الظلام و الحر اجباري علي المصريين

من جديد في عهد الرئيس المنتخب محمد مرسي ورئيس وزرائه هشام قنديل يعيش المصريون مابين الظلام والحر وما يترتب عليهما من عطش ووجع وألم وخسائر في الأنفس والأموال وذلك بسبب أزمة انقطاع الكهرباء ، والتي باتت تُشكل كابوساً يثير المخاوف لدي الكثيرين، لاسيما وأن الكهرباء تعد العمود الفقري لإدارة الكثير من المجالات، لعل أبرزها المجالات الطبية ، حيث يؤثر انقطاع الكهرباء علي عمل حضانات الأطفال والعناية المركزة والعمليات، باعتبار أن هذه الأقسام هي الأكثر تعرضًا للخطر المباشر الذي لا يمكن تداركه .
كما أن القطاع الصناعي أيضاً قد يتأثر بانقطاع الكهرباء، خاصة وأن هناك مصانع كثيفة الاستخدام للطاقة، وإنقطاع الكهرباء قد يؤثر علي انتاج المصانع ، وقد يؤدي لتوقف عجلة الإنتاج بتلك المصانع، وإلي جانب ذلك هناك الكثير من المتضررين من انقطاع الكهرباء لعل أبرزهم أيضاً طلاب الثانوية العامة.
وجراء هذا الكابوس، تزايدت التساؤلات حول ما هو السبب الرئيسي وراء الانقطاع المستمر للكهرباء في هذه الفترة ؟ ، وما هي السبل التي ينبغي علي وزارة الكهرباء اتباعها لحل الأزمة ؟ ومن هم ضحايا انقطاع الكهرباء؟، وما هي البدائل التي ينبغي علي الجميع اتباعها كبديل لحل أزمة الكهرباء؟ وهل يؤثر انقطاع الكهرباء علي حضانات الأطفال والعناية المركزة، أم هناك بدائل لانقطاع الكهرباء؟.
سطور التحقيق التالي تجيب علي هذه الأسئلة المهمة وغيرها من الأسئلة المرتبطة بهذه القضية الخطيرة والشائكة فإلي التفاصيل :-
في البداية يبدد الدكتور محمد عبد السلام مدير مستشفي السلام بكفر الزيات ما يتعلق من المخاوف بشأن الخدمة الطبية المرتبطة بحياة الاطفال والكبار في المستشفيات الكبيرة فيؤكد ، أن انقطاع الكهرباء لا يؤثر علي الإطلاق علي عمل الحضانات والعناية المركزة، إذ أن هذه الأقسام تعمل بمولدات كهربائية تعمل بعد ثلاثة ثواني من انقطاع الكهرباء، هذا الأمر لا يعرفه الكثيرون، لذا تزداد المخاوف بين الأمهات من انقطاع الكهرباء علي أطفالهم في الحضانات، لافتاً إلي أنه في الوقت ذاته يوجد حضانات جديدة لا تتحمل الانقطاع فتؤدي إلي تلفها، الأمر الذي يؤدي لخلق مستشفيات بلا حضانات.
وشدد عبد السلام علي ضرورة أن تضع وزارة الكهرباء في اعتبارها أن هناك الكثير من المستشفيات الصغيرة والمراكز الطبية والعيادات الخاصة تعد غير مجهزة بالتقنيات البديلة للكهرباء كالمولدات الكهربائية، إذ أن المولد لا يتوافر في كل المستشفيات ، لذا ينبغي علي وزارة الكهرباء أن تُسرع في إيجاد حلول لانقطاع الكهرباء، خاصة وأن المريض يكفيه عذاب المرض.
وأضاف أن انقطاع الكهرباء قد يكون له تأثير كبير علي الصيدليات، إذ قد يؤدي إلي فقد بعض الأدوية فاعليتها، كـ " الأنسولين" الذي يستخدمه الكثير من مرضي السكر، و"لبوس الأطفال" وغيره من الأدوية التي تحتاج لدرجة حرارة منخفضة، إذ أن ارتفاع درجة الحرارة يفسد بعض الأدوية، إضافة إلي أنه قد يؤدي لتوقف نظام التشغيل الذي يدير حركة المبيعات والذي يساعد الصيدلي في معرفة ما إذا كان الدواء الذي يطلبه المريض موجود بالصيدلية أم لا.
