النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

«النهار» تنفرد بأول حوار مع المستشار حسين مدكور: ”نجحنا في تحصيل 1.6 مليار جنيه خلال عام و3 أشهر.. وتنفيذ الأحكام على رأس الأولويات”

روجينا فتح الله -

في أول أيامه على رأس هيئة قضايا الدولة، التقت جريدة “النهار” مع المستشار حسين مدكور، رئيس هيئة قضايا الدولة، في أول حوار صحفي له عقب توليه مهام منصبه، تحدث فيه عن رؤيته للمرحلة المقبلة، وأبرز أولوياته، وتفاصيل خطوات التطوير الإداري والرقمي داخل الهيئة.

كما كشف المستشار حسين مدكور خلال الحوار عن رؤيته لتطوير الهيئة، وكيفية بناء جيل جديد من القيادات القانونية، إلى جانب خطط التحول الرقمي، وتفاصيل أول جلسة إلكترونية بتاريخ الهيئات القضائية في مصر.

فيما يلي نص الحوار ..


في البداية، نبارك لمعاليكم تولي المنصب.. كيف استقبلتم القرار؟ وما الذي يمثله هذا المنصب بالنسبة لكم؟

شكرًا لحضراتكم. من الطبيعي أن يشعر أي مستشار بالفخر إذا حاز ثقة الدولة وفخامة الرئيس، بالنسبة لي رئاسة الهيئة مسؤولية كبيرة، وأنا أركّز فقط على عملي، لا أنشغل بأي نزاعات أو خلافات، وأؤمن أن الاجتهاد في العمل، والتفكير خارج الصندوق، هما طريق النجاح.

كيف استعددتم لتولي هذه المسؤولية؟

استعدادي بسيط جدًا، التركيز الكامل على العمل، أتيت إلى الهيئة لكي أؤدي دوري باحتراف، وغايتنا الأولى والأخيرة هي تنفيذ الأحكام القضائية، واجهنا تحديات كبيرة، لكن بفضل الله استطعنا خلال سنة وثلاثة أشهر فقط تحصيل ما يقرب من مليار و600 مليون جنيه، بعد أن كان أقصى ما يُحصّل في قطاع التنفيذ لا يتجاوز 40 أو 50 مليونًا.

تعريف بتاريخ الهيئة ونشأة هيئة قضايا الدولة؟

تعد هيئة قضايا الدولة من الهيئات القضائية المستقلة في مصر، وقد تأسست بموجب القانون رقم 75 لعام 1963، الذي نص على إنشائها كهيئة قضائية تابعة للسلطة القضائية، ولكنها تتمتع بالاستقلال الكامل في أداء مهامها، جاء إنشاء الهيئة بهدف حماية حقوق الدولة في القضايا التي تكون طرفاً فيها، سواء كانت تلك القضايا تتعلق بالشؤون المالية أو القانونية أو الإدارية، وذلك من خلال تقديم الاستشارات القانونية والمرافعة أمام المحاكم.

وكانت الهيئة، قبل تأسيسها الرسمي، تتعامل مع قضايا الدولة عبر الإدارات القانونية التابعة للوزارات المختلفة، لكن مع تطور العمل القضائي، أصبح من الضروري إنشاء هيئة مستقلة تتولى الدفاع عن حقوق الدولة بشكل متكامل.

ما هو دور هيئة قضايا الدولة؟

تُعد هيئة قضايا الدولة من الهيئات القضائية المهمة في مصر، وهي تختص بعدد من المهام القانونية والإدارية التي تساهم في حماية مصالح الدولة، تتولى الهيئة تمثيل الدولة في المحاكم، سواء كانت القضايا مدنية أو جنائية أو إدارية، حيث تقوم بالدفاع عن الدولة أمام جميع المحاكم بكافة درجاتها، تشمل هذه القضايا تلك التي تكون الدولة طرفًا فيها، مثل القضايا المتعلقة بالممتلكات العامة أو عقود الدولة أو نزاعات مع الأفراد أو الشركات.

ما هي أبرز أولوياتكم في المرحلة المقبلة؟

من أولوياتنا حاليًا إعادة هيكلة الجانب الإداري داخل الهيئة، سواء للموظفين أو للأعضاء، وخلق صف ثانٍ من القيادات الشابة، نحن نسعى للتنويع في الاختيارات، وتمكين كوادر جديدة قادرة على العطاء المؤسسي في المستقبل.

