النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

ملتقى الجامع الأزهر: صيانة ”الأعراض” هي عماد الحماية للبناء الأسري والاجتماعي في الأوطان

-

عقد الجامع الأزهر اليوم الثلاثاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، تحت عنوان: "حماية الأعراض صيانة للوطن"، وذلك بحضور كل من؛ فضيلة أ.د/ رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر، وأ.د/ محمود الصاوي، الوكيل السابق لكلية الدعوة بجامعةالأزهر، وأدار الملتقى الإعلامي عماد عطية.

في بداية الملتقى قال فضيلة الدكتور رمضان الصاوي ، إن "الأعراض" قيمة سامية لا يساوم عليها، ولصيانتها وحمايتها من التدنيس، شرع الحق -سبحانه وتعالى- الزواج كسبيل وحيد شرعي لإقامة الأسرة وتلبية الفطرة، وحرم في المقابل كل ما دونه من العلاقات كـالزنا، لما فيه من خطر عظيم يؤدي إلى اختلاط الأنساب وفساد المجتمع، قال تعالى: "وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا"، ولبيان عظم هذا الذنب، ورد في السنة النبوية الشريفة حادثة الرجل الذي جاء يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الزنا، فاستنكر عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمر، وعلمه قاعدة عظيمة في صيانة "الأعراض"، قال صلى الله عليه وسلم "هكذا الناس لا يرضونه" ويظل الزواج هو الأصل الذي يحقق مقصد الشريعة في التعارف والتكامل بين البشر، كما قال الحق -سبحانه وتعالى-: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"، فصيانة "الأعراض" من الفاحشة هو جزء لا يتجزأ من صيانة هذا التعارف والتماسك المجتمعي.

وأوضح فضيلة أن الإسلام وضع تشريعات صارمة لصيانة "الأعراض" وحماية الأنساب والمجتمع من الفساد، فحرم "نكاح المحارم" بقوله تعالى: "وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا" وحماية للنسل والأخلاق، شرع "حد الزنا" بقوله سبحانه: "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ" ولصيانة كرامة الأفراد وسمعتهم من التشويه، فرض "حد القذف" على من يتهم العفيفات دون شهود، فقال تعالى: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"، وتؤكد هذه الأحكام مجتمعة أن صيانة "الأعراض" هي عماد الحماية للبناء الأسري والاجتماعي في الأوطان.

من جانبه قال فضيلة الدكتور محمود الصاوي، إن قضية "الأعراض" هي قضية مركزية وأساسية أسس لها القرآن الكريم والسنة النبوية، حيث أولاها الوحي عناية فائقة، فوردت في القرآن آيات كثيرة تركز على مكانتها ووضعت حدودًا رادعة تجب على من ينتهك هذه الحرمة، هذه المكانة المحورية انعكست بقوة في الثقافة الإسلامية، التي تبنت هذه القيمة، حتى تجد مفاهيم عديدة في تراثنا تعبر عنها وتؤكدها، مثل: (الشرف والغيرة والنخوة)، ويشهد على عمق هذه القيمة أن تراثنا الأدبي غني بالمعاني التي تبرز قدسية العرض في حياة المسلمين، هذه الأهمية البالغة "للأعراض" هي ما جعلها هدفا أساسيا للقوى الاستعمارية التي سعت في بلاد المسلمين إلى فك ارتباط الإنسان بقدسيتها، وذلك من خلال إدخال مفاهيم مضللة مثل الانفتاح والتفتح، ومحاولة تحويله من مفهوم واسع وشامل يتعلق بالكرامة الإنسانية والحماية المجتمعية إلى معان ضيقة ومحدودة، عبر القصص والروايات ووسائل الإعلام لتمرير أجنداتها وتذويب القيم الأخلاقية.

وحذر فضيلته من الاستخدام غير الرشيد للتكنولوجيا، والذي تحول إلى تحد حقيقي يهدد نسيج المجتمع حيث أصبح الأفراد وخاصة الأبناء يقضون جل وقتهم أمام الشاشات وهو ما يشكل خطرا شديدا، هذا الانغماس غير المنضبط غالبا ما يؤدي إلى التعرض لمحتوى سيئ ومشوه نتيجة لعدم الاستخدام الرشيد لهذه المواقع والدخول العشوائي على مجتمعات افتراضية مشبوهة وغير موثوقة لقد بدأ هذا الخطر فعليا في تهديد أخلاق أبنائنا وقيمهم وعليه يجب علينا كآباء ومربين أن ننتبه جيدا لهذا الانجراف الرقمي وأن نسعى لوضع ضوابط ووعي لاستخدام التكنولوجيا للحفاظ على البناء الأخلاقي للمجتمع.