النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

سفير البرازيل في حوار خاص لـ”النهار” عن العلاقات البرازيلية المصرية واسضافة بلاده COP30

حوار أمير أبو رفاعي -

تتجه أنظار العالم خلال الفترة الحالية إلى أمريكا اللاتينية ولكن هذه المرة ليس بفعل التصعيد العسكري الأمريكي في مياه الكاريبي، ولكن لاستضافة البرازيل قمة المناخ في نسختها 30 "مؤتمر الأطراف (COP30)"، حيث يجتمع قادة الدول لمواصلة السعي في العمل على الحفاظ على كوكب الأرض بعدما زادت حدة تأثيرات التغييرات المناخية وتسببت في معاناة سكان الكوكب، وفي هذا الإطار كان حوارنا مع السفير باولينو فرانكو دي كارفاليو نيلو، سفير البرازيل لدى مصر، للوقوف على ما ستشهده قمة المناخ التي تستضيفها بلاده في مدينة ببليم، في قلب الأمازون.

معالي السفير في البداية نود أن نتعرف منكم على طبيعة العلاقات البرازيلية المصرية؟

إن العلاقات الثنائية بين البرازيل ومصر هي في حقيقة الأمر علاقات ممتدة لعقود طويلة وتتميز بالاحترام والتقدير المتبادل بين البلدين سواء على المستوى الرسمي أو المستوى الشعبي، وقد شهدت العلاقات الثنائية في الفترة الأخيرة طفرة كبيرة نتج عنها تعاون ثنائي مشترك مدعوم من رئيسي البلدين الرئيس لولا دوسيلفا، والرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو ما يتم ترجمته على أرض الواقع في عدة مجالات يأتي في مقدمتها المجال الاقتصادي الذي يعكسه زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين وتطلع المستثمرين البرازيليين لزيادة الاستثمار في مصر خلال المرحلة القادمة.

ما هي دلالة اختيار مدينة "ببليم" البرازيلية لاستضافة مؤتمر الأطراف الثلاثين (COP30)؟

اختارت البرازيل استضافة مؤتمر الأطراف COP30 في مدينة ببليم، في قلب الأمازون، لتؤكد فكرة محورية واحدة أنه إذا أردنا مواجهة تغير المناخ، فعلينا تحسين حياة السكان المحليين وخلق فرص اقتصادية لهم. يجب أن تعمل على تقليص أوجه عدم المساواة التي تجعل الشعوب والدول في أوضاع هشة، حتى لا يضطروا أبداً إلى الاختيار بين تلبية احتياجاتهم الأساسية أو الحفاظ على النظم البيئية التي يعيشون فيها.

ينبغي أن يكون في مقدرتهم القيام بالأمرين معا، وبطبيعة الحال، فإن المفهوم الذي يجسد هذه الفكرة بأفضل شكل ممكن هو التنمية المستدامة. يجب علينا أن نحقق التنمية بأسلوب مستدام إذا أردنا أن تنجح في بلوغ أهدافنا المناخية، بما في ذلك حماية النظم البيئية الحيوية. فالحماية لا تعني منع الإنسان عن استخدام الطبيعة، بل على العكس هي تعنى ضمان أن نظل الطبيعة قادرة على دعم حياة البشرية بكرامة، مع إمكانية تحقيق الازدهار.

إن هذا المفهوم ليس جديدا، فقد وضع على جدول الأعمال الدولي قبل أكثر من ثلاثين عاما، تحديدا في البرازيل خلال قمة الأرض في ريو دي جانيرو عام 1992. واليوم، بات هذا المفهوم أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. إن ضرورة التحرك لمواجهة التغير المناخي - وهي بالفعل ضرورة ملحة - يجب ألا تكون على حساب الفئات الأكثر ضعفا، ولذلك. حين نتحدث كثيرا في أيامنا هذه عن التحول نحو اقتصاد أكثر استدامة، ينبغي أن نفهم أن هذا التحول هو نتيجة طبيعية للتنمية المستدامة، وليس بديلا عنها. ولهذا السبب، فإن التركيز على العدالة والإنصاف في هذا التحول أمر أساسي.