وأشار إلي أن الطاقة المتجددة والتي تعد من مصادر الطاقة النظيفة هي البديل أمام الحكومة لحل مشكلة انقطاع الكهرباء، بدلاً من الاعتماد علي البترول لتوليد الكهرباء، إلا أن هذا الحل يتضمن بعض العوائق التي لا تستطيع الحكومة عليها وهي ارتفاع تكلفة الطاقة المتجددة ، في الوقت الذي تعاني مصر فيه أزمة اقتصادية.
حل الأزمة
بينما يري المهندس فاروق الحكيم، عضو نقابة المهندسين ورئيس جمعية المهندسين الكهربائيين، أن مصر أمامها بديل لحل أزمة انقطاع الكهرباء، وهي الاعتماد علي الطاقة الشمسية، والتي يمكن لمصر توليدها نظراً لارتفاع درجة الحرارة بها أغلب شهور السنة.
وأضاف الحكيم أن مصر إذا اعتمدت علي توليد الطاقة الشمسية قد يساهم بشكل كبير في حل أزمة الكهرباء، إضافة إلي أن إنتاجها قد يزيد عن إنتاج الدول الأخري كألمانيا التي أقامت محطة " الكريمات "، إضافة إلي أن مصر تعد من أنسب البلدان لإنتاج مثل هذه الطاقة.
وأشار إلي أن مصر تعد من أكثر الدول التي تستخدم الطاقة الشمسية في القري السياحية والفنادق، وبعض المصانع التي تعتمد في بعض الصناعات علي عمليات التسخين الشمسي، إضافة إلي ان معظم الشركات تستخدم السخانات الشمسية، الذي يتميز دائماً بتوفير طاقة بسعر اقتصادي، لافتاً إلي أن السخانات الشمسية تعد من أنسب المشاريع التي ينبغي علي الحكومة الاعتماد عليها لما تتميز به من تكلفة منخفضة.
وطالب الحكيم وزارة الكهرباء بضرورة إنشاء جهاز مستقل لتنظيم الطاقة ، تتلخص مهامه في حل أزمة الطاقة الكهربائية التي تندلع من فترة لأخري وتهدف لتعظيم إنتاج الطاقة.
سبب رئيسي
بينما أكد الدكتور صلاح جودة " الخبير الاقتصادي" أن السبب الرئيسي وراء أزمة الكهرباء التي يعيشها المواطن المصري خلال هذه الأيام، يعود لنقص الوقود والغاز الطبيعي ، الأمر الذي أدي لعجز محطات توليد الكهرباء عن تحمل الأحمال والتي باتت زائدة، إضافة إلي أن وزارة الكهرباء لم تجر أي صيانة دورية علي هذه المحطات، الأمر الذي أدي لضعف قدرتها في ظل الاستهلاك الكثيف والضغط الأحمال عليها.
واشار إلي أن اعتماد محطات توليد الكهرباء بنسبة 95% علي الغاز والمازوت في الوقت الذي تعاني فيه مصر من نقص شديد في المنتجات البترولية جراء تصديره للخارج.
ولفت جودة إلي أن هناك أسباب أخري وراء أزمة الكهرباء بخلاف عدم توفير مصادر الطاقة وهي تصدير الكهرباء لدول الربط المجاورة وهي " ليبيا والأردن وتركيا وسوريا والعراق و لبنان وفلسطين" .
وأوضح جودة أن انقطاع الكهرباء يكون له تأثير سلبي علي الاقتصاد المصري، إذ يؤثر علي إنتاج المصانع وعلي الأسر المصرية، وعلي مظهر مصر الخارجي لاسيما في ظل إعلان وزير الطيران مؤخرًا عن انقطاع التيار الكهربائي عن المطار يوميًا لمدة 4 ساعات سوف يؤثر بالسلب أيضاً علي السياحة، إذ سيقلل عدد رحلات الطيران.
وأشار إلي أن هذه الأزمة سببها سوء إدارة من الحكومة وليس في توفير الموارد ، خاصة وان مصر دولة تعد من أبرز الدولة الغنية بمواردها المتوفرة في شتي المجالات.
