النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

دواء مغشوش يهدد مرضى فيروس سي.. هيئة الدواء: «فوسيفي» المٌقلد لم يُرصد حتى الآن

فوسيفي
محمد عماد -

كتب - محمد عماد

أعادت هيئة الدواء المصرية ملف الأدوية المغشوشة إلى دائرة الضوء مجددًا، بعدما أصدرت خلال أغسطس الجاري تحذيرًا رسميًا بشأن احتمال وجود عبوات مقلدة من مستحضر «فوسيفي» (VOSEVI®)، المستخدم في علاج الالتهاب الكبدي الفيروسي «سي».

أثار التحذير تساؤلات واسعة حول حجم انتشار تلك العبوات في الأسواق، وكيفية رصدها، فضلاً عن الإجراءات التي تتخذها الجهات المختصة لحماية المرضى وضمان وصول الدواء السليم إليهم.

وتواصلت «النهار» مع الدكتور ياسين رجائي، مساعد رئيس هيئة الدواء المصرية، والدكتور محمد رضوان، مفتش صيدلي بوزارة الصحة والسكان، لتوضيح تفاصيل هذا الملف وكشف أبعاده.

بحسب بيان هيئة الدواء، فإن التحذير يتعلق بالتشغيلة رقم «22GE59364LDL» لمستحضر «VOSEVI®»، الذي يحتوي على المواد الفعالة (سوفوسبوفير 400 مجم – فيلباتاسفير 100 مجم – فوكسيلابريفير 100 مجم).

وأوضحت الهيئة أن سبب التحذير يعود إلى إفادة الشركة صاحبة المستحضر بوجود عبوات مجهولة المصدر، رغم أنه لم يتم رصدها بشكل مباشر عبر المفتشين حتى الآن.

وأكد البيان أن الدواء يستخدم لعلاج التهاب الكبد الوبائي المزمن «سي» للمرضى من عمر 12 عامًا فأكثر، ويزنون 30 كيلوجرامًا على الأقل، داعية المواطنين في حال الشك في وجود عبوات غير أصلية إلى التواصل عبر الخط الساخن (15301) أو الإبلاغ بالصور عبر المنصة الإلكترونية المخصصة لذلك.

شدد الدكتور ياسين رجائي، في حديثه لـ«النهار» على أن ما نشرته الهيئة لا يعني انتشارًا واسعًا للدواء المقلد في السوق، موضحًا أن مستحضر «فوسيفي» ليس من الأدوية المتداولة بكثرة في الصيدليات، وإنما يصرف بشكل أساسي من خلال المراكز الطبية التابعة لوزارة الصحة لعلاج مرضى فيروس «سي».

وأشار رجائي إلى أن الرقابة تبدأ منذ استيراد المادة الخام وحتى وصول المنتج النهائي إلى يد المريض، موضحًا أن المفتشين يتابعون مراحل الإنتاج والتصنيع والتحليل الدوري، بالإضافة إلى حملات التفتيش المستمرة على الصيدليات والمخازن وشركات التوزيع.

وأضاف: «كل مراحل التداول تخضع لرقابة مشددة، وأي بلاغ بوجود عبوات مشبوهة يتم التعامل معه بشكل فوري».

وحول كيفية التعرف على العبوات المغشوشة، أوضح رجائي أن الشركة المالكة للمستحضر هي الجهة الأولى التي تبلغ عن وجود تشغيلات مشبوهة، مشيرًا إلى أن اختلافات بسيطة في العبوة قد تكشف التزوير، مثل لون الكتابة أو وجود كلمات ناقصة أو زائدة، لكنه أكد أن مسؤولية التحقق من سلامة المستحضر تقع بالأساس على الصيدلي، وليس على المواطن العادي، الذي ينبغي عليه الاكتفاء بشراء الدواء من الصيدليات المعتمدة فقط.

وفيما يتعلق ببدائل العلاج، أوضح رجائي، في تصريحات خاصة لجريدة "النهار"، أن «فوسيفي» لا يمثل خط العلاج الأول لفيروس «سي»، بل يُستخدم غالبًا كخيار علاجي ثانٍ أو ثالث في بعض الحالات.

وأكد أن مصر تمتلك قاعدة قوية من الأدوية المحلية والبدائل العلاجية، التي ساهمت خلال السنوات الماضية في تحقيق طفرة كبيرة في القضاء على فيروس «سي»، مشيرًا إلى أن أعداد المرضى في تراجع مستمر منذ بدء المبادرات الرئاسية للكشف والعلاج.

من جانبه، قال الدكتور محمد رضوان، مفتش صيدلي بوزارة الصحة، إن اكتشاف الأدوية المقلدة يتم عادة إما عبر البلاغات المقدمة من المواطنين أو الأطباء، أو من خلال ملاحظة الفروق في تصميم العبوة مقارنة بالعبوة الأصلية، لافتًا إلى أن المزورين غالبًا لا ينجحون في تقليد جميع التفاصيل بدقة.

وأضاف رضوان، أن أبرز الأدوية التي تعرضت للغش خلال السنوات الماضية كانت أدوية الأورام والمضادات الحيوية، وكذلك بعض المسكنات الشهيرة.

وأوضح مفتش صيدلي، لجريدة "النهار"، أن الرقابة في بعض الحالات تكون لاحقة، أي أن المستحضر قد ينزل السوق بالفعل قبل صدور قرار بسحبه، ما يجعل دور التفتيش والمتابعة المستمرة بالغ الأهمية.

حذر رضوان من المخاطر الصحية الجسيمة التي قد يتعرض لها المريض في حال تناول عبوة مقلدة، موضحًا أن الخطر الأول يتمثل في غياب التأثير العلاجي، ما يؤدي إلى تدهور حالة المريض، مضيفًا: «إذا كان الغش قد تم باستخدام مواد غير فعالة، فالمريض لن يحصل على العلاج المطلوب، أما إذا احتوت العبوة على مواد ضارة، فقد يؤدي ذلك إلى أضرار بالكبد أو الكلى، وربما إلى مضاعفات أخطر».

كشف رضوان أن «فوسيفي» يتميز بتركيبته الفريدة، حيث يحتوي على مادة «فوكسيلابريفير»، وهي غير متوفرة في أي دواء آخر داخل مصر، بينما المادتان الأخريان (سوفوسبوفير وفيلباتاسفير) تتوافران في مستحضرات أخرى، موضحًا أن العبوة الأصلية تحتوي على 28 قرصًا مغلفًا، ويبلغ سعرها 13,121 جنيهًا، ما يجعلها هدفًا مغريًا لعمليات الغش.