مصر إلى غزة كَمٌ لا يعد ولا يحصى من الأسلحة، والفترة الأخيرة لـ(مرسى) كان لديهم هنا فى غزة تحسب لسقوط حكم (مرسى)، فهرّبوا السلاح بالعكس إلى الأراضى المصرية وتحديداً سيناء، فالإخوان استعانوا بكتائب القسام فى دعم حكمهم بكل الطرق، وهذا من الأيام الأولى لثورة 25 يناير، فهم من اقتحموا السجون وهربوا أيمن نوفل وقيادات حزب الله، حتى الموبايل الذى تحدث من خلاله (مرسى) لقناة الجزيرة من أين حصل عليه؟ لقد كانت هناك حالة انفلات أمنى كبيرة بعد ثورة يناير، ودخلت كتائب القسام مصر فى تلك الفترة بشكل كبير، لأن (حماس) وكتائب القسام منظمون ويملكون القدرات على دعم الإخوان»، ويضيف قائلاً: «الإخوان فى مصر كانوا فى حاجة إلى تدريبات عسكرية أكثر من احتياجهم للسلاح بعد أن استطاعوا تهريب كميات كبيرة منه بالفعل، وكانت كتائب القسام تدرب شباب الإخوان فى مصر ثم تعود مرة أخرى إلى غزة، وقد كان يجرى ذلك بعد ثورة 25 يناير، وفى عهد (مرسى) كانت التدريبات أقوى لحسم قضية إنشاء دولة غزة الكبرى على أراضٍ من سيناء فى مساحة ما يقارب 40% منها، وهذا كان مخططاً فى منتهى الخطورة للقضاء على القضية الفلسطينية برمتها، من خلال أن تكون هناك دولة مترامية الأطراف قائمة بذاتها فى غزة». 
ويكشف «المحلل السياسى» قائلاً: «أمريكا والموساد اتفقا على تحطيم الجيوش العربية، وربنا يحفظ مصر وجيشها، والسيسى فهم اللعبة فى وقت مبكر واستطاع إنقاذ مصر، وقرار الجيش المصرى بمنع شراء الأراضى فى المنطقة الحدودية كان صائباً، فـ (حماس) كانت تريد أن تسير تلك الخطة على قدم وساق، لكن يبدو أنها فشلت، وكان (مرسى) متفقاً مع الأمريكان على هذا الموضوع، وحرب غزة الأخيرة كانت اختباراً مباشراً لمصر، علشان بعد أسبوع (مرسى) هو الذى يكفل (حماس) لدى إسرائيل بأن لا تطلق صواريخ، وذلك بالاتفاق مع (مرسى) لتثبيت حكمه، فى أن يكون هو (المحامى) والكفيل لإسرائيل فى حماية أمنها، ومن ثم مكافأة (حماس) بأرض سيناء، لكن ثورة 30 يونيو قلبت كل الموازين والمخططات التى وضعتها (حماس) مع (مرسى) وأمريكا وإسرائيل».
وعن حقيقة وجود محمد الظواهرى فى غزة أكثر من مرة إبان فترة حكم مرسى، قال: «نعم فى فترة حكم مرسى كان يأتى كثيراً إلى غزة، وهو الذى كان مسئولاً عن التحركات على الأرض فى سيناء، وكان فى سيناء وغزة «رايح جاى»، كما كان يشرف على تدريب شباب الإخوان مع كتائب القسام على الحدود فى فترة عهد مرسى، كما كان يشرف على عمليات تدريب أفراد آخرين على أرض سيناء أيضاً. 
وبالسؤال عن أى معلومات تتعلق بالضباط الثلاثة المختطفين منذ ثورة يناير، قال: «لا أحد يعرف حقيقة هذا الموضوع، فحماس من الناحية الأمنية تمتلك قبضة حديدية، وجلعاد شاليط كان محتجزاً فى غزة، ولم يستطع أحد الوصول إليه، لدرجة أن إسرائيل أرسلت عملاءها للبحث فى مقالب الزبالة لربما يجدون قطعاً من الشاش، أو القطن عليها نقاط دم بعد إصابته فى محاولة للوصول إلى أقرب مكان يمكن أن يكون فيه، وحينما تسلمته مصر أجريت عملية نقله فى 25 سيارة جيب فى ركب كبير، ولم يستطع أحد التمييز هو فى أى سيارة منها. 
