هل تحظى الحكومة السودانية الموازية باعتراف إقليمي ودولي؟

حكومة وُلدت في خضم تطورات ميدانية وسياسية متسارعة، ففي 26 يوليو 2025، أعلن تحالف السودان التأسيسي «تأسيس» عن تشكيل الحكومة الموازية التي أطلق عليها حكومة «السلام الانتقالية»، من مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور، وتم تعيين محمد حسن التعايشي رئيسًا للوزراء، وتعيين عددٍ من الشخصيات في مناصب حكام الأقاليم والولايات، لتأتي في ظروف عصيبة وتحديات جوهرية تؤهر على بقائها من الأساس.
قُبلت الحكومة الجديدة برفض واسع، وضحت تفاصيله نسرين الصباحي، الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، حيث اعتبرتها الخارجية السودانية حكومة وهمية لتوزيع مناصب لإدارة السودان، وطالبت بعدم الاعتراف بها وحذرت الدول من التعامل معها، كما أثار الإعلان مجموعة من ردود الفعل الداخلية والإقليمية والدولية، وسط تحذيرات من تداعيات هذه الخطوة على مستقبل السودان، ووحدة ترابه، واستقرار شعبه، ومخاطر التحول إلى كانتونات متناحرة.
وفق تحليل «الصباحي»، ظهر رفض واسع من قبل القوى السياسية للحكومة الموازية، فاعتبرتها قوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية «واجهة إسفيرية» هشة لتبرير جرائم التمرد المسلح، وللتغطية على الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة بحق الشعب السوداني، فيما انتقد مجلس الصحوة الثوري السوداني هذه الخطوة، واعتبرها محاولة بائسة من الدعم السريع للضغط على الحكومة السودانية بعد فشلها في الاستيلاء على السلطة بالقوة. فيما قالت المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات: إن تشكيل الحكومة الموازية، يُمثل انتهاكًا لقواعد تأسيس الدولة السودانية.
وتُشير المواقف السياسية إلى إجماع وطني واسع ضد أي محاولات لتقسيم السلطة في السودان بين قوتين متنازعتين، بحسب «الصباحي»، وتؤكد القوى السياسية أن الحل لا يكمن في تشكيل حكومات موازية، بل في وقف الحرب بشكل فوري، والدخول في عملية سياسية شاملة تستهدف استعادة الشرعية الدستورية والحفاظ على وحدة البلاد.
اعتبر الحزب الشيوعي الحكومة الموازية ورقة ضغط سياسية في أي مفاوضات مقبلة، كما أشار حزب المؤتمر السوداني إلى أن إعلان حكومة الدعم السريع يكرّس سباقًا نحو سلطات متنازعة يُهدد وحدة السودان ويُغذّي الانقسام. من جهته، اعتبر حزب البعث العربي الاشتراكي – الأصل، أن إعلان الحكومة الموازية يندرج ضمن مخطط لتبادل الأدوار بين المعسكرين المتصارعين؛ مما يُطيل أمد الحرب.
حذر رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي بابكر فيصل من تداعيات وجود حكومتين متوازيتين، بما يهدد وحدة السودان. كما أكدت الحركة الشعبية – التيار الثوري الديمقراطي، أن وجود حكومتين متنازعتين، يعيق التحول الديمقراطي ويُضعف سيادة الدولة. فيما أفاد التجمع الاتحادي- الأمانة العامة، بأن إعلان الحكومة الموازية جاء بضغوط خارجية. كما أوضح حزب الأمة القومي أن إعلان حكومة تأسيس، يمثل تطورًا بالغ الخطورة وينذر بمآلات كارثية على وحدة وسلامة البلاد.
أما على المستوى الإقليمي والقاري والدولي، جددت السعودية وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي وإريتريا والسنغال، رفضهم تشكيل حكومة موازية في السودان، مع اعتبار هذه الخطوة محاولة لفرض واقع بالقوة. كما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها الشديد ورفضها لأي خطوات من شأنها أن تؤدي إلى تقسيم السودان أو تقويض وحدته وسيادته، وهو ما أعلنته الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة «إيجاد» والولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج ودول أخرى بعد إعلان ميثاق نيروبي، أنها لن تعترف بحكومة في مناطق الدعم السريع، وعدّتها خطوة لتمزيق البلاد، مع التأكيد على أن أي محاولة لتشكيل أجسام بديلة أو موازية خارج إطار التوافق السوداني مرفوضة.
وذكرت نسرين الصباحي، أن هذه المواقف تعتمد على عدة محاذير ومخاوف؛ حيث ترى الولايات المتحدة الأمريكية أن تشكيل حكومة موازية تعرقل محاولات تحقيق السلام وتزيد من تعقيد الأزمة، كما تخشى أن تصبح سابقة قد تتكرر في دول أخرى تعاني من هشاشة سياسية مثل إثيوبيا وإريتريا. فيما تخشى الدول الأوروبية أن تؤدي الحكومة الموازية إلى إطالة أمد الحرب؛ مما يزيد من موجات اللجوء نحو أوروبا. فيما ترفض إريتريا وتشاد الحكومة الموازية لأنها تراها خطوة قد تؤدي إلى تفتيت السودان وتزيد الاضطرابات على حدودها المباشرة.