ماهي رؤية بلادكم لقمة مؤتمر الأطراف الثلاثين (COP30)؟

قامت البرازيل بصياغة رؤيتها لقمة القادة المؤتمر الأطراف الثلاثين (COP30) سيعقد مؤتمر الأطراف نفسه في الفترة من 10 إلى 21 نوفمبر. أما قمة القادة فستسبق المؤتمر في 6 نوفمبر، وبينما نحتشد بجمع قادة العالم في مدينة بيليم، فإن هدفنا هو حشد الدعم السياسي حول المبادرات الأساسية لتحديد النبرة التي ستدور حولها المفاوضات خلال أيام مؤتمر الأطراف المقبلة.

ونحن فخورون بمواصلة إرث القيادة الذي أرسته الدول التي رأست النسخ السابقة من مؤتمر الأطراف، بما في ذلك العمل الاستثنائي الذي أنجزته مصر في شرم الشيخ، والذي وضع معياراً عالياً للطموح والتنفيذ وتستهدف الرئاسة البرازيلية على وجه التحديد ثلاث فجوات مستمرة تعيق تقدمنا الفجوة بين الالتزامات والتنفيذ؛ وبين الطموح ومتطلبات العلم وبين الاحتياجات والتمويل المتاح. وتسعى إلى معالجة هذه الفجوات من خلال عدد من المبادرات، أود أن أسلط الضوء هنا على ثلاث منها.

المبادرة الأولى في إعلان ببليم بشأن الجوع والفقر والعمل المنافي المتمحور حول الإنسان، لقد بدأ تغير المناخ بالفعل في تدمير سبل العيش وإنتاج الغذاء كما أن اتفاقية باريس نفسها تعترف بالضرورة الحتمية الحماية الأمن الغذائي ويستند إعلان بيليم على هذا الفهم ويتمحور حول ثلاثة ركائز أساسية: أولا - الحماية الاجتماعية، ثانيا دعم صغار المزارعين، ثالثا انتقال عادل للسكان في النظم البيئية الرئيسية.

أما المبادرة الثانية المهمة لرئاسة البرازيل المؤتمر الأطراف، وهي مبادرة طموحة، ولكنها في الوقت نفسه والقمعية، تهدف إلى زيادة إنتاج واستخدام الوقود المستدام في العالم إلى أربعة أضعاف على الأقل بحلول عام 2035.

وعندما نتحدث عن الوقود المستدام، فإننا نشير إلى مجموعة متنوعة تشمل: الوقود الحيوي، والهيدروجين والغاز الحيوي، والوقود الصناعي (الاصطناعي) وتوفر هذه الأنواع مساراً عملياً لإزالة الكربون من القطاعات التي يصعب التخلص من انبعاثاتها مثل الطيران والنقل الثقيل.

وتتحدث البرازيل انطلاقا من تجربتها الواقعية. فمزيج الطاقة في البرازيل بعد من أنظف المزيجات في العالم، إذا يأتي أكثر من 90% من كهربائها من مصادر متجددة ومستدامة، كما أن معظم السيارات في البرازيل مزودة بمحركات يمكن أن تعمل بالوقود الحيوي، وهو وقود يمكن للمواطنين العثور عليه في معظم محطات الوقود في البلاد

وأخيرا المبادرة الثالثة التي تطرحها رئاسة البرازيل لمؤتمر الأطراف (COP) هي "صندوق الغابات الاستوائية إلى Tropical Forests Forever Fund (TFFF، وبعد هذا الصندوق صندوق استثماريا لجعل مناطق الغابات أصولا اقتصادية ذات قيمة طويلة الأمد ويهدف الصندوق إلى جمع 125 مليار دولار أمريكي، سيقوم الصندوق بمكافأة الدول على أدائها في حماية الغابات. وقد حظت هذه الآلية يدعم البنك الدولي، الذي سيتولى دور الوسيط المالي كما سيكون للصندوق لجنة توجيهية تتمتع بتمثيل متكاق بين الدول النامية التي تمتلك الغايات والدول المستثمرة.

وقد أعلن الرئيس لولا عن مساهمة أولية من البرازيل بقيمة مليار دولار أمريكي في هذا الصندوق، كما الضمت إندونيسيا أيضا كدولة مستفيدة ومستثمرة في الوقت نفسه ويظهر هذا العمل التزام الاقتصادات الناشئة بالقيادة من خلال القدوة. ومع ذلك، يجب أن أكون واضحة هذا لا يمني عن التزامات الدول الأخري.