النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

”النهار” تُعيد آخر حوار أجرته مع شيخ المحدّثين الدكتور أحمد هاشم:الاحتكار من أبشع مظاهر الظلم...ورسالتي لأهل غزة: اصبروا ورابطوا

فضيلة الدكتور أحمد عمر هاشم - أرشيفية
أحمد رشدي -

تُوفيّ اليوم فضيلة الدكتور أحمد عمر هاشم، شيخ المحدثين،عضو هيئة كبار العلماء ورئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، بعد معاناة مع المرض، أقيمت صلاة الجنازة على الراحل، ظهر اليوم، بالجامع الأزهر الشريف، حيث من المقرر أن يُشيع الجثمان الطاهر إلى مثواه الأخير بمدافن العائلة في الساحة الهاشمية بقرية بني عامر مركز الزقازيق بمحافظة الشرقية عقب صلاة العصر.

فضيلة الدكتور أحمد عمر هاشم، شيخ المحدثين،عضو هيئة كبار العلماء، رحمه الله

شهدت قرية بني عامر بالشرقية مولد الدكتور أحمد عمر هاشم، في 6 فبراير 1941، وتخرج في كلية أصول الدين جامعة الأزهر عام 1961م، وبهمة عالية حصل على الإجازة العالية في الحديث وعلومه عام 1967م، ثم درجة الماجستير عام 1969م، ثم درجة الدكتوراة في الحديث وعلومه، وترقى في السُلم الأكاديمي حتى حصل على درجة الأستاذية عام 1983م، وقد قام بالتدريس، وتولي العديد من المناصب العلمية والإدارية بجامعة الأزهر والجامعات العربية والإسلامية، وأهمها رئاسة جامعة الأزهر عام 1995، وعضوية مجمع البحوث الإسلامية، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ومجلسي الشعب والشورى، وأثرى المكتبات العربية والإسلامية بأكثر من 120 كتابًا تناولت قضايا الحديث الشريف والسنة والسيرة النبوية بجانب إسهاماته العلمية المتنوعة في علوم الحديث والتأليف والتحقيق، بالإضافة إلى مشاركاته ولقاءاته في المؤتمرات الإسلامية والدولية، وبحوثه المنشورة في المجلات العلمية والمؤتمرات الدولية المختلفة، وقد اختير عضوًا بهيئة كبار العلماء في تشكيلها الأول حين عودتها عام 1433/ 2012.

وسط محبيه...صلاة الجنازة على الدكتور أحمد عمر هاشم بالجامع الأزهر

تُعيد "النهار" نشر آخر حوار أجرته مع شيخ المحدّثين الدكتور أحمد هاشم، الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، عضو هيئة كبار العلماء، يوم 13 مارس 2024

قال الدكتور الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، علينا الاستعداد لاستقبال شهور الخير والرحمات والبركات، علينا بالدعاء، فالدعاء ببلوغ رمضان كان دعاء سلفنا من الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، لأن بلوغ شهر رمضان معناه بلوغ الخير والبركة والثواب والجزاء الذي تكفل به رب العزة، وأكد "هاشم" أن كتاب "صحيح البخارى" أصح كتاب بعد كتاب الله، والشبهات التى تثار حول صحيح البخاري ليست جديدة، والسبب الحقيقي وراء الهجوم على الإمام البخاري هو هدم السنة كلها من خلال الطعن في أصح كتاب بعد القرآن الكريم وفي أكبر الأئمة.

محرر النهار مع فضيلة الدكتور أحمد عمر هاشم قبل رحيله

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، في حواره مع "النهار"، أن الرئيس السيسي قائدًا مخلصًا لوطنه، يتسم بسمة الصلاح، وعنده نزعة دينية، تكاد تكون صوفية، وطنيّا من الدرجة الأولى، وأعماله وإنجازاته في الواقع لا حصر لها، وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يوفقه فهو منحة من الله لمصر، ونصح رئيس جامعة الأزهر الأسبق الشباب، اغتنموا فرصة الشباب، أنتم قادرون فيها على الكثير من العمل والكثير من العبادة، والأعمال الصالحة، مشددٍا أن كل شيء يمكن أن يسترجعه الإنسان إلا العمر والصحة.

