هل يقود اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء بسوريا إلى تهدئة حقيقية؟

قدّم محمد عبدالرازق، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، تحليلاً مُعمقاً واستنتاجات أساسية على ما استقر عليه المشهد في السويداء بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 19 يوليو 2025، وما تخللها من تفاعلات عسكرية وسياسية داخلية وإقليمية ودولية، موضحاً أن الاتفاق بمثابة تهدئة هشة، إذ تظهر عملية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء تشابهًا كبيرًا مع مسار التوصل إلى الاتفاقات التي وُقعت في أحداث مشابهة مع الدروز، وخاصة تلك التي وقعت في جرمانا وصحنايا في نهاية أبريل وأول مايو 2025؛ إذ عمدت الحكومة السورية إلى التواصل مع الوجهاء وشيوخ العقل الأكثر ميلًا إلى التعامل مع الحكومة المركزية وغير المنخرطين في دعاوى الانفصال وطلب الحماية الدولية. ولذلك جرى التوصل إلى اتفاق 16 يوليو بالتنسيق بشكل أساسي مع شيخ العقل يوسف جربوع وليث البلعوسي القيادي في تجمع رجال الكرامة.
كان مصير هذا الاتفاق بحسب تحليل «عبدالرازق» مماثلًا لمصير اتفاق مايو 2025 بالفشل، خاصة بعدما أعلن الزعيم الروحي للدروز الشيخ حكمت الهجري رفضه لهذا الاتفاق وتأكيده على طلب الحماية الدولية، بما دفع إلى أن يكون الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه يوم 19 يوليو قد تم بالتنسيق المباشر والوحيد مع الهجري دون غيره من شيوخ العقل؛ لضمان تنفيذه. إلا أن هذا الانقسام الكبير بين شيوخ العقل وكذا قادة الفصائل المسلحة في السويداء يمثل عاملًا مهمًا لأن يكون الاتفاق الأخير هشًا وعُرضة للاختراق والفشل في أي وقت.
أضاف محمد عبدالرازق، إلى ذلك عامل شديد الأهمية وهو عدم وجود نص موحد لاتفاق وقف إطلاق النار؛ إذ ظهرت تباينات كبيرة بين نص الاتفاق الذي أعلنته وزارة الداخلية السورية وذلك الذي أعلنته الرئاسة الروحية للدروز. فقد تضمن اتفاق وزارة الداخلية بنودًا تتعلق بنشر حواجز للأمن الداخلي في مدينة السويداء والمناطق المجاورة لها، والتوافق على آلية لتنظيم السلاح الثقيل بالتعاون مع وزارتي الداخلية والدفاع، وتحقيق الاندماج الكامل لمحافظة السويداء ضمن الدولة السورية، وتأكيد سيادة الدولة الكاملة على جميع أراضي المحافظة، وإعادة تفعيل جميع مؤسسات الدولة في مناطق السويداء كافة.
وهي بنود تتشابه إلى حد كبير مع بنود اتفاق 16 يوليو الذي لم يصمد. فيما خلا نص الاتفاق الذي أعلنته الرئاسة الروحية للدروز من هذه البنود كاملة، ويقتصر في هذا الإطار على نشر حواجز تابعة للأمن العام خارج الحدود الإدارية لمحافظة السويداء، والخروج الآمن لأبناء العشائر من مناطق المحافظة.
ويعد هذا التباين في النصوص دافعًا أساسيًا لاحتمالات خرق الاتفاق بحسب «عبدالرازق» في أي وقت نتيجة عدم تنفيذ بنوده، ولا سيّما إذا ما اقترن ذلك مع حالة التحشيد الطائفي المستمرة في السويداء، والانقسام بين المرجعيات الدرزية الدينية والعسكرية، وعدم السيطرة الكاملة على سلوك العناصر المنضوية في القوى الأمنية والعسكرية السورية، خاصة بعدما شهدته أحداث السويداء من اشتباكات وأعمال عنف متبادلة.