النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

مكتبة الإسكندرية تفتتح مؤتمر ”التعاون الإفريقي اللاتيني.. شراكة لبناء المستقبل”

هالة ياقوت -

نظمت مكتبة الإسكندرية من خلال مركز الدراسات الاستراتيجية بقطاع البحث الأكاديمي، بالتعاون مع مركز الحوار للدراسات السياسية بالقاهرة، مؤتمر بعنوان "التعاون الإفريقي اللاتيني.. شراكة لبناء المستقبل"، ٢٥ - ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٥، بمركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع للمكتبة في القرية الذكية، أدار الجلسة الافتتاحية الدكتور محمود عزت؛ مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بمكتبة الإسكندرية.
أكد الدكتور أحمد زايد؛ مدير المكتبة، إن العالم اليوم يشهد قدرًا غير مسبوق من التعقيد والأزمات وتشابك المصالح الأمر الذي يجعل من بناء جسور التعاون بين دول الجنوب ضرورة استراتيجية لتعزيز حضورها في النظام العالمي المتغير، مشيرًا إلى أن إدراك هذه الأهمية ظهر مبكرًا منذ انعقاد القمة الإفريقية اللاتينية الأولى في أبوجا عام 2006 والتي شكّلت الانطلاقة الرسمية للشراكة بين القارتين.
وأوضح في الكلمة التي ألقاها بالنيابة عنه اللواء أحمد الشربيني؛ مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بمكتبة الإسكندرية، إن المكتبة تولي اهتمامًا خاصًا بالعلاقات الإفريقية واللاتينية، وهو ما دفعها إلى تنظيم هذا المؤتمر، لإبراز ما أسفرت عنه القمم الثلاث التي عُقدت بين الجانبين والدعوة إلى إعادة انتظامها إلى جانب طرح رؤى وخطط لمستقبل التعاون عبر توسيع التواصل مع مراكز الفكر والجامعات والمؤسسات المعنية في القارتين.
وبيّن "زايد" أن أهمية المؤتمر تستند إلى ثلاثة أبعاد رئيسية، يتمثل الأول في كونه المؤتمر العلمي الأول الذي يجمع بين القارتين وتستضيفه مصر بما لها من ثقل في إفريقيا وامتداد علاقاتها مع أمريكا اللاتينية، وهو ما يجعل مخرجات المؤتمر خريطة عمل مشتركة.
وأضاف "أما البعد الثاني فيرتبط بطبيعة اللحظة الدولية الراهنة، حيث تشهد الساحتان الإقليمية والعالمية تحولات عميقة تلقي بظلالها على الأوضاع الداخلية في العديد من دول القارتين، ما يستدعي قراءة هذه المتغيرات ووضع رؤية للتعامل معها بما يحفظ الأمن والسيادة والاستقرار"، ويتمثل البعد الثالث في تنوع محاور المؤتمر وتعدد مستويات المشاركة فيه، إذ يناقش قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وأمنية، بمساهمة نخبة من الخبراء والباحثين الذين يقدمون أوراقًا علمية ودراسات تسهم في تعميق الفهم وتعزيز الحوار.
وأكد "زايد" أن انطلاقًا من رسالتها الثقافية والمعرفية تؤمن بالدور المحوري للبحث العلمي والثقافة في بناء قدرات الشعوب وتعزيز التقارب بينها خاصة في السياقات التي تتشابك فيها الجذور الحضارية والثقافية كما هو الحال بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
وأكد اللواء أ. ح حمدي لبيب، رئيس مؤسسة الحوار للدراسات والبحوث، أن انعقاد المؤتمر يمثل خطوة نوعية في مسار تعزيز الروابط بين القارتين، اللتين تجمعهما تاريخيًا وشائج حضارية وسياسية وثقافية متعددة.
وأوضح "لبيب" أن فكرة المؤتمر تنطلق من خبرة عملية راكمها مركز الحوار من خلال برامج الشؤون اللاتينية والإفريقية، والتي سعت خلال السنوات الماضية إلى إعادة إحياء الجسر المعرفي بين القارتين عبر فعاليات ودوريات بحثية كان أبرزها مجلة "شئون لاتينية" التي فتحت نافذة جديدة على التحولات داخل دول أمريكا اللاتينية.
وشدد "لبيب" على أن مصر تمتلك موقعًا فريدًا يؤهلها للقيام بدور محوري في تعزيز التعاون بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية في إطار مفهوم "تعاون الجنوب–الجنوب"، مستندة إلى تاريخ ممتد من الروابط السياسية والثقافية وموقع جغرافي يربط بين ثلاث قارات وتقاطعات استراتيجية مع دول الشمال.
وأشار "لبيب" إلى أن المؤتمر يحمل رسائل متعددة أبرزها الدفع نحو آليات أكثر تنظيماً للتعاون وتوسيع التمثيل البحثي والسياسي والبحث عن مسارات جديدة للتقارب بين شعوب القارتين، معربًا عن ثقته بأن المناقشات العلمية خلال الجلسات ستسفر عن توصيات جادة ورؤى قابلة للتطبيق.
