النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

العناصر النادرة.. الثروة التي تبحث عنها مصر في باطن الأرض

جانب من اللقاء
أهلة خليفة -

بين أعماق الصحارى المصرية، وتحديدًا في مناطق الصحراء الشرقية وشمال سيناء، تدور واحدة من أكثر المعارك العلمية والاقتصادية هدوءًا وأهمية في الوقت نفسه — معركة استكشاف العناصر النادرة، التي تمثل اليوم “نفط المستقبل” في عصر التحول الطاقي والتكنولوجيا المتقدمة.

ففي الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم للسيطرة على هذه الثروات الحيوية التي تدخل في صناعة البطاريات والموبايلات والسيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، بدأت مصر تخطو بخطة مدروسة نحو الدخول إلى هذا المجال، ولكن بمنظور بيئي مختلف، يوازن بين استغلال الثروة وحماية الطبيعة.

تعاون بيئي ـ طاقي غير مسبوق

الاجتماع الأخير بين الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية والقائمة بأعمال وزير البيئة، والدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، كشف عن مرحلة جديدة من التعاون بين الوزارتين، لبحث توافق مشروعات هيئة المواد النووية مع الاشتراطات البيئية، وتنسيق عمليات البحث والاستخراج ضمن معايير تحافظ على التنوع البيولوجي.

هذا التنسيق يعني ببساطة أن الدولة لم تعد تنظر إلى استخراج المعادن والعناصر النادرة فقط كفرصة اقتصادية، بل أيضًا كاختبار لمدى التزامها بالتحول الأخضر والاستدامة.

كنوز استراتيجية تحت أقدام المصريين

تُعد مصر واحدة من الدول الغنية بالموارد الطبيعية النادرة، خاصة العناصر الأرضية النادرة التي تدخل في صناعات التكنولوجيا المتقدمة — من شاشات الهواتف المحمولة إلى مكونات الأقمار الصناعية.

بحسب خبراء هيئة المواد النووية، تحتوي المناطق الجبلية المصرية على تركيزات واعدة من هذه العناصر، من بينها النيوديميوم والسيريوم واللانثانوم، وهي عناصر تستخدم عالميًا في إنتاج مغناطيسات توربينات الرياح والسيارات الكهربائية.

معادلة التنمية والبيئة

لكن التحدي الأكبر، بحسب مسؤولي وزارة البيئة، هو ضمان أن عمليات البحث والاستخراج لا تؤثر على المحميات الطبيعية أو التنوع البيولوجي، خاصة أن بعض مناطق التعدين قريبة من بيئات نادرة أو حساسة.

ولهذا شددت الدكتورة منال عوض على ضرورة إجراء دراسات تقييم أثر بيئي قبل أي مشروع جديد، ووضع بدائل فنية ومواقع بديلة إذا لزم الأمر، بما يحقق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على الطبيعة.

نحو اقتصاد نادر ومستدام

ويؤكد مراقبون أن دخول مصر سوق “العناصر النادرة” في توقيت يشهد سباقًا عالميًا على هذه الثروة، خطوة استراتيجية نحو تعزيز الأمن الصناعي والطاقي، خاصة أن هذه العناصر تُستخدم في الصناعات النظيفة التي تدعم التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون.

لكن خصوصية التجربة المصرية تكمن في الجمع بين التنمية والالتزام البيئي، في وقت تتزايد فيه الدعوات العالمية لربط استغلال الموارد الطبيعية بمسؤوليات بيئية صارمة.