”مدارس محفوفة بالمخاطر”.. «النهار» تخوض معايشة وتكشف: مبان متهالكة وباعة جائلين فى محراب العلم

بدأ العام الدراسي وسط آمال كبيرة معلقة على عقول الطلاب فى مختلف المراحل الدراسية بتحقيق النجاح والتفوق، ولكن تلك الآمال تطاردها مخاوف كبيرة، وخطر ينذر بكارثة، نتيجة مبان متهالكة وغير مؤهلة لاستقبالهم، وضعف الصيانة والرعاية اللازمة، وتراكم القمامة والمخلفات بمحيط المدارس؛ وذلك على الرغم من حديث وزير التربية والتعليم بشأن خطة الصيانة المحكمة.
خاضت جريدة "النهار المصرية" مغامرة صحفية رضدت خلالها تهالك الأبنية التعليمية وتراكم المخلفات والقمامة والباعة الجائلين بمحيط محراب التعليم لتسلط الضوء على تلك الزاوية المظلمة من ملف التعليم فى مصر.
مخزن قمامة
باعة جائلين تراصوا فى اعتدال محكم بجوار مدرستي جمال حمدان وأحمد زويل للتعليم الأساسي بمدينة 6 أكتوبر، وافترشوا بضائعهم بجوار المدرستين، وتعالت أصواتهم ترويجًا لها، مما شكل إعاقة صوتية للطلاب وتشتيت يؤثر على سير العملية التعليمية، ولم يقتصر الأمر على ذلك، فبجوار سور المدرسة وقف أحد النباشين يخزن البلاستك الذي جمعه فى أجولة، متخذًا من سور المدرسة مخزنًا للقمامة.
لم يقتصر الأمر بالنسبة للمدرستين السابقتين الملاصقتين لبعضهما البعض، عند حد الباعة الجائلين ومخازن النباشين، ولكن بجوار سور مدرسة أحمد زويل ألقيت مخلفات البناء وسط المسطحات الخضراء، وبجوارها أعمدة إنارة مفتوحة ونوافذ مهشمة تشكل خطر أكبر على حياة الطلاب.
ورش ومخلفات خطرة
مدرسة الجيل الجديد إحدى المدارس حديثة النشأة بمدينة 6 أكتوبر، رغم أنها لا تعاني مشاكل كبيرة من ناحية الصيانة والسلامة الإنشائية، إلا أنها بنيت فى منطقة مجاورة لمجمع ورش داخل سنتر تجاري يعرف بأسم "النخيل"، تنتشر فيه ورش الحديد، وسمكرة السيارات ونجارة وغيرها، وهو مما يشكل مصدر إزعاج وتلوث كبير للبيئة المحيطة، اتضحت معالمه على أسوار المدرسة التى تفحم جزء منها، وتراكمت المخلفات الخطرة بجوارها.
كوفريهات الكهرباء
غاب كل شيئ فى المدرسة الثانوية الفنية بمحافظة الجيزة، دخلنا المدرسة بكل سهولة فلا يوجد فرد أمن واحد على البوابة، وفى الداخل علب "الكوفريه" المنتشرة على مستوى منخفض تشكل هى والسلوك الظاهرة من باطن الأرض خطر كبير على حياة الطلاب، وسط غياب أبسط قواعد السلامة والأمان.
لما يتوقف الأمر عن ذلك، ولكن دورات مياه متهالكة، وصنابير غير محكمة الغلق، وتسرب المياه فى كل اتجاه، وداخل الفصول مقاعد الطلاب متهالكة وقديمة، بعضها تمت صيانته بطريقة بدائية، فضلًا عن نوافذ الفصول المكسورة، وتساقط زجاجها، ما يجعلها تشكل أزمة كبيرة خاصة مع اقتراب فصل الشتاء.
حوادث مؤسفة
فى بداية الموسم الدراسى العام الماضي، انهار جزء من سلم إحدي المدارس مما نتج عنه مصرع طالبة وإصابة 15 من زميلاتها، خلال صعودهن إلى الفصول، ونتيجة للتدافع، ولم تمر سوى أيام قليلة، حتى لقيت طفلة بالصف الثاني الأبتدائى مصرعها داخل مدرسة سيد الشهداء بالعجوزة، فى محافظة الجيزة، وتبين من خلال تحريات رجال المباحث أن الطفلة البالغة من العمر 8 سنوات، سقطت من الدور الثالث بالمدرسة، وتوفيت فى الحال.
انفاق ضخم
وزير التربية والتعليم الدكتور رضا حجازي كشف فى مؤتمر صحفي سابق عن أرقام ضخمة؛ لحجم الإنفاق الحكومي على منظومة التعليم خلال 8 سنوات، مشيرًا إلى إنه وصل إلى نحو تريليون جنيه، وشهد قفزة مهولة خلال تلك السنوات بمقدار زيادة وصل لنحو 46%، كما كشف عن ميزانية العام الحالي والذى أشار إلى أنها وصلت لنحو 160 مليار جنيه، وبالطبع تضمنت تلك المبالغ الضخمة أعمال الصيانة والتطوير التى شهدتها المدارس، فيما كشف اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة؛ أنه تم الانتهاء من إجراء 125 مشروع صيانة شاملة لمدارس بتكلفة بلغت 347 مليون جنيه.
طلب إحاطة
النائبة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب المصرى الديمُقراطى تقدمت بطلب إحاطة موجه إلى كل من رئيس مجلس الوزراء، ووزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، وذلك بشأن وجود حالة من حالات الإهمال الجسيم والملحوظ بهيئة الأبنية التعليمية فى الآونة الأخيرة.
تقول النائبة مها عبد الناصر": "نحن لا نملك المعرفة الكافية لتشغيل الأبنية التعليمية، وكيفية الصيانة الدورية لها وتأمينها، وهناك حالة من الضبابية الغريبة، جعلت الأهالي لديهم العديد من التساؤلات حول مدي جاهزية هذه المباني لاستقبال أطفالهم.
واستكملت "عبد الناصر" حديثها فى تصريحات خاصة ل"النهار"، إننا منذ ذلك الحين ومنذ تقديمنا بطلب الإحاطة لم نعلم ما توصلت إليه التحقيقات ولم نرى حساب أو عقاب حاسم للمتسبب فى الحوادث الأخيرة، التي نتجت عنها ضياع أرواح برئية، وأن حالة الإهمال هنا لا تقتصر فقط على واقعة فردية بعينها.
وطالبت النائبة، باتخاذ الإجراءات اللازمة لعمل الصيانات المطلوبة فى كل مدارس الجمهورية، والعمل علي وضع خطة واضحة لصيانة كل المدارس وتخصيص اعتمادات لتهيئتها وصيانتها بشكل دوري، وضرورة الاستثمار في مثل هذه الأمور، بدلًا من إنشاء الكباري والطرق، وأن تكون الأبنية التعليمية سليمة وأدمية.
التطوير مستمر
فيما يقول اللواء يسري الديب رئيس هيئة الأبنية التعليمية، أن هناك مجهود كبير بذل خلال الفترة الأخيرة، ولكن هذا لا يعني ان الأمر انتهى، ما زالنا نبحث عن التطوير، وهناك خطة موضوعة واحتياجتنا محددة بأماكنها وظروفها، وهناك نماذج من مدارس عديدة تحدث عنها الوزير.موكدًا فى تصريحات خاصة لـ"النهار"، أن التطوير لا يتوقف فى كل شيى المنشأ والتعليم والمناهج.