انهيارات مفاجئة تفتح ملف سلامة المنازل الطينية بإسنا

أعادت سلسلة انهيارات مفاجئة لثلاثة منازل قديمة في قرى مركز إسنا جنوب الأقصر، خلال فترة زمنية قصيرة، تسليط الضوء على أوضاع المساكن الطينية التقليدية، وسط حالة من القلق بين الأهالي، خاصة بعد سقوط منزلين بقرية الدير في أقل من أسبوع.
الانهيارات، التي لم تسفر عن خسائر بشرية، طرحت تساؤلات حول مدى أمان المنازل المشيدة بالطوب اللبن، ومدى تأثرها بعوامل بيئية وإنشائية تراكمت على مدار سنوات طويلة.
الأهالي يرجحون دور «القرضة»
سكان القرى المتضررة أشاروا إلى انتشار ما يعرف محليًا بـ«القرضة» أو النمل الأبيض، مؤكدين أن الحشرة تعمل في صمت داخل الجدران، وتتسبب في تآكل مكونات المباني الطينية من الداخل، قبل أن تظهر آثارها بشكل مفاجئ على هيئة تصدعات أو انهيارات كاملة.
في المقابل، أرجع عدد من الأهالي السبب إلى مشكلات أسفل المنازل، أبرزها تهالك شبكات الصرف القديمة، ووجود فراغات أرضية أدت إلى ضعف التربة وعدم قدرتها على تحمل وزن المباني.
رأي علمي: عوامل متداخلة
من جانبه، أوضح الدكتور حامد عبدالدايم، أستاذ بمعهد بحوث وقاية النباتات، أن النمل الأبيض قد يمثل عاملًا مساعدًا في تدهور بعض المنازل القديمة، خاصة المبنية بالطوب اللبن المخلوط بالقش، حيث يتغذى على المواد السليلوزية ويُضعف البنية الداخلية بمرور الوقت.
وأكد أن تأثير النمل الأبيض يظل محدودًا في المباني الحديثة، وينحصر غالبًا في الأخشاب، مشددًا على أهمية الفحص الدوري واتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة.
الزراعة تحسم الجدل
في المقابل، استبعدت وزارة الزراعة وجود علاقة مباشرة بين انهيارات المنازل والنمل الأبيض، مؤكدة أن الأسباب الرئيسية تتمثل في تقادم المباني وارتفاع منسوب المياه الجوفية، ما يؤثر سلبًا على التربة والأساسات.
وأوضح المهندس محمود فؤاد، وكيل وزارة الزراعة بالأقصر، أن اللجان المختصة لم ترصد دلائل تشير إلى نشاط النمل الأبيض داخل المنازل المنهارة، لافتًا إلى أن مكافحة الحشرة تتم وفق إجراءات وقائية محددة لحماية المباني المعرضة للخطر.
تحذير من تكرار المشهد
وتعيد الحوادث الأخيرة إلى الواجهة ضرورة فحص المنازل الطينية القديمة، وتكثيف حملات التوعية والصيانة، خاصة في القرى، لتفادي تكرار مشاهد الانهيار المفاجئ، في ظل تداخل عوامل الزمن والمياه والتربة، بعيدًا عن تحميل سبب واحد مسؤولية الأزمة.

