من طنطا إلى العالمية...باحث مصري يتوصل لتقنية للكشف المبكر عن الألزهايمر والأمراض العصبية قبل ظهور الأعراض بسنوات

«البداية كانت في يوم سمعت بكاء أمي بعد نتيجة الثانوية العامة، فقد تفرغت لي ولأخوتي، وكان حلمها أن ترانا جيلًا نافعًا، وله بصمة في الحياة، للأسف، أصبتها بالإحباط الشديد في الثانوية العامة، لم أحقق حلمها في دخول كلية الطب واستكمال مسيرة والدي طبيب العيون المعروف الدكتور محمد فهمي موسى، بكت أمى بحرقة، ولا زلت أتذكر صوت بكائها، تبكي وحيدة، تكتم صوت بكائها حتى لا يسمعها أحد، وفى ذلك اليوم وعدتها أني سأدخل كلية العلوم، وسأكون "دكتور" بإذن الله، وستفخر بي، والحمد لله وفقت، ولكنها ماتت ولم ترَ النجاحات التي رزقنى الله بها، إلى روح أمي الطيبة الرحمة والمغفرة والسلام»، بهذه الكلمات حكى الدكتور إسلام موسى، ابن مصر، الأستاذ المساعد للبحوث بقسم الكيمياء بجامعة كونيتيكت الأمريكية، قصة نجاحه.

الدكتور إسلام موسى أستاذ مساعد للبحوث بقسم الكيمياء بجامعة كونيتيكت الأمريكية
وأضاف في حواره لـ «النهار» أن شائعة طريفة أثناء دراسة الدكتوراة بأمريكا قادته للابتكار، حيث حصل على براءة اختراع وبحثين و600 ألف دولار، وإلى نص الحوار:
- بداية…حدثنا عن حضرتك والتخصص؟
أنا إسلام موسى، أستاذ مساعد للبحوث بقسم الكيمياء بجامعة كونيتيكت الأمريكية، تخرجت من كلية العلوم بجامعة طنطا الأول على قسم الكيمياء الحيوية، وتم تعييني معيدًا، ثم حصلت على الماجستير في 2011 ثم سافرت للحصول على الدكتوراة من إحدى الجامعات الكبرى بأمريكا عام 2012، وكانت الانطلاقة.
- كيف تصف الرحلة العلمية في أمريكا، وما أهم محطاتها؟
رحلتي العلمية في جامعة كونيتيكت كانت مليئة بالتحديات ولكنها كانت ممتعة للغاية، ورأيت لأول مرة كيف يغير البحث العلمي حياة الناس بعيدًا عن الممارسات الأكاديمية، من خلال حل المشكلات في مجالات الصحة والطاقة والتعليم وغيرها، بعدما استكملت الدكتوراه عام 2018 بـ 18 ورقة بحثية تم نشرها بدوريات علمية مرموقة، استكملت أبحاث ما بعد الدكتوراة بداية من عام 2018 وحتى 2021، ثم عملت كعالم متقدم لمدة سنتين في شركة أسترازينكا بمدينة نيوهيفن، حيث شاهدت كيف يتم صناعة العلم داخل المعامل.
- كيف تغلبت على حاجز اللغة اثناء دراستك بجامعة كونيتيكت الأمريكية؟
اللغة الإنجليزية أكبر عائق واجهني، وكنت أجد صعوبة في التفرقة بين الكلمات المتشابهة، ولأن اللغة مهارة تُكتسب بالممارسة، خصصت نصف ساعة يوميًا لتطوير مستواي، عند سفري إلى أمريكا، اكتشفت وجود فجوة كبيرة في جودة اللغة الانجليزية الخاصة بي، ولم يتم اعتمادي لتدريس الطلاب في البداية، إلا أن المناخ الجامعي الداعم أتاح لي تدريبات مكثفة لمدة ستة أشهر، وبعد إتقان اللغة تم اعتمادي رسميًا، وحصلت على جوائز في تبسيط العلوم ومهارات الإلقاء، لتتحول نقطة الضعف إلى مصدر قوة.
- ماذا عن أصعب امتحانات الدكتوراة وقصة البحث الخاص ب «لص الذاكرة»؟
في بداية الدكتوراة كانت هناك شائعة أن الامتحان العام «General Exam» صعب جدًا، ومن يرسب فيه يخرج من برنامج الدكتوراه. الامتحان يعتمد على اقتراح فكرة بحثية جديدة والدفاع عنها أمام لجنة خماسية، اقترح المشرف أن تكون الفكرة خارج تخصصي الدقيق، ما سبب لي ضغطًا شديدًا، وفي ديسمبر 2015 وصلتني النسخة الورقية من مجلة«Science» وكان غلافها عن تقنية تعديل جيني جديدة تُسمى «CRISPR»، وتم اختيارها كأفضل اختراق علمي في ذلك العام، بدأت رحلة التعلم الذاتي، ودرست التقنية بعمق، وبعد سنتين من البحث توصلت إلى إمكانية يمكن استخدامها للكشف المبكر عن الأمراض، وكتبت مقترحًا بعنوان: «الإمساك بحرامي الذاكرة: استخدام تقنية الكرسبر في الكشف المبكر عن مرض الألزهايمر»
- وماذا حدث بعد ذلك؟
أعجبت اللجنة بالفكرة بشدة، لكن بعد ذلك تم رفض المقترح التمويلي 9 مرات لعدم وجود خبرة سابقة في أبحاث الكرسبر، ومع الإصرار والتعديل المستمر تمت الموافقة على تمويل بقيمة 600 ألف دولار، وتم تنفيذ البحث وحقق حساسية عالية جدًا للكشف المبكر عن الألزهايمر، ونشرنا ورقتين علميتين، وحصلت على جوائز دولية، وكان البحث حديث الصحف العالمية.
- ماذا عن مشرفك وتأثيره في مسيرتك؟
البروفيسور جامس راسلينج ليس مجرد مشرف، بل أب لطلابه، ومن أكثر الناس الذين أثروا في حياتي ومسيرتي العلمية، كان داعمًا، ويشجعنا دائمًا على التفكير خارج الإطار الأكاديمي.
- ما أمنياتك ونصائحك للباحثين وطلاب الثانوية؟
لدي حلم مساعدة والوصول إلى مليون باحث عربي، في ظل انخفاض نسبة الباحثين في الوطن العربي، أسست منصة «أكاديمي» لمساعدة الطلاب في الحصول على منح دراسية فى كبرى جامعات العالم وخوض تجربة علمية وبحثية حقيقية، كما أطمح إلى تمكين الطلبة العرب من الدراسة في كبرى الجامعات العالمية، ثم العودة لتطبيق ما اكتسبوه من العلم، وتأسيس شركات تسهم في تدعم الاقتصاد وتحسين حياة المواطنين.
- من تقول له شكرًا على دعمك وتشجيعك في مسيرتك العلمية؟
أقول شكرا لأمي وأبي وزوجتي ورفيقة رحلة الكفاح الدكتورة إسراء السيد.

