النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

إقالة مثيرة للجدل في صحة الفيوم.. الوزير والمحافظ وجها لوجه

حقيقة خلاف وزير صحة ومحافظ الفيوم وأزمة أيمن عباس
محمد عماد -

شهدت الأيام الماضية حالة من الجدل داخل الأوساط الصحية بمحافظة الفيوم، على خلفية القرارات الصادرة بحق الدكتور أيمن عباس، رئيس مديرية صحة الفيوم، ووقفه عن العمل من قبل المحافظ بعد 27 يومًا من شغله المنصب، ثم تحويل وزير الصحة له ليترأس الإدارة المركزية للصحة النفسية.

الأزمة فتحت الباب أمام تساؤلات واسعة حول طبيعة الخلاف بين وزير الصحة الدكتور خالد عبد الغفار ومحافظ الفيوم الدكتور أحمد الأنصاري، وما إذا كانت القرارات تعكس صدامًا بين الطرفين أم تنسيقًا إداريًا مشتركًا.

وفي تصريحات خاصة لجريدة "النهار"، تحدثت الدكتورة نيفين شعبان، التي تولت مؤخرًا مهمة تسيير أعمال مديرية الشؤون الصحية بالفيوم، وكذلك الدكتور محمد التوني، نائب محافظ الفيوم، لتوضيح خلفيات الواقعة وكشف ما يدور في الكواليس.

أكدت نيفين أن ما جرى لم يكن صراعًا بين الوزير والمحافظ كما حاول البعض تصويره، وإنما "مجرد زوبعة في فنجان"، استغلها البعض لإثارة البلبلة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل، مضيفة أن المحافظ الدكتور أحمد الأنصاري لم يكن ليتخذ قرارًا إداريًا بهذا الحجم دون الرجوع للوزير، وهو ما تم بالفعل.

وبسؤالها حول ما أكدته بعض المصادر المسئولة في أحد مستشفيات الفيوم الحكومية، عن محاولة أيمن عباس تحويل وحدة العناية المركزة وتأجيرها كقطاع خاص، أوضحت أن قرار وقفه عن العمل جاء نتيجة مخالفات وتجاوزات عديدة، والتحقيق في صحتها سيكون من قبل المحافظ للتأكد من الواقعة؛ لأنه يسعى إلى عدم تأثر مصالح المواطنين البسطاء، مشيرة إلى أن المحافظ تدخل لحماية الحق العام ومنع أي مساس بحقوق المرضى غير القادرين.

وشددت على أن وزير الصحة خالد عبد الغفار كان على علم كامل بما يجري، وأن القرار النهائي جاء بالتنسيق مع المحافظة، مشيرة إلى أن نقل الدكتور أيمن عباس رئيسًا لإدارة الصحة النفسية لا يعني طي صفحة التحقيقات، بل على العكس، فملف المخالفات سيُدرس عبر الجهات الرقابية وربما يصل إلى النيابة الإدارية؛ لضمان الشفافية ومحاسبة المسؤولين، مضيفة أن أيمن عباس طبيبًا لجراحة العظام، وليس له أي علاقة بتخصص الطب النفسي ليشغل منصب رئيسًا لأمانة الصحة النفسية.

وتحدثت نيفين عن حالة من "اللغط الإعلامي" حول كونها قائمة بالأعمال بقرار من المحافظ، موضحة أن الواقع القانوني ينص على أن الوزير هو صاحب الحق في إصدار القرار، وهو ما جرى بالفعل بعد رحيل الدكتور أيمن عباس.

وقالت: "من الطبيعي أن يتولى الوكيل أو القائم بالأعمال بعض المهام عند غياب المسؤول، لكن تعيين بديل رسمي في حال الإقالة أو النقل يظل من اختصاص وزارة الصحة، وهو ما يعكس وضوح التنسيق بين الجهتين".

كما أكدت أنها تقف "قلبًا وقالبًا" مع المحافظ في الإجراءات التي اتخذها، واصفة إياه بأنه كان حريصًا على حماية المنظومة الصحية من أي تجاوزات قام بها أيمن عباس، مشيرة إلى أن الأزمة أخذت أبعادًا أكبر من حجمها الحقيقي، في حين أن أصلها يتعلق بمخالفات إدارية كان لا بد من التعامل معها.

وأضافت أن القرار لم يكن بنية إقصاء أيمن عباس تمامًا، وإنما لضمان استمرار التحقيق بعيدًا عن الأجواء المشحونة في الفيوم، مضيفة: "الوزير كان واضحًا في دعمه للمحافظ، ولم يكن الهدف حماية شخص بعينه، بل حماية المنصب وسمعة الوزارة"

وأشارت نيفين إلى أن الأزمة لم تتوقف عند هذه الأنباء الجاري التحقيق فيها، بل تفاقمت بعد قرارات إدارية أصدرها أيمن عباس، من بينها تكليف صيدلانية من مديرية الجيزة تُدعى "أ.ف" لتكون مدير إدارة الطب العلاجي، رغم أنها بدرجة وظيفية أقل ولا تملك خبرة كافية، وهو ما اعتبره المحافظ تجاوزًا لصلاحياته وتخطيًا لحقه الدستوري في مراجعة التعيينات القيادية بالمحافظة.

وأكدت أن هذه الخطوات عكست حالة من "الرعونة الإدارية"، وأن أيمن عباس لم يستمع لنصائحها ولم يضع في اعتباره الأعراف المتبعة في التعامل مع القيادات التنفيذية بالمحافظة، مضيفة أن المحافظ لم يكن يسعى إلى عزله، بل إلى وقفه مؤقتًا لحين التحقيق، لكن تراكم الأخطاء عجّل بالقرار.

من جانبه، أوضح الدكتور محمد التوني، نائب محافظ الفيوم، أن قرار إيقاف الدكتور أيمن عباس هو "قرار محافظة الفيوم" بالتنسيق مع الوزارة، ولا يحمل أي صدام بين القيادات.

وأكد أن التحقيقات ستستمر بشكل طبيعي، بغض النظر عن منصب الدكتور أيمن عباس الجديد، لأن "المخالفة لا تسقط بمجرد النقل".

وأشار إلى أن المحافظة ملتزمة بالإجراءات القانونية، حيث تم تحويل الملف للجهات المختصة، وأنه لا يمكن لأي موظف أن يترك موقعه أو يستلم موقعًا جديدًا دون إخلاء طرف رسمي، وهو ما يضمن استمرارية الرقابة والحوكمة في العمل الإداري.