النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

الرئيس الأمريكي يدخل معركة جديدة مع الاحتياطي الفيدرالي.. القصة الكاملة

الرئيس الأمريكي
كريم عزيز -

معركة جديدة يخوضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع البنك المركزي الأمريكي «الاحتياطي الفيدرالي»، بدأت حينما قرر مهاجمة المؤسسة المالية الأهم في العالم من داخل مقرها الرئيسي في واشنطن، وبحسب صحيفة «فاينانشال تايمز»، فإن هذه الخطوة تُعد الأكثر جرأة في تاريخ العلاقة بين الرئاسة الأمريكية والبنك المركزي منذ حصول الأخير على استقلاليته عام 1951.

حينما وصل ترامب إلى مقر البنك بدأ بمهاجمة رئيسه جيروم باول علنًا، وخلال جولته في المبنى، وضع ترامب يده على كتف باول وقال له مباشرة: «أتمنى لو أنك خفّضت أسعار الفائدة»، بينما أظهرت الكاميرات ضحكة محرجة من رئيس البنك المركزي.

وعلّق ديفيد ويلكوكس، المسؤول السابق في البنك المركزي والذي يعمل حاليًا في معهد بيترسون وبلومبرج، قائلًا: «من النادر للغاية أن يأتي الرئيس إلى البنك المركزي، ولم يحدث هذا من قبل في ظروف عدائية»، ووصفت الصحيفة المشهد بأن ترامب سيطر على باول وهما يخاطبان الصحفيين في ممر مليء بمعدات البناء.

لم يكتفِ ترامب بالضغط على باول بشأن أسعار الفائدة، بل انتقده بشدة حول تكاليف تجديد مقر البنك المركزي، إذ ادّعى الرئيس الأمريكي أن التكلفة وصلت إلى 3.1 مليار دولار لتجديد مبنى مارينر إس. إيكلز الكلاسيكي، بالإضافة إلى مبنى شارع دستور 1951 المجاور، وردّ البنك المركزي بأن التكلفة الفعلية للتجديدات حوالي 2.5 مليار دولار، وأن حسابات ترامب تشمل مشروعًا مكتملًا في الجوار.

هذا الصدام، الذي بُثّ مباشرة على التلفزيون، يمثل أكثر المناوشات علنية بين رئيس أمريكي ورئيس البنك المركزي منذ استقلالية البنك عام 1951.

رغم أن مصادر مطلعة أشارت لصحيفة فاينانشال تايمز إلى أن ترامب كان أكثر أدبًا واحترامًا بعيدًا عن الكاميرات، وأن مسؤولي البنك شعروا بالراحة من تصريحاته بأنه لن يقيل باول بسبب التجديدات، وأنهم عقدوا اجتماعًا جيدًا، إلا أن وابل الانتقادات الذي يواجهه باول من ترامب وحلفائه أثار قلقًا عميقًا بين آلاف موظفي المؤسسة.

وصفت كلوديا سام، الاقتصادية السابقة في البنك المركزي والتي تعمل حاليًا في نيو سينشري أدفايزرز، الأجواء بقولها: «إنه إناء ضغط»، وأضافت أن آخرين داخل البنك يصفون الوضع سرًا بأنه قصف مستمر، شعور تكثف مع توجيه مسؤولي إدارة ترامب انتقاداتهم لمشروع التجديد.

يشعر اقتصاديون ومسؤولون سابقون في البنك المركزي بالقلق من أن ترامب سيستخدم مشروع التجديد المتجاوز للميزانية بـ700 مليون دولار كسبب لإقالة باول لسبب مبرر، وهو مصطلح يُفهم عمومًا على أنه إهمال جسيم، كما أن المحكمة العليا أشارت إلى أن ترامب لا يستطيع إقالته بسبب خلافات في الرأي حول السياسة النقدية.

رغم التركيز الأخير على التجديد، فإن أكبر شكاوى ترامب تتعلق بموقف باول من الإبقاء على أسعار الفائدة في النطاق الحالي من 4.25% إلى 4.5%، حتى بينما خفّضت بنوك مركزية أخرى تكاليف الاقتراض، وقطع البنك المركزي تكاليف الاقتراض بنقطة مئوية واحدة العام الماضي، لكنه أوقف دورة خفض الأسعار جزئيًا بسبب مخاوف من أن تعريفات ترامب الجمركية ستُسبب اشتعالًا جديدًا في التضخم.

وصف ترامب باول بـ«البليد» و«البغل العنيد» لرفضه الاستجابة لمطالبه بخفض الأسعار إلى حوالي 1%، وهو مستوى يُحدد عادة لتحفيز الاقتصاد خلال الأزمات الاقتصادية، لكن حجة الرئيس وجدت صدى لدى قاعدته من أنصار ماجا، العديد منهم متشككون بعمق من البنك المركزي. حتى بين الأمريكيين عمومًا، 37% فقط واثقون من باول، وفقًا لاستطلاع جالوب في أبريل.