وشدد جودة علي ضرورة أن تسعي وزارة الكهرباء لحل أزمة الكهرباء من خلال إنشاء محطات توليد كهرباء جديدة لتخفيف الأحمال والحد من أزمة انقطاع الكهرباء، طالباً من وزارة الكهرباء بضرورة عمل صيانة دورية لمحطات توليد الكهرباء ، مع إصدار إعلانات تلفزيونية تحث المواطنين علي ترشيد استهلاك الكهرباء، إضافة لتشديد العقوبة علي سارقي الكهرباء للأبنية المخالفة.
وأشار إلي أن وزارة الكهرباء تسعي لحل أزمة الكهرباء من خلال إنشاء أربعة محطات جدد بطاقة إجمالية 2800 ميجاوات لتخفيف الأحمال والحد من أزمة انقطاع الكهرباء، خاصة في ظل وصول العجز في أوقات الذروة إلي 4 جيجا وات.
محطات جديدة
بينما أكد المهندس محمد عبد الخالق " مسئول بوزارة الكهرباء " في تصريحات خاصة لـ" النهار" أن الوزارة تسعي لحل أزمة الكهرباء هذه الأيام وذلك من خلال إنشاء أربعة محطات جدد لتوليد الكهرباء وتخفيف الأحمال عن المحطات القديمة.
وأوضح أن كل ما تردد عن تصدير الكهرباء المصرية للخارج أمر ليس له أي أساس من الصحة علي الإطلاق، لافتاً إلي أن اتفاقية تبادل الكهرباء مع دول المجاورة نصت علي التبادل في حالة وجود فائض، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إذ أن مصر تعاني من أزمة وليس فائض.
وأشار إلي أن مصر تسعي لتنفيذ مشروع الربط مع السعودية، والذي يتم من خلاله القضاء علي أزمة الطاقة، والذي سيتم بموجبه تبادل الطاقة بين مصر والسعودية في أوقات الذروة.
ولفت عبد الخالق إلي أن الوزارة تسعي لإدخال المحطات الجديدة للعمل،للحد من الأزمة خاصة مع اقتراب حلول شهر رمضان، بالإضافة إلي أن طلبة الثانوية العامة علي استعداد لمرحلة الامتحانات، وأن الوزارة باتت علي دراية أن انقطاع الكهرباء يؤثر علي القدرة التحصيلية للطالب.
بلا حل
بينما يري الدكتور حمدي عبد العظيم " الخبير الاقتصادي و رئيس أكاديمية السادات الأسبق" أن أزمة انقطاع الكهرباء لن يتم حلها خلال الفترة المقبلة، بل ستتفاقم، وذلك بعد إطلاق عدد من النشطاء عبر مواقع التواصل الإجتماعي لحملة " مش دافعين" والتي من شأنها تحميل الحكومة النتائج السلبية من انقطاع الكهرباء.
وأشار عبد العظيم أن انقطاع الكهرباء يؤثر سلبياً علي المصانع والسياحة، وقد يكون السبب الرئيسي وراء فساد الأطعمة بالمدن الجامعية لعل أخرها المدينة الجامعية بالزقازيق.
وأشار إلي أن إنتاج الكهرباء العام الماضي قد بلغ 23000 ميجاوات ، بينما وصل الاستهلاك في فصل الصيف إلي 27000 ميجاوات، وبالتالي أصبح العجز 4000 ميجاوات، لافتاً إلي أن الاستهلاك يزيد كل عام عن العام السابق له بنسبة 13%.
وأضاف أن حكومة الإخوان أكدت للشعب المصري أنها حكومة فاشلة في إدارة الأزمات، إذ تتبع حل لأزمة انقطاع الكهرباء عن طريق الدعوة لترشيد الاستهلاك بتوزيع بروشور بالشوارع علي الأسر المصرية، دون أن تبحث عن وجود مصادر للطاقة بديلة عن الكهرباء، إضافة إلي أن وزارة الكهرباء لم تقم بأي صيانة لكابلات الكهرباء المهملة صيانتها تماماً لسنوات، لاسيما وأن هذه الصيانة الدورية قد تلعب دوراً كبيرا في تقليل حجم فقد الكهرباء.
وأوضح أن المسئول الأول عن هذه الأزمة هي الحكومة الحالية والحكومة السابقة أيضاً ، خاصة ان هذه الأزمة تتكرر كل عام دون إيجاد أي حلول لها، مشدداً في الوقت ذاته علي الحكومة بضرورة إيجاد حلول سريعة لهذه الأزمة