النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

بعد تطاول بعض الطلاب على المعلمين...خبراء التعليم لـ«النهار»: تعديل قانون التعليم أصبح ضرورة لردع الطلاب وعودة هيبة المعلم...«أمهات مصر»: التربية تبدأ من البيت واحترام المعلم خط أحمر

تعدي طالب على مدرس - صورة أرشيفية
أحمد رشدي -

رغم جهود وزارة التربية والتعليم في انتظام سير العملية التعليمية وحماية جميع أفراد المنظومة من خلال إجراءات صارمة وقاسية، حيث أكد الوزير محمد عبداللطيف أن كرامة المعلّم خط أحمر، مؤكدًا أن الوزارة لن تتهاون ولن تسمح بأي شكل من أشكال التجاوز أو الإساءة التي تمسّ هيبة المعلّم، وأن الانضباط المدرسي واحترام المعلّم هما الأساس الذي تُبنى عليه العملية التعليمية، إلا أن تطاول وتعدي بعض الطلاب على المعلمين زاد في الآونة الأخيرة بشكل غير مسبوق، «تحقيقات» النهار تبحث مع الخبراء والمتخصصين عن الأسباب وراء هذه الظاهرة البغيضة والغريبة عن مدارسنا وكيفية التصدي لها.

«غياب القدوة والنموذج الإيجابي»...أستاذ علم النفس التربوي يوضح أسباب تطاول بعض الطلاب على المعلمين

الدكتور تامر شوقي الخبير التربوي وأستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس

وفي هذا الصدد، تساءل الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي وأستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس عن أزمة معلمة الإسكندرية، ومن المسؤول عن إهانة الطلاب لها؟، مؤكدًا أنه لا شك أن سلوك إهانة بعض الطلاب لمعلمة الإسكندرية يتنافي مع كل القيم الاجتماعية والتربوية، ويمكن عزو ذلك السلوك لعدة أسباب منها:إهمال التربية السليمة داخل الأسرة، وانشغال الوالدين عن متابعة أبنائهما

وأضاف أستاذ علم النفس التربوي في تصريح لـ «النهار» أن إدمان الطلاب لوسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها التي أكسبتهم عادات وتقاليد خاطئة، وعدم إتاحة أي فرصة للطالب داخل الأسرة لممارسة هواية يحقق بها ذاته، مما يدفعه إلى تحقيق ذاته من خلال ارتكاب تلك السلوكيات مع معلمته بجانب امتلاك الطالب طاقات انفعالية مكبوتة لا يجد لها متنفسًا يحظى بالقبول الاجتماعي، مما يدفعه إلى التعبير عنها بهذه الصورة.

وتابع: "تأثر الطالب بجماعة الأقران (الشلة) ورغبته في إثبات ذاته أمامهم من خلال القيام بمثل هذه السلوكيات أمام المعلمة، بالإضافة إلى طبيعة مرحلة المراهقة التي يسعى فيها المراهق إلى التمرد على رموز السلطة، والتي تمثلها المعلمة بجانب غياب أي أنشطة داخل المدرسة يندمج فيها الطالب ويُنفّس من خلالها عن طاقاته، ومن ثم ينفس عنها بهذا الشكل الخاطىء، فضلًا عن ضغوط الدراسة والتقييمات المستمرة، مما يجعل الطالب يتهرب منها عن طريق الإتيان بمثل هذه السلوكيات، بجانب ضعف التربية الدينية سواء داخل الأسرة أو المدرسة أو دور العبادة، مما يجعل الطالب أكثر عرضة للانحراف السلوكي".

وأوضح أن من ضمن الأسباب التي أدت إلى التعدي على المعلمة، غياب القدوة والنموذج الإيجابي في حياة الطالب، واستبدالها بنماذج سلبية، إضافة ضعف أدوات العقاب داخل المدرسة والتراخي في تطبيق لائحة الانضباط، مما يجعل الطالب يشعر بالأمان حتى لو ارتكب أي خطأ، واطمئنان الطالب إلى أنه لن ينال أي عقاب من والديه إزاء قيامه بسلوكيات عنيفة أمام معلمته، بل قد يقوم الوالدان لاحقًا بتقديم شكوى ضد تلك المعلمة بجانب ضعف قيمة التعليم والمدرسة في نظر الطالب.