وبشأن ما يتردد عن وجود انشقاقات داخل حركة حماس، قال المصدر: «هناك انشقاق كبير داخل الحركة، فمحمود الزهار له توجه وإسماعيل هنية له توجه آخر، لكنها انشقاقات لا تطفو على السطح، وهذه الخلافات سببها الرئيسى علاقة حماس بكل من إيران، وقطر، وموقف خالد مشعل أيضاً من النظام السورى، والانشقاقات هنا تختلف عن حركة فتح، التى تكون معظم خلافاتها فى العلن». 
وحول حركة «تمرد غزة»، التى مثلت الحجر الذى حرك الماء الراكد فى غزة، وأصابت «حماس» بهوس حقيقى بشأن وضعها وأجبرتها على الكشف عن وجهها الإرهابى، يقول «ش. ق» أحد رموز المعارضة فى غزة، إنه بعد دعوة حركة «تمرد غزة» المواطنين للنزول إلى الشوارع، نشرت حركة حماس أكثر من 10 آلاف ملثم لمواجهة المتظاهرين، وإن الغزاويين كانوا يرون أن «تمرد غزة» تهدف إلى إسقاط حكم حماس، وإن ذلك سيؤدى إلى توحيد الشعب الفلسطينى فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى، إضافة إلى التخلص من دولة القمع فى القطاع، ويضيف: «لكن بكل أسف حركة تمرد لا تتعدى قوتها 1% من تمرد مصر، وتعرض كل أفرادها لحملة اعتقالات واسعة، ونحن ليس لدينا جيش أو قوة عسكرية تدعم أى تحرك على الأرض معادٍ لحماس، عكس مصر، فالجيش فيها كان مع الشعب ويحميه، لكن هنا لا يوجد أحد يحمينا، وأى شاب يشكون أن له علاقة بتمرد غزة يُعتقل، وحماس اعتقلت المئات من طلبة الجامعات، بل واعتقلت كل من وضع علامة «لايك» على صفحة «تمرد غزة» على موقع التواصل الاجتماعى الـ«فيس بوك»، كما أرسلت حماس، وكتائب القسام، تهديدات للعديد من أساتذة الجامعات، والموظفين على أجهزة الموبايل بالقتل إذا ما تجاوبوا مع حملة «تمرد غزة»، وإن بعض أساتذة الجامعات خضعوا لتحقيقات تعسفية بقيادة كتائب القسام وهم مكبلون وعلى عيونهم عصابة سوداء، كما أصدرت «حماس» بيانات شديدة اللهجة حول اليوم الذى أعلنت فيه «تمرد» أنها ستكون فى الشارع قالت فيه، اللى هاينزل يجيب كفنه معاه وطلقة الرصاصة ستكون فى الرأس». 
ويتابع: «غزة ليست كلها حماس، فحماس لا يزيد عدد أتباعها ومريديها على 10% فقط من إجمالى عدد سكان القطاع، لكن القطاع محكوم بصوت الرصاص، ولهذا لا يمكن لأحد أن يتكلم، و90% من سكان غزة متفائلون بثورة 30 يونيو، ويريدون «سيسى» آخر فى القطاع، حتى يحررنا من القمع، والاستعباد، لأنهم مقتنعون بأن نجاح ثورة 30 يونيو فى القضاء على الإخوان فى مصر سيكون خطوة على الطريق للقضاء على «حماس» فى غزة، وأريد أن أقول إن مواطنى غزة سعداء بحملة غلق الأنفاق، فقد نعانى بعض الوقت، لكن فى النهاية نحن نرى أنها خطوة مهمة للتضييق على حركة حماس، تمهيداً للقضاء عليهم تماماً، نحن نعيش تحت حكم فصيل استولى على الحكم بانقلاب، بل يمكن القول إنه «تمرد» على حكم أبومازن، فحسب الوضع فى مصر سيتحدد مصيرنا فى غزة، وبكل ثقة فإن ثورة 30 يونيو أنقذت مصر والأمة العربية كلها، والقضية الفلسطينية أيضاً من خطر داهم اسمه «حماس»، وكل الناس التى خرجت فى غزة تؤيد ثورة 30 يونيو، أطلق عليهم الرصاص الحى فى الشوارع، فحماس لا تريد المصالحة وتريد أن تحتفظ بغزة كملاذ أخير للإخوان المسلمين». 