وذكر "هاشم" أن المحتكر "خاطئ"، والمحتكرون عقوبتهم في الدنيا قبل الآخرة، وتنبغي علينا في وقت الأزمات ألا نشدد على عباد الله ولا على الفقراء ولا المحتاجين، وجه "أمام المحدثين" رسالة إلى أهل غزة: "يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"، وأناشد أصحاب الضمائر وكل رجال الأعمال والمال أن يبذلوا ما استطاعوا إلى عونهم ومد يد المساعدة إليهم.

الدكتور أحمد عمر هاشم، أقول للصحفي وائل الدحدوح: ثق إنك على حق، وأن الله سبحانه وتعالى لن يهملك، إن شاء الله سيأتي عن قريب ما يرد لك كرامتك وما يكون لك من أجرعند الله سبحانه وتعالى، وشدد "هاشم" في رسالة للجميع: "ستسألون أمام الله عن جرائم الحرب والإبادة التي تقع في الأرض المحتلة"، وناشد المجتمع الدولي: يا محكمة العدل الدولية..."أدوا حقوقكم وأدوا رسالتكم وواجبكم نحو القدس الشريف"، وإلى نص الحوار:

- في بداية عام جديد، كل عام وفضيلتكم بخير وسعادة، خلال أيام تحل علينا ذكرى ميلادكم، ماذا تقول في يوم مولكم...وماذا تتمنى لمصر وللأمة العربية والإسلامية في ٢٠٢٤؟

أقول الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة، والحمد لله على ما وفقنا عليه، من أداء خدمة للعلم وللسنة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام، والحمد لله أن وفقني على شرح صحيح الإمام البخاري، في ستة عشر مجلدًا، وهو أصح كتاب بعد كتاب الله، أدعو الله سبحانه وتعالى لمصرنا العزيزة ولأمتنا العربية والإسلامية بكل خير وأمان واطمئنان واستقرار، واجعل يا ربي هذا البلد آمنا مطمئنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين

- ماذا تقول فضيلتك لمن يشككون في صحيح البخاري؟

القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع، والسنة المصدر الثانى للتشريع، وكتاب صحيح البخارى أصح كتاب بعد كتاب الله، والشبهات التى تثار حول صحيح البخاري ليست جديدة، بل أثيرت منذ زمن، وقمت بالرد عليها، والسبب الحقيقي وراء الهجوم على الإمام البخاري هو هدم السنة كلها من خلال الطعن في أصح كتاب بعد القرآن الكريم وفي أكبر الأئمة، والإمام البخاري بشر، والبشر ليسوا مقدسين، ولا الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين معصومون من الخطأ، الرسول صلى الله عليه وسلم فقط هو المعصوم من الخطأ، لكن الأحاديث التى جمعها البخاري واستوفت فيها الصحة ستمائة ألف حديث، كلها أحاديث صحيحة، وأجمعت الأمة كلها على أنه أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل، وأن ما فيه صحيح، عشت مع صحيح البخاري 17 عاما متواصلة، وشرحته فى 16 مجلدًا، كل جزء 600 صفحة، وليعلم هؤلاء أن الله تعالى قيد للسنة علماء يدافعون عنها، وأخيرًا التشكيك فى السنة لا يثير الخوف لأنه ليس تشكيكًا علميًا بل حملات موجهة ومأجورة.

- بدأت تهب علينا نسائم شهور الرحمة والمغفرة والبركات، رجب الخير وشعبان ورمضان، بما تنصح فضيلتكم المسلمين في استقبال هذه الشهور الكريمة وخاصة شهر رمضان؟

بداية.."اللهم بارك لنا في شعبان وبلغنا رمضان"، علينا بالدعاء، فالدعاء ببلوغ رمضان كان دعاء سلفنا من الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، لأن بلوغ شهر رمضان معناه بلوغ الخير والبركة والثواب والجزاء الذي تكفل به رب العزة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به"، وهو شهر الانتصار، نصر الله حبيه ومصطفاه على أعدائه في غزة بدرالكبرى، وفي غزوة الفتح، وشهر الفيوضات، أفاض الله في ليلة القدر من الخير على العباد وعلى الصائمين ما أفاض.