وأشار «شوقي» إلى أن المخالفات التي ارتكبها الطلاب مع معلمة الإسكندرية وفقًا للائحة الانضباط المدرسي وعقوباتها: تندرج هذه المخالفات ضمن مخالفات الدرجة الثالثة (الخطيرة)، وقد شملت: التنمّر، الإساءة اللفظية والتطاول على العاملين بالمدرسة، إتلاف أو تخريب أثاث المدرسة وأدواتها، الاعتداء على سلامة جسد الآخرين داخل المدرسة، عدم اتباع تعليمات الأمن والسلامة.

واختتم الدكتور تامر شوقي حديثه مؤكدًا أن عقوبات الطلاب تشمل الفصل المؤقت من المدرسة لمدة أسبوع أو أسبوعين، أو حتى نهاية الفصل الدراسي، أو لمدة عام دراسي كامل، نقل الطالب إلى مدرسة أخرى، تحويل الطالب إلى نظام الدراسة من الخارج، مشددًا أنه بصفة عامة يجب اتخاذ عقوبة فورية ورادعة بحق هؤلاء الطلاب لا تقل عن الفصل حتى نهاية الفصل الدراسي أو العام الدراسي، ليكونوا عبرة لغيرهم، وللحفاظ على هيبة المدرسة، مع التحقيق في المشكلات القائمة بين المعلمين ومع الإدارة ، وغياب الإشراف

«غرامة مالية والحبس»...خبير تربوي يطالب بتعديل قانون التعليم لردع الطلاب

الدكتور عاصم حجازي الخبير التربوي وأستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاهرة

ومن جهته، أكد الدكتور عاصم حجازي، الخبير التربوي وأستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاهرة، أن الأسباب الرئيسية لسلوك التطاول على المعلمة في مدرسة الإسكندرية من قبل بعض الطلاب تنحصر فيما يلي: الأسباب التقليدية المعروفة مثل غياب الدور التربوي للأسرة والمدرسة وضعف الإشراف والمتابعة داخل المدرسة ووجود حصص فراغ بدون معلمين وغياب الانضباط وضعف الوازع الديني والأخلاقي.

وأوضح «حجازي» لـ «النهار» أن الفيديو المتداول للمعلمة تضمن أسبابًا أخرى تتمثل في: تعامل بعض المعلمين مع مثل هذه المواقف يتميز بضعف الثبات الانفعالي والتعامل بندية مع الطلاب، وهو ما يستثير دوافعهم العدوانية بشكل أكبر، فضلًا عن عدم وجود رادع أو عقاب مناسب لحجم المخالفات التي ارتكبها الطلاب فلا يوجد في القانون أو لائحة الانضباط عقوبات كافية لردع مثل هذا السلوك.

ولفت أستاذ علم النفس التربوي أنه من متابعة المشكلات الأخيرة التي تم تداولها في الأيام والساعات القليلة الماضية فإن المشكلة لا تكمن فقط في غياب الدور التربوي للأسرة والمدرسة وضعف العقاب فقط وإن كانت هذه أسباب منطقية ووجيهة، ولكن الحقيقة المؤلمة أن الأمر يتعدى غياب الدور التربوي للأسرة فهو كما يبدو ليس غائبًا بل حاضرًا، ولكنه حاضر بشكل غير صحيح ويبدو أن كلمة السر تكمن في التدليل الزائد، ويتضح هذا جليًا من عدم خوف الطلاب أو شعورهم بالرهبة نتيجة إعلان المعلمة أنها ستقوم بإبلاغ الأسرة.

وتابع: "يبدو من تضامن بعض أولياء الأمور مع أبنائهم في الأخطاء التي يرتكبونها، وهذا دليل قاطع على أن نمط التنشئة الاجتماعية السائد في الأسرة قائم على التدليل الزائد، وهو أسلوب تربوي خاطئ يدمر شخصية الطالب ويؤثر سلبًا على تكيفه مع المجتمع هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يبدو أن تعليم القيم يمر بأزمة سواء على مستوى الأسرة أو على مستوى المدرسة".