كيف ترون دور الهيئة في دعم الدولة المصرية وحماية المال العام؟

دور الهيئة محوري جدًا، فهي النائب القانوني عن الحكومة، وتتصدى لأي نزاعات قضائية تمس الدولة، كبيرة كانت أو صغيرة، الدفاع عن المال العام والحريات هو صميم عملنا اليومي، وعلينا أداء هذا الدور بكفاءة وشفافية.

كيف تقيّم أداء الهيئة خلال السنوات الماضية؟

الهيئة كانت تؤدي دورها بجدية، لكن كأي مؤسسة، قد يكون هناك تفاوت في الأداء ببعض المراحل، شخصيًا أطمح للوصول إلى أعلى مستويات الجودة، حتى لو كان الأداء جيدًا، دائمًا هناك مجال للتحسين.

إذا حصل أحد المواطنين علي حكم ضد الدولة أو وزارة معينة هل يختص قطاع التنفيذ بتنفيذ الحكم؟

في حال حصول أحد المواطنين على حكم قضائي ضد الدولة أو إحدى الوزارات، فإن تنفيذ الحكم لا يتم عن طريق قطاع التنفيذ، بل يقوم قسم المرافعة المختص بإصدار خطاب لصرف المبلغ المستحق من الجهة المحكوم عليها، والتي تكون ملزمة بتنفيذ الحكم بناءً على هذا الخطاب، لذا، يقتصر دور قطاع التنفيذ في حالات أخرى تتعلق بتنفيذ الأحكام التي تستدعي التدخل المباشر من الجهات التنفيذية.

هل هناك توجه لتعزيز التحول الرقمي داخل الهيئة؟، وماذا عن أول جلسة رقمية بالكامل في تاريخ الهيئة؟

بالتأكيد، ومنذ إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي عن استراتيجية الرقمنة، بدأنا خطوات فعلية، ووقعنا بروتوكول تعاون مع وزارة الاتصالات، وأعددنا أنظمة إلكترونية لتطوير بيئة العمل داخل الهيئة.

انعقدت أول جلسة قضائية داخل الهيئة بشكل رقمي كامل وتم نجاح التجربة بفضل الله، دون أوراق أو مستندات ورقية، كل شيء سيكون إلكترونيًا عبر أجهزة الحاسب المحمولة، هذه لحظة فارقة في مسار التطوير القضائي.

هل يجوز للشخص الصادر ضده الحكم التقدم بطلب لتقسيط المبالغ المستحق للدولة؟.. وهل توجد قواعد أو إجراءات منظمة لذلك؟

نعم، يجوز للشخص الصادر ضده الحكم التقدم بطلب لتقسيط المبالغ المستحقة للدولة، ومن أهم الضوابط التي تم وضعها بعد إنشاء قطاع التنفيذ هو تسهيل الإجراءات على المدين من خلال إقرار مبدأ التقسيط. ومع ذلك، يشترط أن يسدد المدين نسبة 25% من قيمة المديونية كدفعة أولى لكي يتم قبول طلبه، من ضمن القواعد المنظمة لهذا النظام أن مدة التقسيط لا يجب أن تتجاوز سنتين، وفي حالة تعذر السداد خلال هذه الفترة، يتعين على المدين تقديم ضمانات، مثل تقديم ضامن أو شيكات بقيمة المبلغ المستحق.

هل هناك خطة للاستثمار في الطاقات الشابة داخل الهيئة؟

نعم، هذا من صميم أولوياتنا، وخلق قيادات جديدة من الشباب أصبح ضرورة، وبدأنا بالفعل التنسيق مع الأكاديمية الوطنية للتدريب لإعداد دورات تأهيلية في مجالات الإدارة والسياسات العامة.

هل هناك تعاون مع هيئات أخرى لتدريب المستشارين؟

بدأنا اتصالات مباشرة مع الأكاديمية الوطنية منذ أمس، ونُعد حاليًا برامج تدريبية متخصصة لتأهيل مستشاري الهيئة، خاصة في إدارة الملفات وصنع القرار المؤسسي السريع، بما يواكب متطلبات المرحلة.

هل يوجد تصنيف خاص بهذه القضايا بالنسبة لكل وزارة أو محافظة علي دا؟

نعم، كان من أولويات قطاع التنفيذ تصنيف الأحكام الخاصة بكل وزارة أو محافظة على حدة، وتحديد مبالغ الحكم، وطريقة سداده، والمبالغ المتبقية، والإجراءات المتخذة، بالإضافة إلى تحديد صعوبات التنفيذ، وقد تم إخطار كل وزارة ومحافظة بهذا التصنيف على مستوى الجمهورية، حيث يشمل ذلك أيضاً تحديد اسم الفرع المسؤول عن التنفيذ واسم المستشار المختص، مما يسهل عملية التواصل ويسرع من إنجاز العمل. كما يقوم القطاع بتحديث البيانات المتعلقة بهذه القضايا شهرياً لضمان المتابعة الدقيقة والفعّالة.

