النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

هل تحقق الصين أمن طاقتها في ظل حروب الشرق الأوسط؟.. تحليل يوضح السيناريوهات الأسوأ

الرئيس الصيني
كريم عزيز -

ألقت الحروب الجارية، وآخرها الحرب بين كل من إسرائيل وإيران والولايات المتحدة الأمريكية، ظلالها على العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية بين مختلف البلدان، خاصة الصين التي تحاول تحديد موقفها بعد الهجوم الأمريكي على إيران ووقف إطلاق النار الهش بين تل أبيب وطهران، في وقت يحمل فيه الصراع تداعيات مباشرة على مصالح الصين الاستراتيجية والاقتصادية في المنطقة.

وقف إطلاق النار

بينما تدعو الصين علنًا لوقف إطلاق النار وتهدئة التوترات، تكشف التحليلات عن موقف أكثر تعقيدًا يوازن بين المخاوف الإقليمية والحسابات الإستراتيجية العالمية، إذ تتمحور استراتيجية الصين في الشرق الأوسط حول ثلاث ركائز أساسية، وفقًا لتحليل نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية.

أول ركيزة وفق المجلة، هي ضمان أمن الطاقة، إذ تستورد الصين بكثافة من دول الخليج وإيران، تليها المصالح الاقتصادية المتمثلة في تنفيذ مشروعات مبادرة الحزام والطريق، وأخيرًا التعاون السياسي مع الدول العربية وإيران الذي يخدم الهدفين الأولين في النهاية، ورغم زيادة الصين لمشترياتها من النفط الروسي عقب الحرب الأوكرانية، لا يزال الجزء الأكبر من احتياطياتها النفطية يأتي من الشرق الأوسط، وفي حال انهيار وقف إطلاق النار وتوسع الصراع، ستتأثر مشروعات الحزام والطريق الصينية في المنطقة حتمًا.

مبادرة الحزام والطريق

وفق تحليل المجلة، حققت مبادرة «الحزام والطريق» تقدمًا كبيرًا في الشرق الأوسط خلال العقد الماضي، متفوقة على معظم المناطق الأخرى، ما يعني أن أي تباطؤ أو توقف مُحرَّض بالحرب للتعاون سيضر مباشرة بصادرات الصين واقتصادها الإجمالي، لافته إلى أن أن هذا السيناريو قد لا يكون الأسوأ من منظور بكين، فالصين تخشى أكثر من سقوط النظام الإيراني تحت الضغط العسكري الأمريكي-الإسرائيلي المشترك.

وحثَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الشعب الإيراني علنًا على الثورة ضد حكومته عقب الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، كما ألمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تغيير النظام، وفي حال تحقق هذا السيناريو، قد تُمحى استثمارات الصين وتفاعلها مع إيران على مدى عقود، ما يؤكد مخاوف بكين طويلة المدى من التمرد الذي تحرضه الولايات المتحدة.

تحالف الصين الحالي

كما أن تحالف الصين الحالي مع إيران قد أدى بالفعل لتوتر علاقاتها مع إسرائيل، وأي حكومة إيرانية جديدة مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل ستهمش الصين على الأرجح، على الأقل في البداية، ما سيشكل ضربة كبيرة لمكانة الصين ليس فقط في إيران بل عبر الشرق الأوسط.

أكد تحليل المجلة، أن الصراع الإسرائيلي-الإيراني يلعب دورًا في المنافسة الأوسع بين الولايات المتحدة والصين، وفي بعض الحالات قد يتفوق هذا على الاستراتيجية الإقليمية الصينية، وإذا كان تفاقم الصراع يفيد جهود بكين لمواجهة النفوذ الأمريكي، حتى على حساب الألم الاقتصادي قصير المدى، فقد تميل بكين فعلًا لتحمل أو حتى دعم التصعيد المحدود.

ذكرت «فورين بوليسي»، تحليل للباحث الأمريكي جون مييرشايمر، والذي يرى أن الضربات الإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية والتدخل الأمريكي لدعم إسرائيل يخدم الصين في النهاية على حساب أمريكا، منتقداً كلًا من إسرائيل وإدارة ترامب لتأجيج الأزمة، مؤكداً أن الولايات المتحدة تواجه تهديدًا إستراتيجيًا أكبر من الصين وينبغي لها التركيز على شرق آسيا بدلاً من إهدار مواردها في الخليج العربي.

كانت واشنطن خططت لإعادة نشر الأصول البحرية والجوية من الخليج إلى شرق آسيا، لكن تصعيد إسرائيل أرسل حاملة طائرات نيميتز وقاذفات قنابل إلى الخليج بدلًا من ذلك.

أوضحت بكين موقفها من الحرب خلال قمة الصين-آسيا الوسطى الأخيرة في أستانا بكازاخستان، وأثار الرئيس الصيني شي جين بينج القضية مع الرئيس الأوزبكي شوكت ميرضياييف، منتقدًا الأعمال العسكرية الإسرائيلية لإثارة التوترات الإقليمية المتزايدة، كما ناقش شي الصراع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حاثًا الطرفين، وخاصة إسرائيل، على تهدئة التصعيد والعودة للقنوات الدبلوماسية.

الدبلوماسية الصينية

تحدث وزير الخارجية الصيني وانج يي مع نظيريه الإيراني والإسرائيلي، وكذلك مع وزراء خارجية آخرين في الشرق الأوسط، منتقدًا إسرائيل بحدة وقائلًا لوزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن هجوم إسرائيل على إيران ينتهك القانون الدولي، كما أدانت بكين بقوة الضربات الجوية الأمريكية على المواقع النووية الإيرانية.