جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

مصر خسرت 70 الف فدان من اجود الاراضي الزراعية

احمد سعيد -

استغل بعض الانتهازيين الأوضاع الأمنية السيئة وحالات الانفلات الأمنى التى عاشتها البلاد وقاموا بهجمة تعديات شرسة على الأراضى الزراعية بالمحافظات سواء بالبناء أو التجريف وإنشاء الآلاف من المبانى المخالفة. حيث راهن هؤلاء على أن السلطة التنفيذية وجهاز الشرطة باتوا  فى حالة من الضعف  والإنهاك تجعلهم عاجزين عن مقاومة أو إزالة التعديات التى حدثت على الأرض الزراعية آملين أن الحكومة الجديدة لن تقوى على إغصابهم بإزالة التعديات بعد أن ضاقت بهم مساكنهم وباتوا فى حاجة إلى توسعات دون النظر إلى الخطر المقبل جراء تآكل الرقعة الزراعية.

وبحسب دراسة مهمة فى هذا الصدد للدكتور «عادل عامر» أستاذ القانون ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية  تعتبر محافظة المنوفية هى الأعلى من حيث التعديات على الأراضى الزراعية فى مصرحيث التهمت التعديات 3588 فدانًا، بما يعادل 129 ألف حالة، حسبما تم رصده من خلال الأجهزة المختصة و هذه التعديات تتمثل فى إقامة منشآت خرسانية وملاعب وصالات أفراح . و فى آخر حصر لإجمالى التعديات تبين أن مركزى أشمون ومنوف هما الأكثر تجاوزًا من حيث عدد التعديات، حيث بلغت التعديات على الأراضى الزراعية بمركز أشمون 881 حالة، وفى مركز منوف 690 حالة تعدٍّ، بينما تفاوتت نسب التعديات فى باقى المراكز. ففى مركز تلا  بلغت 313 حالة وفى مركز بركة السبع 278 حالة، بينما بلغ عدد التجاوزات والتعديات على الأراضى الزراعية بمركز قويسنا 248 حالة وفى مركز الشهداء 179 حالة، وأخيرًا فى مركز السادات بلغ عدد حالات التعدى 114 حالة

بلاغات

لكن ظاهرة التعدى على الأراضى الزراعية انحسرت  قليلاً مؤخراً بنطاق مدن وقرى المحافظة حيث توقفت البلاغات عن حالات التعدى على الأراضى الزراعية،وذلك بعد دعم الوحدات المحلية بنطاق المحافظة بالمعدات واللوادر اللازمة لإزالة التعديات فى مهدها..وتعمل اللجان المكبرة للإزالة  حيث تم تنفيذ عدة حملات مكبرة أسفرت عن إزالة 350 حالة تعد على 16 فدانًا منذ منتصف أكتوبر وحتى أواخر نوفمبر الماضى . وقد ساهمت  حالة  الإنفلات التى تعيشها البلاد فى  تجاوز الكثير من الفلاحين والمواطنين فى القرى والمحافظات وقيامهم بالتعدى على الأراضى الزراعية، وقاموا بإنشاء المئات من المبانى المخالفة، ولكن أجهزة الدولة رصدت هذه المخالفات بتحرير المحاضر ضدها للحفاظ على الرقعة الزراعية. هذا وقد كشف وزير الزراعة واستصلاح الأراضى عن حجم التعديات على الأراضى الزراعية خلال ثورة 25 يناير، والذى قدرها الخبراء بأكثر من 60 ألف حالة وقعت على أكثر من 3500 فدان بأجود الأراضي. وقال الوزير إن وزارة الزراعة قد قررت فرض غرامة قيمتها 1% يوميا من قيمة التعديات على الأراضى الزراعية وفقا لقيمة الأعمال المقامة عليها مشيرا إلى أن هذه المخالفات لاتزول وتورث فى حال وفاة المتعدى على الأراضى الزراعية وفقا للقانون. وأشار إلى أن وزارة الزراعة قامت بمخاطبة النائب العام ووزير العدل لسرعة البت فى قضايا التعديات على الأراضى الزراعية مشيرا إلى أن مجلس الوزراء وجه وزارة الداخلية عندما تستعيد عافيتها إلى المشاركة فى تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة بشأن التعدى على الأراضى الزراعية.

محاضر

من ناحية أخرى سجلت العديد من  الوحدات المحلية تلك التعديات، فى محافظة القليوبية على سبيل المثال  تم تحرير 150 محضرا ضد المعتدين على الأراضى والبناء عليها بدوائر وأقسام بنها وطوخ وقليوب وشبين القناطر والقناطر الخيرية، وأكد أن أجهزة المحافظة ستتخذ الإجراءات اللازمة ضد المخالفين وإزالة المبانى المخالفة تطبيقا للقانون.

وفى قنا. استغل عددا من المواطنين الأحداث الراهنة فى التعدى على أراضى الدولة بالبناء عليها أو تجريفها لعمل قمائن الطوب، وأكد مصدر تنفيذى انتشار هذه الظاهرة فى عدد كبير من القرى بالمحافظة.