وشدد السفير ويلمار عمر بارينتوس؛ سفير فنزويلا وعميد السلك الدبلوماسي اللاتيني، على أهمية الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية، مشيرًا إلى أنّ الجذور المشتركة والشتات الإفريقي أسهما في تشكيل تواصل حضاري وإنساني ممتد عبر القرون.
واستعرض السفير مكانة أمريكا اللاتينية عالميًا باعتبارها منطقة ذات وزن اقتصادي وديموغرافي مؤثر، تتمتع بموارد طبيعية ومعادن استراتيجية تجعلها لاعبًا رئيسيًا في مسار التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.
وأشار إلى امتلاك القارتين إمكانات كبيرة للتعاون في مجالات التجارة والطاقة والعلوم والتكنولوجيا والتنمية المستدامة لاسيما في ظل التحديات المشتركة مثل الفقر وعدم المساواة وتغيّر المناخ، مشددًا على أهمية تعزيز التعاون بين بلدان الجنوب–الجنوب بوصفه رافعة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، مستندًا إلى وثائق أممية عدة تدعم هذا التوجّه ومنها خطة بوينس آيرس لعام 1978 ووثيقة نيروبي 2009.
ولفت السفير إلى التطور الملحوظ في العلاقات الاقتصادية بين دول الجنوب إذ أن حجم التجارة بينها تضاعف خلال العقدين الماضيين مما يفتح آفاقًا واسعة أمام اقتصادات إفريقيا وأمريكا اللاتينية، كما دعا إلى إحياء آلية قمم "إفريقيا – أمريكا الجنوبية" لتعزيز الشراكات في المجالات المالية والطاقية والتجارية.
واختتم السفير بالتأكيد على ضرورة تجاوز مفهوم التكامل التقليدي إلى صيغة "اندماج" أعمق بين القارتين بما يعزز تبادل الخبرات والدعم المتبادل ويسهم في بناء مستقبل أكثر استقرارًا وتنمية لشعوب الجنوب العالمي.
وعقدت الجلسة الأولى تحت عنوان "التنافس الدولي: تداعيات عدة وفرص ممكنة"، أدار الجلسة الأستاذ محمد ربيع، تحدث خلالها كل من: الدكتورة رنا أبو عمرة عن ورقة بحثية بعنوان "أبعاد التحول في دور القوي المتوسطة الصاعدة: البرازيل وجنوب أفريقيا نموذجا"، والدكتورة مني أسامة عن "مبادرات المغرب للتعاون جنوب-جنوب بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية : دراسة تحليلية"، والدكتور هيثم عمران عن "المنظمات الدولية والتقارب الأفريقي - اللاتيني: فرص التعاون والتحديات المشتركة"، والأستاذة أسماء سراج الدين عن "الهجرة الإفريقية غير النظامية إلى أمريكا اللاتينية: الدافع والتحديات".
علق الدكتور أحمد طاهر، إن هناك تمييز ضد الدول المتوسطة والدول الصاعدة، متسائلًا عن دور التجمعات الإقليمية مثل منظمة "البريكس" والدول الصاعدة في ظل النظام الدولي الحالي وتحولاته المتسارعة، مؤكدًا أن المؤسسات الدولية لا تعمل على التعاون مع دول الجنوب لتحقيق التنمية بل على العكس تضع أمامه العراقيل.
أكدت الدكتورة أماني الطويل، إن التعاون الثلاثي الذي يجمع دول الجنوب مع دول الشمال والمنظمات الدولي، دائمًا ما يحقق أجندة دول الشمال فقط ولا يلتفت لدول الجنوب، لذا من المهم تعاون الجنوب فيما بينهم وهو ما يحتاج إلى رغبة سياسية، مشيرة إلى مصر والهند حققا هذا التعاون.
وجاءت الجلسة الثانية تحت عنوان "التحديات الاقتصادية وفرص التقارب المشتركة" أدارتها الأستاذة الدكتورة علا الخواجة؛ أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، تحدث فيها كل من الدكتور محمد سياف عن "الاتفاقيات التجارية الأفرولاتينية وأثرها على التكامل الجنوبي الجنوبي: دراسة تحليلية"، والأستاذة الدكتورة سوزي رشاد، عن "الطاقة: أداة للنفوذ الدولي في أفريقيا وأمريكا اللاتينية"، والدكتورة هبة خيري عن "السندات المناخية والتنمية المستدامة في القارتين الإفريقية واللاتينية"، والدكتور فتحي يوسف والدكتور محمد رجب، عن "الميركسور والكوميسا: نحو شراكة جنوب - جنوب لتعزيز التنمية والتكامل الإقليمي"، والدكتورة أميرة حسن، عن "الاقتصاديات الجديدة والتنمية المستدامة.. الاقتصاد البرتقالي في أمريكا اللاتينية نموذجًا".
وعلقت الدكتورة سلوى عبد العزيز على الأوراق البحثية، مشيدة بحداثة الموضوعات المعروضة، مشيرة إلى إن التعاون بين الدول الأفريقية واللاتينية والتكتل مهم للغاية في الوقت الحالي.