- من مؤلفات فضيلتكم "الإسلام والشباب"، في زمن السوشيال ميديا بما تنصحك شباب المسلمين؟

نصيحتي لهم أن يغتنموا فرصة شبابهم، فيحفظ كل واحد منهم ما تيسر من القرآن الكريم ومن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن التعاليم الدينية، وأن يطبقها، وأن يحافظ على شبابه من الانحراف ومن الضياع، وقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك حين قال اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك"، ولذلك أقول للشباب اغتنم فرصة الشباب، أنت قادر فيها على الكثير من العمل والكثير من العبادة، والأعمال الصالحة، لأنها لا ترجع، كل شيء يمكن أن يسترجعه الإنسان إلا العمر والصحة.

- الكثير من بيوت المسلمين هزتها ظاهر الطلاق التي أصبحت مرعبة، كل دقيقة ونصف حالة طلاق أو خلع، هل من "روشتة" تقدمها فضيلتكم للشباب وخاصة المقبلين على الزواج؟

أقول للمقبلين على الزواج، وللمتزوجين وللجميع، إن المعاشرة الطيبة والأسلوب الحسن والمنهج المستقيم في معاملة الزوجين لها أهمية كبرى، "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف"، هكذا يقول القرآن الكريم، يعني للنساء من الحقوق كما أن للرجال من الحقوق ما شرعه الله سبحانه وتعالى، لهن مثل الذي عليهن، يعني أن للنساء حق وعليهن واجب، وكذلك أيضًا بالنسبة للأزواج، أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمرأة حين قال "استوصوا بالنساء خيرًا"، وكما قال صلى الله عليه وسلم إن أبغض الحلال عند الله الطلاق، لأن الطلاق تهتز له السماء، أولا يجب أن يحرص الإنسان على اختيار الزوجة الصالحة، وأن تختار المرأة الرجل الصالح، وأن يتعايشا بالمعروف.

- وصفت الرئيس عبدالفتاح السيسي بحفل ليلة القدر في قصيدة: "لمصر فى عهدكم عزم وإصرار...ألا يبيت بها عنف ولا عار"...كيف ترى هذا القائد؟

قولتُ هذه الأبيات من قلبي، وأملاها عليّ ضميري، لأنني اقتنعت بالرئيس عبدالفتاح السيسي قائدًا صالحًا، يتسم بسمة الصلاح، وعنده نزعة دينية، تكاد تكون صوفية، تره يُقبل على العبادة، وعلى التوكل على الله، فأملا عليّ ذلك أن أقول هذه الأبيات فعًلا:

لمصر في عهدكم عزم وإصرار

ألا يبيت بها عنف ولا عار

نحيت عنا ظلامًا طالما عثرت

فيه خطانا وعانى الأهل والجار

واليوم جاءت بكم حين اصطفت

لها وللقيادة عند الله أقدار

بالأمس قُدت بها جيشًا له هممٌ

للحق والنصر والعلياء جرّار

واليوم جاءت بكم تمشي على قدرٍ

وأنت في ركبها شهم ومغوار

تُقصي الخيانة تقصي الغدر عن

وطني فليس يصلح خوّان وغدّار

وليس من أهلنا من رمى شكوتنا

فأهل مصر كرام الأصل أحرار

أقمت مشروع خير طالما عثرت

رغبت في مثله قادة فينا وثوّار

هذه قناة السويس اليوم قد سعدت

بأختها وعطاء الله مدرار

يا رب وفّق خطى السيسى قائدنا

فأنت يا ربُّ للأبرار تختار

قولتها من قلبي لأنني لم أقول شيئًا ولا أقتنع به، الرئيس السيسي قائدًا مخلصًا لوطنه، وطنيّا من الدرجة الأولى، وأعماله وإنجازاته في الواقع لا حصر لها، وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يوفقه فهو منحة من الله لمصر.

