النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

مرشحات بلا حماية.. أين المجلس القومي للمرأة من اعتداءات الانتخابات؟

روجينا فتح الله -

مع تسارع الاحداث على أرض الواقع في انتخابات 2025، لم يكن التحدي فقط في كسب أصوات الناخبين، بل — كما تقول المرشحات — في مواجهة “بلطجة” واعتداءات، ومحاولات قمع سياسية، وبينما تدّعي مرشحتان أن حملاتهما تعرضت لانتهاكات أمنية وقانونية واضحة، ويَفترض أن يكون دور المجلس القومي للمرأة في مثل هذه الحالات بارزًا وحاسمًا، فـ أين هو الآن؟ هل يتحمل مسؤوليته كمظلة لحقوق المرأة؟ أم أن دوره ظل نظريًا فقط؟

سلّطت جريدة النهار الضوء على القصور الواضح في تعامل المجلس القومي للمرأة مع شكاوى واستغاثات المرشحات خلال انتخابات مجلس النواب 2025، وفي مقدّمتهن المرشحتان مونيكا مجدي وماريان شكري، اللتان أكدتا تعرضهما وأسرهما لاعتداءات وتجاوزات انتخابية دون أن يصدر عن المجلس موقف حاسم أو تحقيق معلن.

اعتداء وسرقة..
واجهت المرشحة مونيكا مجدي خلال انتخابات مجلس النواب 2025 سلسلة من الاعتداءات والضغوط التي طالتها وطالت أفراد أسرتها، بعد كشفها ما وصفته بـ«مخالفات المال السياسي» في دائرتها، وتعرضت شقيقتها ـ بحسب روايتها ـ لمحاولة اعتداء وسرقة هاتف تابع للحملة، كما تم احتجاز عدد من أفراد أسرتها داخل قسم الشرطة لساعات في ظروف وصفتها بأنها تعسفية، وأكدت مونيكا أن أنصار منافس لها مارسوا ضدها “بلطجة منظمة” أمام اللجان، في محاولة للتأثير على الناخبين وإرباك حملتها الانتخابية، ما أثار تساؤلات حول حماية المرشحات وضمان نزاهة العملية الانتخابية.

احتجاز وتعطيل حركتها..
أما المرشحة ماريان شكري، فذكرت أن أفرادًا من حملتها الانتخابية تعرّضوا للاحتجاز داخل محطة بولاق–روض الفرج، في الوقت الذي قالت فيه إن المعتدين لم يخضعوا لأي مساءلة، وروت ماريان تفاصيل عن محاولات تضييق استهدفت تعطيل حركتها ومنع أعضاء حملتها من متابعة اللجان، معتبرة أن ما جرى يمثل انتهاكًا صريحًا لحقوق المرشحات في خوض انتخابات حرة وآمنة، وجاءت روايتها لتضيف طبقة أخرى من القلق حول مدى توفر الحماية القانونية والأمنية للمرأة المرشحة، خاصة في ظل غياب ردود حاسمة من الجهات المعنية.

جراة انتخابية..
قالت النائبة سناء السعيد، عضوة المجلس القومي للمرأة ومقرر لجنة المشاركة السياسية، أن الانتهاكات الانتخابية التي شهدتها بعض الدوائر خلال الانتخابات الأخيرة لم تكن موجهة ضد مرشحة بعينها، موضحة أن التجاوزات كانت عامة وطالت رجالاً ونساءً على حد سواء، وأشارت السعيد إلى أن ما حدث للمرشحة مونيكا ليس حالة منفردة، وإنما جزء من مناخ انتخابي يشهد أحياناً تجاوزات مرفوضة، مؤكدة أن المجلس يرفضها شكلاً وموضوعاً.

وأشادت السعيد في تصريحات لـ "جريدة النهار"، بأداء المرشحة مونيكا خلال معركتها الانتخابية، لافتة إلى أنها خاضت تجربة مختلفة وغير تقليدية، رغم أنها حديثة العهد بالمجال العام، وأوضحت أن أسلوب حملتها البسيط والقائم على التواصل المباشر مع المواطنين، واستخدامها وسائل تنقل بسيطة مثل الدراجة، يمثل نموذجاً جديداً في مشاركة النساء بالمشهد الانتخابي، معتبرة أن خوضها المنافسة بهذا الشكل يمثل جرأة إيجابية تستحق التقدير بغضّ النظر عن عدد الأصوات التي حصلت عليها.

وأعلنت عضوة المجلس القومي للمرأة، أن المجلس القومي للمرأة كان يتابع العملية الانتخابية لحظة بلحظة من خلال غرفة عمليات شاركت فيها رئيسة المجلس وجميع المعنيين، مشددة على أن القانون لا يميز بين رجل وامرأة في التعامل مع الانتهاكات أو المخالفات، ودعت المرشحات إلى اتخاذ الخطوات القانونية فوراً عند التعرض لأي اعتداء أو تشهير، سواء عبر مكتب شكاوى المرأة (15115) أو من خلال مباحث الإنترنت، مؤكدة أن الدولة توفر المسارات القانونية، لكن على المتضررة أن تبادر بنفسها باتخاذ الإجراءات لضمان حقوقها.

صلاحيات غائبة..
قالت لمياء لطفي، مديرة البرامج بمؤسسة المرأة الجديدة، أن مجلس القومي للمرأة يعمل بصلاحيات محدودة للغاية، بحكم كونه جهة استشارية لرئيس الجمهورية وهيئة تابعة للدولة، وهو ما يجعله يتعامل بحساسية كبيرة مع أي ملفات تقترب من الشأن السياسي، بما في ذلك الانتهاكات التي تتعرض لها المرشحات خلال العملية الانتخابية، وأشارت إلى أن حالات مثل الاعتداء على مونيكا مجدي أو احتجاز أسرة ماريان شكري تعكس فجوات واضحة كان يجب على المجلس أن يتعامل معها بفعالية أكبر.

وأوضحت لطفي في تصريحات لـ"جريدة النهار"، أن المجلس يميل في معظم أعماله إلى الأدوار التدريبية والتوعوية والتعاون مع المؤسسات الرسمية مثل الأزهر والكنيسة والبرلمان، لكنه يتجنب إعلان مواقف مباشرة في الملفات ذات التماس السياسي. وأضافت أن هذا النهج ليس جديدًا، فحتى حين يشارك المجلس في قضايا مرتبطة بجهات رسمية مثل قضايا الأحوال الشخصية بالتعاون مع وزارة العدل نادراً ما يُعلن ذلك للرأي العام، لأن المؤسسة تتعامل مع نفسها كجزء من أجهزة الدولة وليس كهيئة ضغط مستقلة.

وأشارت لطفي إلى أن المجلس يتبنى منطقًا مفاده أن النساء البالغات لديهن القدرة على تقديم الشكاوى بأنفسهن، بخلاف المجلس القومي للطفولة المختص بالقُصَّر، إلا أنها تساءلت: هل طلبت المرشحات دعماً من المجلس ولم يتدخل؟ وهل يتخذ المجلس موقفًا واضحًا أمام الهيئة الوطنية للانتخابات حين تتعرض مرشحة لانتهاك؟ معتبرة أن غياب إجابات واضحة يعكس إشكالية في حدود تدخل المجلس، خاصة في القضايا التي تتقاطع مع عمل الهيئات الانتخابية، وهو ما يدفعه أحيانًا للانسحاب تحت مبرر "عدم الاختصاص".