وبشأن تبنى حماس شعارات المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلى، قال «ص. ب» أحد المعارضين لحكم حماس فى غزة: «سلاح كتائب عز الدين القسام أحيل إلى التقاعد منذ سنوات وبات ممنوعاً عليه ممارسة أى شكل من أشكال مقاومة الاحتلال الإسرائيلى، بل بات يلاحق المقاومين الحقيقيين، وقمع إرادة الشعب الفلسطينى الرافض لحكم حماس ومصادرة الحريات العامة، والخاصة، وأصبح سلاح حماس وجهته الأساسية رؤوس وصدور الجماهير، وحماية الفاسدين، والقتلة، والمجرمين، وتوفير الحماية للإرهابيين فى سيناء ومساعدتهم فى المساس بالأمن القومى المصرى». 
لا تتوقف دولة القمع فى ظل حكم حماس على الحريات العامة وملاحقة معارضيها من أعضاء حركة تمرد غزة، بل شملت كل الحريات الشخصية، ويقول «أ. ر»، صاحب أحد المحلات الشهيرة فى غزة: «لقد تحولت غزة تحت حكم حماس إلى «قندهار» جديدة تحت حكم «طالبان حماس» منذ عام 2007، فازداد الظلم والقهر بشكل لا يطاق فى قطاع غزة من قبل حكومة حماس تجاه شعبنا فى غزة، وعاش أهالى غزة على مدار السنوات السبع الماضية فى ظلم واعتقال وقهر وتدهور اقتصادى وسياسى، والامتيازات تعطى لقيادة حماس وكل من يدين لها بالولاء فقط، وهذا إن دلّ، فيدلّ على احتكار السلطة وعدم المساواة الاجتماعية، فكل ما يحدث الآن على أرض الواقع فى غزة من قبل حكومة حماس يستدعى التمرد ضد هذا الظلم والفساد الواضح». 
ويقول «د.ج»، أستاذ جامعى: «هل لكم أن تتخيلوا أن أحد الكُتاب اعتُقل مؤخراً، لأنه كتب مقالاً ينتقد فيه إخوان مصر، بل وأُجبر على التوقيع على تعهد كتابى بعدم التعرض لإخوان مصر مرة أخرى، فالبلد صغير تماماً ويعرف فيه كل شىء بسهولة، وكانت جماعة الإخوان المسلمين فى مصر ترى فى حماس رأس حربة فى هذا الصراع العبثى لتحقيق أجنداتها، وشكلت القضية الفلسطينية بالنسبة لها وسيلة للاستقطاب، والتخفى وراء شعارات فضفاضة تدغدغ المشاعر، وتسلب العواطف من الجماهير العربية والإسلامية التى تنظر لفلسطين وتحريرها من نير الاحتلال الإسرائيلى، باعتباره هدفاً دينياً، ووطنياً وقومياً، وإنسانياً، لهذا فهم خائفون أن يتكرر سيناريو 30 يونيو فى غزة، ورغم كل ما يحدث، فأنا مؤمن بأن دولة حماس إلى زوال، لكن هذا لن يكون من خلال توجه سياسى، لأنه ممنوع على الجميع الحديث فى السياسة أو الاعتراض، جل خوفهم من أن يجوع الشعب فى غزة، ساعتها سيخرج الشارع ضدهم تماماً، لهذا يروجون طول الوقت لشائعات الحصار وأن مصر تفرض الحصار وتريد تجويع الفلسطينيين، لإلصاق التهمة بمصر، فى حين أن غزة لا ينقصها شىء بالمرة». 
ويضيف: «لم يكتف حكم حماس بقتل أو الزج فى المعتقلات لكل صوت يعارض حكمهم، بل إن الآلاف من شباب غزة يعانى من البطالة بسبب عدم انتمائهم التنظيمى لحماس أو كتائب القسام، فيما عُرف بعملية «حمسنة» المؤسسات، والوزارات، والهيئات الحكومية على غرار عملية «أخونة» الدولة التى شرع فيها الإخوان إبان فترة حكم محمد مرسى لمؤسسات الدولة المصرية، هناك نسبة بطالة كبيرة فى غزة، الذى يريد أن يتوظف فى أى مؤسسة، أو هيئة، أو وزارة تابعة لحماس، عليه أن يحصل على شهادة من «أمير» المنطقة، وهو إمام أهم جامع فى المنطقة التى يقطن فيها هذا الشخص، لكى يثبت أولاً أنه ليس من حركة «فتح»، كما يثبت ثانياً أنه يصلى ويتردد على المسجد باستمرار، وتصدر له بعدها شهادة حسن سير وسلوك من خلال معلوماته الخاصة من خلال «مخبريه»، وإذا ما ثبت أن أحداً من أفراد عائلته كوالده مثلاً لا يتردد على المسجد، لا يعين، وليس من حق أحد الاعتراض فى إطار عملية «حمسنة ممنهجة» حدثت على مدار 7 سنوات»، وأشار إلى أن الإخوان عندما حكموا مصر اتبعوا نظام حماس فى السيطرة على مؤسسات الدولة، وفقاً لمدرسة حماس فى تطبيق هذا النظام فى السيطرة على الحكم منذ أن حكمت القطاع عام 2007، حيث نفذت عملية إحلال مباشر فى كل القطاعات من أشخاص ليس لديهم أى شهادات أو كفاءات تذكر للسيطرة على القطاع، لدرجة أن هناك أناساً يأخذون رواتب وهم لا يفعلون شيئاً، إلا أنهم ينتمون للتنظيم». 