وفى الدقهلية. شهدت بعض مراكز وقرى المحافظة العديد من حالات التعدى على أملاك الدولة والبناء على الأراضى الزراعية والحالة الصارخة كانت فى مدينة نبروه، حيث قام بعض الأشخاص بالبناء على 5 أفدنة ملك الأوقاف ونحو 5 آلاف متر كانت مخصصة لإسكان مبارك وقطعة أرض كانت لإنشاء مكتب بريد.

وفى بنى سويف. صرح محافظ بنى سويف بأن مساحات كثيرة من الأراضى الزراعية بمراكز المحافظة تعرضت للتعدى من جانب المزارعين والملاك خلال الفترة القليلة الماضية أى منذ 25 يناير الماضى تفوق حالات التعدى خلال 4 سنوات مضت.

إزالات

وفى الإسماعيلية. قامت القوات المسلحة بإزالة العديد من الاكشاك والمفروشات التى أقامها الانتهازيون  على الأراضى الزراعية مستغلين حالة الفوضى والأحداث التى تمر بها البلاد اعتقادا منهم أنه سيتم تقنين أوضاعهم عندما تهدأ الأمور. ، وقام الانتهازيون بسرقة التيار الكهربائى من أعمدة الإنارة العمومية بدون وجه حق لإضاءة تلك الأكشاك والمفروشات المخالفة.

وفى الشرقية. بلغت حالات التعديات 1481 حالة على مساحة 150 فدانا منتشرة بجميع المراكز فى المحافظة كان أعلاها فى ديرب نجم وفاقوس والحسينية ومنيا القمح والإبراهيمية والزقازيق وبلبيس، وأوضح وكيل وزارة الزراعة بالمحافظة أن مسئولى حماية الأراضى قاموا بتحرير محاضر إثبات لحالات التعدي.

واستمرت حالات التعدى الصارخة على الأراضى الزراعية لتلتهم آلاف الأفدنة وسط صمت المسئولين. الغريب أن المعتدين أتلفوا زراعات القمح. مصدر الغذاء الرئيسى لشعب مصر، ولم يلتفتوا لخطباء المساجد الذين أكدوا أن هذه الأفعال حرام شرعا.

وطالب العديد من أبناء المحافظة الرافضين لهذه التعديات بضرورة الإسراع فى وأد التعديات، وأن تكون هناك وقفة لمواجهة التهام أجود الأراضى الزراعية.

الحاكم العسكرى

وفى مطروح قامت لجنة مشكلة من مندوب عن الحاكم العسكرى والمستشار العسكرى لإزالة التعديات على أراضى الدولة بمدينة مرسى مطروح والتى بلغت 29 تعديا، وقد شملت التعديات مناطق المساكن الطبية مبنى مكافحة الجراد التابع لمديرية الزراعة بمطروح ومنطقة غوط رباح، وعلم الروم، وأن التعديات عبارة عن الاستيلاء على أراض ملك للدولة، والقيام بالبناء عليها استغلالا للغياب الأمنى وبناء أدوار مخالفة، ولاتوجد لها تراخيص مبان وكذا تحويل الشقق الأرضية فى بعض المناطق إلى محلات مما يعرض هذه العمارات لخطر الإنهيار وتهديد المواطنين، وكذلك عمل جراجات سيارات.

حكومة قوية

وفى أسوان. نفذت محافظة أسوان أكبر حملة لإزالة التعديات على أراضى الدولة فى منطقة المحمودية بمدينة أسوان بالتعاون مع القوات المسلحة والشرطة ومجموعات ضخمة من الشباب وقد أسفرت الحملة عن إزالة 90 حالة تعد على أراضى الدولة، والتى استولى عليها بعض المواطنين أثناء ثورة 25 يناير الماضي، كما شهدت الحملة الاستعانة بأعداد كبيرة من القوات واللوادر وسيارات النقل والإطفاء والإسعاف مما أثار الرهبة فى نفوس الجميع بلا استثناء لدرجة أن معظم الأهالى رددوا عبارة »ما حدش يقدر على الحكومة«.

إشعال النيران فى اطارات الكاوتش القديمة والقاء الحجارة، ولكن تصدت لهم قوات الشرطة  وأطلقت عليهم وابلا من القنابل المسيلة للدموع من أجل تفريقهم حتى تتمكن المعدات من إزالة التعديات ونجح أفراد القوات المسلحة فى الفصل بين الشرطة والمواطنين المعتدين على الأراضى عندما حدثت احتكاكات بين الطرفين.

وفى الغربية. إن حجم التعديات من قبل الأهالى بالبناء على الأراضى الزراعية، والتى بلغت 140 فدانا على مستوى المحافظة وإزالتها على الفور، وذلك من أجل الحفاظ على الرقعة الزراعية بعد أن شهدت المحافظة الأيام الماضية تعديا صارخا على الأراضى الزراعية.

وفى محافظة الفيوم. وبحسب شهود عيان شهدت قرية الغرق بمركز اطسا تعديات على الأراضى الزراعية بالإضافة إلى قيام الأهالى بالبناء على حرم المدرسة الثانوية بالقرية، وقام عدد من الأهالى بالتعدى على الأرض التابعة لهندسة الرى بالقرية وقام الأهالى بعزبة فوزى التابعة للقرية بالتعدى بالبناء على مركز الشباب.

