حصص عقارية للبيع.. استثمار واعد أم فخ نصب إلكتروني؟

في الآونة الأخيرة، برز في السوق العقاري المصري نمط استثماري جديد يُعرف بـ«الحصص العقارية»، وهو بيع أجزاء من الوحدات الإدارية أو التجارية للأفراد، مقابل عوائد ربع سنوية ثابتة، وسط تساؤلات متزايدة حول قانونية هذه العمليات، وظهور كيانات غير مرخصة تعمل في هذا المجال، ما أثار مخاوف بشأن جدية العوائد ومصير أموال المواطنين.
البورصة العقارية.. المفهوم والتطبيق
الدكتور محمد راشد، عضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري، أوضح في تصريحات لـ «النهار»، أن الحصص العقارية تُعد النسخة العملية لما يُعرف بـ«البورصة العقارية»، والتي ظهرت عالميًا منذ أكثر من 10 سنوات، بينما بدأت تطبيقاتها محليًا متأخرة بعض الشيء.
وأكد راشد أن الفكرة تقوم على تحويل العقارات ذات القيمة المرتفعة، مثل الوحدات الإدارية أو التجارية التي قد تصل قيمتها إلى 10 ملايين جنيه إلى أوراق قابلة للتداول، عبر تقسيم الوحدة إلى حصص صغيرة تُباع لصغار المستثمرين، وتُدار من خلال شركة مختصة، تتولى عملية التأجير والصيانة وتوزيع الأرباح وفقًا لنسب المساهمة.
وأشار إلى أن هذا النموذج يخضع لضوابط وضمانات رقابية واضحة، من بينها التسجيل العقاري، وأن تكون الشركة أو المنصة مرخصة من الهيئة العامة للرقابة المالية، كما يجب أن تكون الوحدة قائمة وتدر دخلاً فعليًا، لضمان وجود عائد يتراوح عادة بين 15 و20% سنويًا، وهو أعلى من العائد على الوحدات السكنية.
شركات غير مرخصة وتحذيرات رسمية
رغم هذا، حذّرت الدكتورة رانيا يعقوب، خبيرة أسواق المال، من توسع بعض الشركات في بيع الحصص العقارية بدون الحصول على التراخيص اللازمة من الهيئة العامة للرقابة المالية، مؤكدة أن هذه الأنشطة غير قانونية وتُعرّض أموال العملاء لمخاطر جسيمة.
وأضافت يعقوب أن الجهات الرقابية أصدرت مؤخرًا تنبيهات رسمية للتحذير من هذا النوع من المعاملات، التي تُجرى خارج الإطار القانوني، وأوضحت أن التعامل القانوني في هذا الشأن يكون من خلال الصناديق العقارية المرخصة فقط، والتي تخضع لقانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992.
وشددت على ضرورة أن يتحقق العملاء من ترخيص الشركة أو الصندوق العقاري عبر موقع الهيئة العامة للرقابة المالية، وعدم الاكتفاء بالإعلانات أو التطبيقات، خاصة أن عدم وجود اسم الشركة في قوائم الهيئة يُسقط عنها الحماية القانونية، ويجعل المتعامل معها عرضة للنصب.
ثغرات قانونية ومخاطر التقاضي
من جانبه، أوضح المحامي بالنقض هيثم السايس أن هذه الطريقة في بيع الحصص تطورت من مجرد عرض وحدات للإيجار بعائد مضمون، إلى آلية تستغل ثقة المستثمرين الصغار، وتُمارَس أحيانًا بطرق غير قانونية تحت غطاء تقني عبر التطبيقات الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي.
وقال السايس إن أبرز خطورة في هذا النموذج، هو غياب التوثيق القانوني بين المستثمر والشركة، حيث يتم الاتفاق شفهيًا أو إلكترونيًا دون وجود عقود رسمية، مما يُضعف قدرة المستثمر على المطالبة بحقه في حال حدوث نزاع أو تقصير في سداد العوائد.
وأضاف أن غياب العقود المكتوبة يعوق اللجوء إلى القضاء، ويجعل من العميل الحلقة الأضعف في هذه المنظومة، خاصة أن بعض هذه الشركات تمارس نشاطًا أقرب إلى توظيف الأموال تحت ستار عقاري، وهو ما يُصنف قانونيًا كجريمة في حال ثبوت النية الاحتيالية.
كيف تحمي نفسك؟
يشدد الخبراء على ضرورة اتباع الخطوات التالية لحماية أموال المستثمرين في هذا النوع من الاستثمارات:
• التأكد من تسجيل الوحدة بالشهر العقاري.
• التحقق من ترخيص الشركة عبر الهيئة العامة للرقابة المالية.
• رفض أي تعامل لا يتم بموجب عقد قانوني موثق.
• الابتعاد عن المنصات أو التطبيقات المجهولة أو غير المعروفة.
ختامًا، فإن فكرة الحصص العقارية قد تكون فرصة استثمارية جاذبة على المدى الطويل، شريطة وجود تنظيم قانوني واضح، وإطار رقابي صارم يحمي المستثمر، ويمنع التلاعب بثرواته، وحتى صدور التشريعات المنتظرة من البرلمان، يبقى الحذر واجبًا، والوعي خط الدفاع الأول أمام فخاخ النصب العقاري الحديث.