وعن أوضاع المرأة فى ظل حكم «حماس»، تقول «ن.ك»، إحدى سيدات المجتمع الغزاوى: «فرضت حماس الحجاب الإجبارى على المحاميات، والجلباب، والحجاب بدلاً من الزى المدرسى، على مدارس البنات، وحظرت على المدرسين الذكور التدريس فيها باسم «تأنيث المدارس»، وحظرت على المدرسات التدريس فى مدارس الذكور فيها باسم «تذكير المدارس» بعد أن سن نواب حركة حماس قوانين تحظر الاختلاط فى المدارس بعد المرحلة الأساسية، ومنعت أيضاً تدريس الموسيقى ما فوق سن 12 عاماً، إمعاناً فى قمع الحريات العامة، وانتهاك التعدد الثقافى، والسياسى، والدينى، وتهديد الحريات الشخصية، وتصفية رموز الهوية الوطنية والثقافية للشعب الفلسطينى، كما دمرت «حماس» مقاهى الإنترنت، وحرقت مؤسسات تعليمية معروفة، ووظفت كل ذلك ومعه الإرهاب الفكرى التكفيرى، فى فرض سلطة الحكم الواحد، وفرض سلطة الإمارة السلفية المنعزلة عن الثقافات، والحضارة الإنسانية عن طريق قمع نصف المجتمع، بل إن العناصر الأمنية التابعة لحكومة حماس اقتحمت مؤخراً محيط ساحة الجندى المجهول بغزة واعتقلت مجموعة من الناشطات النسويات ولاحقت العديد منهن بعد محاصرة المكان ومصادرة الكاميرات والموبايلات لمنع التصوير والتعدى بالضرب على كل الذين كانوا يستعدون للمشاركة فى فعاليات الحملة الوطنية لإنهاء الانقسام التى كان من المقرر أن يتم خلالها إحياء ذكرى استشهاد الرئيس ياسر عرفات». 
وتضيف: «تتدخل شرطة حماس أيضاً فى طريقة ونوعية ملابس الشباب أو إطلاق شعورهم، لدرجة أن شرطة حماس اعتقلت مجموعة من الشباب، وقصّت شعورهم بطريقة مهينة، تحت دعوى أن تسريحاتهم خادشة للحياء، واعتدت على عدد منهم بالضرب، كما أجبروهم على التوقيع على تعهد بعدم إطالة الشعر، أو عمل تسريحات غريبة، أو ارتداء «بنطلونات ساقطة»، ولا يوجد فى قطاع غزة مراكز تجميل، وكوافيرات يعمل بها رجل، ومن يضبط وهو يعمل فى أحد مراكز التجميل النسائية، يعتقل ويغلق المكان ويدفع غرامة 20 ألف دولار بدعوى أن عمله فى هذه المراكز حرام، بل إن المطرب الفلسطينى، الشاب محمد عساف، الذى فاز فى برنامج «أراب أيدول» مؤخراً كان كل مرة يغنى فيها فى غزة «يتعجن ضرب وكسروا له عضمه أكثر من مرة»، خاصة حينما يغنى أغنية «على الكوفية» التى تدعو لتوحيد الصف الفلسطينى، حتى أنقذه أبومازن بتسفيره إلى الضفة». 
لا يتوقف قمع ميليشيات حماس المسلحة عند حدود التدخل فى طبيعة ونوعية التعليم للأطفال فى المدارس، بل وصل الأمر إلى فصل العديد من أساتذة الجامعات بسبب استخدامهم مصطلحات لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية فى مناهجهم، على حد وصف قادة حماس، ويقول «ن. م»، أحد أساتذة الجامعة: «سيذكر التاريخ أن «حماس» أبلغت واحداً من أكثر أساتذة الجامعة رقياً فى النقد، والأدب العربى، وهو الأستاذ خضر عطية بالاستغناء عن خدماته من جامعة الأقصى فى غزة، لأنه استخدم فى محاضراته مصطلحات من عينة أحفاد القردة، والخنازير، والحرائر التى وصفتها «حماس» بأنها غير شرعية، وأنه كان عليه أن يستخدم مصطلحات «اليهود والنساء». 