وفى دمياط. وصل عدد التعديات على الأراضى الزراعية بالمحافظة 298 حالة وشهد مركز كفر سعد النصيب الأكبر من التعديات، حيث قام شقيق عضو مجلس شعب بالتعدى على 8 أفدنة من أجود الأراضى الزراعية وحدائق الفاكهة فى زمام كفر البطيخ، وبنى سورا حولها مع بداية الثورة، قبل حل مجلس الشعب، ووضع حجر أساس لفيلات ووحدات سكنية لبيعها، وعرض باقى الأرض للبيع.

من ناحية أخرى كشف تقرير حكومى أصدرته وزارتا الزراعة والتنمية المحلية عن وصول عدد حالات التعدى بالبناء على الأراضى الزراعية بعد ثورة 25 يناير 13 ألفا و821 حالة بمختلف المحافظات. وأشار التقرير إلى أنه سيتم التنسيق مع وزارتى الكهرباء والإسكان لحظر توصيل المرافق إلى المناطق المخالفة بالإضافة إلى البدء فى إجراء تعديلات على اللائحة التنفيذية لقانون البناء الموحد للسماح بزيادة الارتفاعات فى البناء فى القرى رأسيا.

الأكبر

المنيا أكبر محافظات الصعيد من حيث عدد السكان وبها أكثر من 80% من السكان يعملون بحرفة الزراعة كما يوجد بها أكثر من نصف مليون فدان أراض زراعية ومنذ يناير 2011 بدأت هجمة شرسة على هذه الأراضى سواء بالمدن أو القرى حتى وصلت التعديات إلى أكثر من 34 ألف حالة تعد بمساحة وصلت إلى 1700 فدان.و أن أهم أسباب زيادة التعديات على الأراض الزراعية هو عدم وجود أراضى مخصصة للبناء فى ظل حاجة الأجيال الجديدة إلى سكن.

 إن حالات التعدى على الأراضى الزراعية بمحافظة المنيا وصل إلى 33 ألف حالة تعدياً فى الفترة ما بين يناير من عام 2011 وحتى نهاية عام 2012 وأن مركز ملوى تصدر قائمة التعديات بأكبر حالات تعدى وصلت 5352 حالة بإجمالى مساحة 222 فداناً تم إزالة 1008 حالات منها فى حسين صابر مركز العدوة فى المركز الأخير بـ 1152 حالة تعدى على مساحة 45 فداناً تم إزالة 876 حالة منها وأن معظم حالات التعدى جاء من خلال إنشاء مزارع الدواجن وثلاجات الخضروات وأبراج المحمول التى تدر دخلاً كبيراً على أصحاب هذه الأراضى بعد القيام بتبويرها.إن القانون الجديد بدأت بالفعل عملية مراجعته، حيث يتضمن تحويل مخالفة التعدى على الأراضى الزراعية بالبناء أو التبوير إلى جناية بدلا من جنحة عقوبتها السجن من 3 إلى 15 عاما وغرامة مالية تصل إلى 500 ألف جنيه ،لافتا إلى أن الإعفاء من العقوبة

وتقترح الدراسة لعلاج ظاهرة التعدى على الأراضى الزراعية بالبناء مايلى :-

1- تمليك الأرض المستصلحة لمن قام بذلك الأمر وأراضينا الصحراوية فى المحافظة كبيرة جدا لكن التعنت من قبل النظام السابق وحكوماته حرًم على المصريين ذلك وعاقبهم على أى محاولة منهم للاستصلاح ووضع فى طريقهم العراقيل من الروتين الحكومى والموظفين المرتشين!والحل كما جاء به الإسلام العظيم تمليك الأرض  المستصلحة بالمجان ـ وكهدية سائغة ـ الأرض لمن أحياها، كما دلّت على ذلك النصوص الكثيرة.. ولا يوجب الإسلام لإحياء الأرض الجرداء التى لا مالك لها تقديم عريضة إلى الحكومة والاستئذان منها، والتسجيل أو التسوية، أو غير ذلك والذهاب والمجيء، واللف والدوران، وبذل الجهود والأموال وإفناء الطاقات، وغير ذلك من الروتين المعروف إذ أنّ هذه القيود هى التى تقف دون ازدهار الزراعة ، وتمنع عن تقدم العمران.

2-ضرورة إصدار تشريعات رادعة تجاه الفلاحين لعدم البناء على الأراضى الزراعية وتفعيل القانون الحالى والذى يعاقب كل من يقوم بتجريف الأراضى الزراعية بدفع  غرامة حد أدنى 10آلف جنيه وحد أقصى 100الف جنيه،والحبس 6 أشهر إلى 3 سنوات وأقترح أن يقوم المواطن الذى قام بالبناء أن يدفع غرامة،وتقوم الدولة بأخذ المبلغ وتخصيصه من أجل استصلاح مساحة مقابلة لما تم عليها البناء.