- ربما لا يعي الكثير من المصريين ما يُحاك لمصرنا الحبيبة ولوطننا العربي، بالأمس القريب تم تقسيم السودان والعراق، وسقطت ليبيا وسوريا ولبنان وما زال القوس مفتوح، هل من كلمة إلى هؤلاء وخاصة شبابنا؟

إننا نسير على الجادة، كلما أخلصنا مع الله، وكلما أرضينا الله سبحانه وتعالى رضي عنا، ونعلم أن الحياة التي يمر بها العالم وظاهرة الغلاء العالمية التي كان لها صدى علينا وعلى غيرنا، تستوجب علينا أن نصاعف العمل، وأن نضاعف الجهد والتنمية، وأن يخلص منا كل في عمله، وإلى جانب ذلك ألا يصيبنا يأس ولا قنوط ولا تبرم، بل نرضى ونسير ونعلم أن الله سبحانه وتعالى يجعل مع العسر يسرا، حين قال سبحانه وتعالى: "إن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا".

- تمر مصرنا والعالم بأزمة اقتصادية لا تخفى على أحد، ورغم الرقابة الشديد إلا أن بعض التجار احتكروا بعض السلع ماذا تقول لهم فضيلتكم وبما تنصح المصريين؟

الحديث الشريف يقول المحتكر "خاطئ"، والمحتكرون عقوبتهم في الدنيا قبل الآخرة، وتنبغي علينا في وقت الأزمات ألا نشدد على عباد الله ولا على الفقراء ولا المحتاجين، ولا على غيرهم لأن الظلم ظلمات يوم القيامة، الاحتكار ظاهرة من أبشع ظواهر الظلم، وكما قال عليه الصلاة والسلام: الظلم ظلمات يوم القيامة، اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح، فإن الشح قد أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم، وأنادي المحتكرين والمغالين على الناس وأقول لهم ثبوا إلى رشدكم وتوبوا إلى ربكم، وكونوا عونًا لأخوانكم جميعًا،

- أمام صمت العالم، قامت قوات الاحتلال بارتكاب جرائم يشيب لها الولدان في غزة...هل من كلمة لأهلنا في غزة فلسطين؟

أقول لأهل غزة واذكرهم بقول الله سبحانه وتعالى "يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"، وأناشد أصحاب الضمائر وكل رجال الأعمال والمال أن يبذلوا ما استطاعوا إلى عونهم ومد يد المساعدة إليهم، كما أناشد سائر الدول والقادة والمنظمات العالمية ومنظمات حقوق الإنسان أن يحسموا هذا الغزو المريع الشنيع الذي لا مبرر له سوى الظلم والطغيان، وأن يكونوا يدًا واحدة في رد هذا العدوان عن أبناء الأرض المحتلة، عن أبناء أرض الإسراء والمعراج، التي أمّ فيها الرسول صلى الله عليه وسلم جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، يجب أن يكون للعالم والإنسانية جمعاء، أنادي الناس، المسلمين والعرب، وغير المسلمين، وأقول لهم يا أيها الناس ستسألون أمام الله عن جرائم الحرب والإبادة التي تقع في الأرض المحتلة، وأناشد المجتمع الدولي، يا محكمة العدل الدولية "أدوا حقوقكم بالنسبة لما ينبغي عليكم وأدوا رسالتكم وواجبكم نحو القدس الشريف"، وأدعو الله من كل قلبي أن ينجيّ أهل فلسطين وأن يخمد هذه الحرب ونارها.

وأقول للصحفي وائل الدحدوح: ثق إنك على حق، وأن الله سبحانه وتعالى لن يهملك، ولن يهمل غيرك من المظلومين، والقرآن الكريم يقول "ولا تحسبن الله غافلًا عما يعمل الظالمون"، إن شاء الله سيأتي عن قريب ما يرد لك كرامتك وما يكون لك من أجر عند الله سبحانه وتعالى وما سيسجله التاريخ من هذه الوطنية الغيورة على أمتها ووطنها.

فضيلة الدكتور أحمد عمر هاشم مع محرر النهار "أرشيفية"