ويضيف قائلاً: «لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل فصل أيضاً الدكتور أيوب عثمان، أستاذ الأدب فى جامعة الأزهر التى تعد إحدى الجامعات المهمة فى غزة، بسبب جملة قالها فى إحدى قصصه القصيرة بعنوان الحب فى الحرب، التى ألقاها على مسامع طلبته فى إحدى محاضراته وهى «فجعتُ إذ شدنى من يدى واحتوانى بصدره، أحسست بحرارة طفيفة تنبعث من صدره»، والموجودة فى قصة قصيرة بعنوان: الحب فى الحرب، واتُهم بنشر الفاحشة بين طلاب الجامعة وأحيل للتحقيق، إنهم يكرهون الشعر والأدب وكل ما له علاقة بالإبداع والحياة».
ويتابع: «هل لكم أن تتخيلوا أن الرئيس أبومازن منح جامعة الأزهر 130 «دونماً» لبناء الجامعة، وفى البداية لم يكن لدى الجامعة أموال لإتمام عملية البناء، وحين حصلت على التمويل اللازم من بعض المنح للبناء، كانت حماس حكمت القطاع، فقالوا لهم انسوا، وبعد مشاورات ومفاوضات طويلة أعطوهم من الأرض 80 «دونماً» فقط ليس كمنحة، بل عليها ضرائب 1% من ثمن الأرض تدفع سنوياً». 
لم يتوقف أتباع حماس عن سياسة الجباية، فيما يتعلق بالأنفاق، بل امتدت هذه السياسة إلى كل من يملك منشآت خاصة تدر عليه ربحاً شرعياً بحكم عمله، ويقول «ت. ص»، أحد أشهر رجال الأعمال فى غزة: «أحد أعضاء كتائب القسام عرف أن لدىَّ سولارا، اشتريته بحُرّ مالى لتشغيل مصانعى، فجاء لى وقال سؤالاً محدداً، هل ستسلم السولار الذى عندك كله لنا أم لا؟ فقلت له: لا، وعلى الفور جاءت لى 3 سيارات محملة بكتائب القسام ورجالها، وأخذوا السولار كله تحت تهديد السلاح وفى النهاية بعد توسلات كثيرة تركوا لى 5 آلاف لتر فقط لسيارات الأسرة، وبعد 6 أشهر طردوا كل الموظفين فى مجموعة المصانع التى أملكها لتكون ملكية خاصة لهم، وقالوا لى، عليك أن تدفع 10% من الأرباح، فقلت لهم إنى لا أكسب، ودفاتر المصانع تثبت ذلك، فقالوا لنا ليس لنا شأن بهذا الأمر، وفى النهاية وصلنا إلى مليون دولار تدفع سنوياً جباية إلى أن تعمل المصانع مرة أخرى، وإما الدفع أو الاعتقال». 
ويروى «ش. ر»، أحد أشهر الأطباء فى غزة كيف استولت «حماس» على مستشفاه الخاص عقب انقلاب 2007 قائلاً: «فوجئت فى أحد الأيام باقتحام مجموعة من كتائب القسام لمقر المستشفى، وقالوا لى بالحرف الواحد: «أنت الآن تقاعدت ويفضل لك أن تجلس فى المنزل، ونحن نريد هذا المستشفى، وأخرجونى وكل العاملين من المستشفى تحت تهديد السلاح، وحينما سألت أحد عناصر كتائب القسام التى كانت تحاصر المستشفى عن وجود قرار قضائى أو رسمى، يعطى لهم هذا الحق، فهذا شغل «مافيا» وليس شغل دولة فيها قانون، فغضب الشاب القسامى بشدة وقال لى: نحن من نملك قرارنا، كيف لك أن تسأل سؤالاً كهذا؟ لولا أنك رجل كبير فى السن لكان لنا معك تصرف آخر». 
فيما يروى «ب. ن»، صاحب محلات ذهب، كيف استولت كتائب القسام، بعد انقلاب 2007 مباشرة، على 3 خزائن من الذهب كبيرة الحجم هى كل ما يملكه بعد عمل جاوز 30 عاماً، وعندما سأل عن القضاء، جاء الرد من الأهالى: لا قضاء فى الدولة، القضاة إما يخضعون للرشاوى أو التهديد من كتائب القسام.