النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

تزوجا في الـ 15 والـ 14.. والسبب؟

-

في منزل صغير شمال قطاع غزة بلا كهرباء ولا ماء ولا ثلاجة ولا غسالة، تزوج صبي فقير يبلغ 15 سنة من ابنة عمه التي تصغره بسنة واحدة، ما اثار جدلاً واسعاً في الاراضي الفلسطينية.

 

ورغم ان زواج صغار السن كان أمراً عاديأ في السابق، إلا ان قصة زواج احمد عماد صبح ذي الوجه الطفولي من ابنة عمه تالا تبدو كفيلم خيالي مثير للجدل في اوساط الشباب في هذا القطاع المحاصر والذي يغلب على سكانه التدين.

 

ويعتقد احمد الذي يحكي ببراءة ان زواجه سيفتح له باب الرزق، مشيرا الى ان "ابي وامي مريضين وجميع اخوتي معوقين ولا احد يعيل العائلة، ما اضطرني للخروج من مدرستي والزواج".

 

وبعدما ساعدته زوجته في ارتداء فانيلا صيفية حمراء اللون، اضاف: "ليس لدي عمل، ولكن ابيع ما اجمعه من زجاجات بلاستيك (عبوات العصائر) التي اجمعها من القمامة وابيع يوميا بثلاثة شواكل (اقل من دولار)".

 

يضيف: "انا احب تالا لذلك طلبت من عمي ان اتزوجها، وقلت له انني سأنتحر ان لم نتزوج، فوافق واقمنا حفلا بسيطا للفرح بمساعدة الجيران".

 

من جهته، يعتبر المسؤول في المركز الفلسطيني لحقوق الانسان حمدي شقورة ان هذا الزواج "ظاهرة في غاية الخطورة تكرس انتهاكاً جديداً للاولاد"، مشدداً على "بذل المنظمات المجتمعية والمدنية كل جهد لإيجاد وعي، خصوصا في المناطق المهمشة".

 

وطالب شقورة برفع سن الزواج القانوني، اذ ان القانون الشرعي الحالي يسمح بزواج من هم فوق السادسة عشرة حال توافر البلوغ والاهلية العقلية.

 

وتشرح والدة العريس ام فريج (37 سنة) وامامها موقد نار من الحطب: "زوجت احمد من دون ان ندفع مهرا للعروس... لكننا كتبنا في عقد الزواج ان المهر دين وسنقوم بسداده عندما تتحسن الاوضاع".

 

وتأمل المرأة التي تعاني من الفشل الكلوي في ان يفتح زواج ابنها المساعدة، وقالت: "امنيتي ان ارى البيت مليئا باولاده"، معبرة عن حزنها الشديد لعدم تمكنها من توفير حفل زفاف وحفل حناء للعروس مثل غيرها.

 

وأعاد زواج احمد في سن مبكر امه بالذاكرة عندما تزوجت قبل عشرين عاما وعمرها لا يتجاوز السادسة عشرة من ابن عمها الذي يكبرها بسنة، موضحة ان "المأذون كان مندهشا ورفض في البداية التوقيع على عقد زواج احمد، لكن عندما تأكد من بلوغ الولد والبنت وافق".

 

وتوضح العروس تالا ان لا احد اجبرها على الزواج، وتقول: "تزوجت من احب وسأساعد زوجي في العمل لأننا فقراء حتى تتحسن احوالنا ونساعد العائلة، واتمنى ان تصلنا مساعدات ".

 

وبدت الفتاة الصغيرة الخجولة وطويلة القامة سعيدة لزفافها بفستان ابيض، وتقول: "فستان الفرح شحتة (سلفة) ولم اذهب للكوافير مثل العرايس". وتضيف بشيء من التحدي: "نريد انجاب الاولاد حتى يكبروا بسرعة ليساعدوا ابوهم المسكين".

 

ويقاطعها احمد قائلاً: "حرمت من التعليم لانني لا املك المال لشراء شنطة المدرسة والملابس والكتب، لكني سأعمل ليل نهار ليتعلم اولادي ويصبحوا اطباء ومهندسين ويساعدوني. طموحي ان ابني بيتاً يسترنا ويحمينا من المطر والبرد".

 

ويقيم العروسان حالياً في غرفة في البيت الصغير المغطى بصفيح مهترئ ملأه الصدأ ومكون من غرفتين وزاوية كالمطبخ بلا أوان للطبخ ومن دون اجهزة كهربائية باستثناء ثلاجة قديمة حولها احمد خزانة.

 

وتشكو ام فريج، التي كانت تطعم اثنين من اولادها المعوقين حركياً صلصة الفلفل الحار المطحون وبقايا حمص في صحن بلاستيك عليه ذباب "لا يوجد في البيت ثلاجة ولا غسالة ولا غاز للطهي ولا ادوات مطبخ ولا حتى ملابس".

 

وعمدت تالا الى صب الماء الساخن على رأس زوجها ليغسل شعره قبل خروجه للعمل حيث كان قد أعد عربته الصغيرة التي يجرها حصان ضعيف.

 

ويقول احمد: "نأمل من الاونروا أن تساعدنا لأنني شاب متزوج واعيل اسرة"