هل هناك تنسيق حاليًا مع الجهات الحكومية الأخرى لحسم النزاعات قبل اللجوء للمحاكم؟

بالطبع، وفقًا للقانون الجديد، تسوية المنازعات أصبحت من اختصاص الهيئة، وهي الخطوة الأولى قبل اللجوء للتقاضي، نحاول دائمًا إنهاء النزاع بالطرق الودية والقانونية بما يضمن مصلحة الدولة.

من خلال مسيرتكم الطويلة، ما اللحظة الأهم في حياتكم المهنية؟

بصراحة، الأهم دائمًا هو العمل نفسه، كل مرحلة كان لها تحدياتها، لكن الاستمرار في الاجتهاد هو ما يجعل كل لحظة مهمة في حياتي المهنية.

ما هي المعايير التي تعتمدون عليها في تأهيل الكوادر داخل الهيئة؟

المعايير يتم تحديدها وفق المرحلة الزمنية، وتضعها الجهات التدريبية المتخصصة مثل الأكاديمية الوطنية، لا يمكن الاعتماد على نفس المعايير في كل عصر، لذلك نحن حريصون على المرونة والتجديد في منظومة التأهيل.

ما هو دور قطاع التنفيذ في الهيئة؟

يُعد قطاع التنفيذ في هيئة قضايا الدولة من القطاعات الحيوية التي تتولى تنفيذ الأحكام القضائية التي تصدر لصالح الدولة، ويعتبر من الجوانب الأساسية في ضمان تنفيذ قرارات القضاء بشكل فعال، ويتمثل دور قطاع التنفيذ في الهيئة في عدة مهام أساسية، يقوم قطاع التنفيذ بتنفيذ الأحكام التي تصدر لصالح الدولة، سواء كانت هذه الأحكام تتعلق بالمبالغ المالية أو بإجراءات عينية مثل إسترداد قطعة أرض أو وحدة سكنية.

قطاع تنفيذ الأحكام يعتبر من القطاعات الحساسة في العمل القضائي.. كيف تصفون آلية تنفيذ الأحكام في مصر؟ وهل هناك صعوبات تواجه تطبيق الأحكام بشكل سريع وفعّال؟

قطاع تنفيذ الأحكام يعد من القطاعات الحساسة في العمل القضائي، وذلك بسبب تعقيد الإجراءات والتحديات التي تواجه تطبيق الأحكام بشكل سريع وفعّال، من أبرز الصعوبات التي تواجه تنفيذ الأحكام في مصر هي تغير عنوان المدين، مما يصعب عملية العثور عليه وتنفيذ الحكم عليه، فضلاً عن صعوبة إجراء التحريات حول مكان سكنه، إضافة إلى ذلك، لا تبدأ إجراءات التنفيذ إلا بعد إعلانه بالصيغة التنفيذية للحكم.

هناك أيضاً مشكلة أخرى تتمثل في تحول بعض الشركات المدينة من شكل قانوني إلى آخر، مثل التحول من شركة تضامن إلى شركة مساهمة، ما يعقد عملية تحديد المسؤوليات المالية وتنفيذ الأحكام.

وفي هذا السياق، اقتراح تنسيق مع وزارة الداخلية لإدخال أسماء المدينين على قاعدة بيانات مركزية، كما هو معمول به في أحكام الجنح والجنايات. وهذا يتيح للمواطنين عند تقديمهم لأي إجراء في جهات حكومية أن يظهر على النظام إذا كان عليهم مديونية للدولة. ويمكن مثلاً ربط هذه البيانات بنظام خدمات الأحوال المدنية، بحيث يتم تأجيل تسليم الخدمة للمواطن إلى حين تسويته للمديونية، كما هو الحال في بعض الدول الخليجية، حيث يتطلب الأمر سداد الفواتير المستحقة قبل السفر عبر المطار، وهو إجراء يساهم في تسريع تحصيل الحقوق وتنفيذ الأحكام بشكل أكثر فعالية.

أخيرًا، ما هي الرسالة التي تود توجيهها لشباب القانون اليوم؟

رسالتي لهم: “أقرأ قضيتك.. وأقرأ لقضيتك”، بمعنى أن يقرأ ملف القضية بتمعن، ويعود إلى المراجع والأحكام الحديثة، ليتمكن من صياغة مذكرة قانونية سليمة، مواكبة للعصر.