وأكد أن الحل يكمن في الاهتمام بتوعية الأسر بأساليب التنشئة الاجتماعية الصحيحة، وأضرار الأساليب الخاطئة والاهتمام بتعليم القيم في الأسرة والمدرسة بالإضافة إلى ضرورة تدريب المعلمين على ضبط النفس والثبات الانفعالي بجانب طرق تعديل السلوك بطرق صحيحة بعيدًا عن الصياح المتبادل والمعاملة بندية والتي تضر المعلم أكثر مما تفيده.

وشدد «حجازي» على ضرورة تعديل قانون التعليم وإضافة باب خاص بالعقوبات على أن تشمل هذه العقوبات غرامات مالية على الأسر، وقد تصل للحبس حسب طبيعة الجريمة ودرجة الإهمال، وكذلك تتضمن العقوبات تحويل الطالب للتعليم المهني وحرمانه من إكمال التعليم في التعليم العام، وذلك حسب خطورة المخالفة وتكرارها.

وأتم الدكتور عاصم حجازي حديثه مشيرًا إلى أهمية استغلال وقت الطالب بأنشطة مفيدة وتواجد معلمين وإشراف بالعدد الكافي وأنشطة تربوية تجذب انتباه الطالب ومراعاة لميوله واهتماماته.

بعد فيديو إهانة معلمة داخل فصل.....«أمهات مصر»: التربية تبدأ من البيت واحترام المعلم خط أحمر

عبير أحمد مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم وائتلاف أولياء الأمور

وفيما ترى عبير أحمد، مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم وائتلاف أولياء الأمور، أن الفيديو المتداول من داخل إحدي مدارس محافظة الإسكندرية، والذي يظهر فيه تجاوز من بعض الطلاب تجاه مُعلّمة أثناء الحصة، وهو مشهد مؤسف لا يليق بالمعلم ولا بالمدرسة ولا بالعملية التعليمية كلها.

وقالت «عبير»، في تصريحات خاصة لـ«النهار»، إن احترام المعلّمة واجب على كل طالب، وإن المدرسة يجب أن تكون مكانًا يحفظ كرامة المعلّم ويضمن بيئة منضبطة تساعده على أداء رسالته.

وطالبت مؤسس اتحاد أمهات، وزارة التربية والتعليم بالتدخل السريع، ومراجعة الإشراف داخل المدرسة، واتخاذ الإجراءات التي تضمن عدم تكرار هذه المواقف، والعمل على تعزيز قيم الانضباط والاحترام داخل الفصول، كما أكدت «عبير»، أن دور أولياء الأمور هو الأساس في تشكيل سلوك الأبناء داخل المدرسة، فالقيم التي يكتسبها الطالب من البيت تنعكس مباشرة على تعامله مع المعلم وزملائه.

وأوضحت مؤسس اتحاد أمهات، أن الطريقة التي يتحدث بها الأب أو الأم عن المعلم أمام أبنائهم يترتب عليها شكل احترامهم له، لذلك من المهم أن يغرس كل ولي أمر داخل أبنائه معنى التقدير والتهذيب، وأن المدرسة ليست مكانًا للضحك أو الفوضى، بل بيئة لتعلّم المعرفة وتكوين الشخصية.

ودعت عبير، أولياء الأمور إلى متابعة أبنائهم بشكل مستمر، والتحدث معهم بوضوح عن مسؤولياتهم وكيفية التعبير عن آرائهم دون تجاوز أو إساءة، مؤكدة أن التواصل الهادئ بين الأسرة والمدرسة هو الطريق الصحيح لمعالجة أي سلوك غير منضبط، وشددت مؤسس اتحاد أمهات، على أن تربية الأبناء على احترام المعلم ليست مجرد تعليمات مدرسية، بل قيمة أخلاقية تساهم في بناء جيل واعٍ ومسؤول قادر على احترام الآخرين والحفاظ على بيئته التعليمية.