النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

”أموال مشوّهة ومحتوى بلا قانون: داخل عالم صُنّاع المحتوى المتهمين”

روجينا فتح الله -

في السنوات الأخيرة، أصبح صناع المحتوى الرقمي نجوماً في نظر الملايين، لا سيما على منصات مثل "يوتيوب" و"تيك توك" و"إنستغرام". ومع هذا الصعود السريع، برزت ظاهرة خطيرة لا يمكن تجاهلها: محتوى يفتقر إلى القيم، يطغى عليه الإسفاف أحيانًا، ويصل في بعض الحالات إلى انتهاك القوانين، ما بين مشاهد مثيرة للجدل، تحديات خطرة، أو استغلال حياة الأطفال والعلاقات الشخصية من أجل المشاهدات، باتت تساؤلات كثيرة تُطرح حول طبيعة هذا المحتوى، ومصدر الأموال التي تُجنى من ورائه.

لم يعد الغرض من المحتوى مجرد الترفيه، بل تحوّل إلى تجارة مربحة، لكنها أحيانًا تقوم على أسس غير أخلاقية. فقد تصدّرت عناوين الأخبار حالات عديدة لصناع محتوى اتُهموا في قضايا ابتزاز، نصب، نشر محتوى غير لائق، بل ووصل الأمر إلى اتهامات بالاتجار بالبشر أو استغلال القُصّر، هذه القضايا لم تعد معزولة، بل أصبحت تعكس ظاهرة تستحق الوقوف عندها، خاصة في ظل ضعف الرقابة الإلكترونية، وسعي البعض وراء الشهرة السريعة بأي وسيلة.

ورغم أن هناك جهود قانونية بدأت تظهر لمواجهة هذه الانتهاكات، إلا أن القوانين في كثير من الأحيان تبدو عاجزة عن ملاحقة كل من يسيء استخدام المنصات الرقمية. الجهات المختصة في بعض الدول العربية بدأت تتحرك بالفعل، من خلال محاكمات علنية وتعديلات تشريعية، لكن تبقى الفجوة بين سرعة تطور المحتوى الرقمي وبطء الإجراءات القانونية تمثل تحديًا حقيقيًا.

في النهاية، تبرز الحاجة إلى دور مجتمعي متكامل في مواجهة هذه الفوضى الرقمية، يبدأ من الأسرة، ويمر بالإعلام والمدرسة، ولا ينتهي إلا بوعي فردي لدى الجمهور، لأن دعم المحتوى الهادف والإبلاغ عن المحتوى المسيء أصبح مسؤولية مشتركة. فليس كل من يملك كاميرا يستحق المتابعة، ولا كل فيديو يستحق أن يتحول إلى مصدر دخل أو تأثير.