الشركة المصرية الكويتية باعت أراضى مصر وتربحت 192 مليار جنيه

كان لـ«النهار» الفضل فى تفجير قضية الاستيلاء على 26 ألف فدان بالعياط، وذلك من خلال كتيبة صحفية يترأسها أسامة شرشر، رئيس التحرير، الذى رفض كل الضغوط والتهديدات والإغراءات التى وصلت إلى 25 مليون جنيه قيمة حملة إعلانية.
وانفردت «النهار» عام 2008 بتفجير القضية فى الوقت الذى لم يكن أحد يقدر على مقاومة مافيا بيع أراضى الشعب، ونشرت قيام أحمد عبدالسلام قورة نائب الحزب الوطنى المنحل ببيع 26 ألف فدان بالعياط فى البورصة الكويتية من خلال شركة منا القابضة، وهو الأمر الذى تربحت منه الشركة 192 مليار جنيه، وكان قورة قد اشترى الفدان بقيمة 200 جنيه للاستثمار الزراعى، وكان من ضمن المؤسسين للشركة الدكتور على لطفى، رئيس مجلس الوزراء الأسبق.
وكانت المفاجأة الكبرى التى نشرتها «النهار» أن الدكتور محمد نصر علام كان يعمل مستشارا للشركة قبل توليه منصب وزير الرى، وجاء تحويله للجنايات مع قورة دليلا على أنه كان من ضمن اللاعبين الرئيسيين فى الاستيلاء على أراضى الدولة لصالح المدعو «قورة»، وبحسب المستندات التى بحوزة "النهار" فإن اسم وزير الرى السابق الدكتور نصر علام ورد فى شكوى قديمة مقدمة من أشقاء أحمد عبدالسلام قورة وهم الصياد عبدالسلام قورة ومحسن عبدالسلام قورة بتاريخ 4 يونيو 2009 لوزير الرى فى ذلك الوقت جرى قيدها برقم 4329 اتهموا فيها شقيقهم بأن له علاقة مباشرة مع وزير الرى الأسبق تتمثل فى تكليف المكتب الاستشارى الخاص بالوزير بأعمال شركة قورة وهو ما جعل الوزير يتجاهل قيام المدعو أحمد عبدالسلام قورة بعمل فتحة بقطر مخالف لما هو مصرح به من ترعة الحاجر وكذلك اقامة محطة رفع بدون ترخيص على مصرف اللبينى.
قبل هذه المحطة الفاصلة كانت نيابة الأموال العامة العليا قد استدعت علام و14 متهما آخرين وقررت بعد تحقيقات مكثفة إخلاء سبيل وزير الرى الأسبق، محمد نصر علام، بكفالة 100 ألف جنيه، لاتهامه بتسهيل استيلاء أحمد عبدالسلام قورة، عضو مجلس الشعب السابق، وآخرين، على أراضى الدولة.
ووجهت النيابة لـ”علام” اتهامات تتعلق بتربيح الغير بالاستيلاء على أراضى الدولة، بالاشتراك مع المتهم أحمد عبدالسلام قورة، عضو مجلس الشعب السابق وآخرين، وقررت تشكيل لجان فنية، لفحص الأوراق التى ضبطت بحوزة المتورطين فى القضية.
وشملت التحقيقات اتهام عبدالسلام قورة بالاستيلاء على 7 آلاف فدان بدون موافقة وزارة الآثار، فى منطقة دهشور، بالإضافة إلى شراء 260 فدانًا بطريق مصر الإسكندرية الصحراوى من الدولة، بسعر 200 جنيه للفدان، بغرض استخدامها فى مجال الزراعة، ثم أنشأ عليها فيلا فى مشروع دريم فارمز، وباع الفيلا الواحدة بأسعار تراوحت بين 400 و500 ألف جنيه.
كما جرى التحقيق فى مخالفات جمعية أبناء قورة، والتى حصل من خلالها على 26 ألف فدان بسعر 200 جنيه للفدان الواحد أوصلها إلى 40 ألف فدان بعد الاستيلاء على 14 ألف فدان، وقام بإنشاء منتجعات سياحية عليها، وبيعها للأجانب، واستولى على قطعة أرض كانت مخصصة لوزارة الداخلية لتعليم القيادة عليها.
وكشفت التحريات والتقارير الرقابية عن قيام أحمد عبدالسلام قورة بصفته العضو المنتدب للشركة المصرية الكويتية، بشراء أرض مساحتها 26 ألف فدان من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بمنطقة العياط، بواقع 200 جنيه للفدان بغرض الاستصلاح والزراعة، غير أنه خالف العقد المبرم وقام بتقسيم الأرض وطرحها للبيع، فى صورة وحدات سكنية مؤلفة من فيلات ملحق بها حمامات سباحة ومبان ترفيهية وتجارية واجتماعية للمصريين والأجانب بأسعار تتراوح من 1500 إلى 3000 دينار كويتى للفدان الواحد، كما انه اشترى من خلال شركة الصديق لاستصلاح الأراضى والثروة السمكية 260 فدانا بالكيلو 96 طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوية من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بغرض استصلاح الأراضى وزراعتها مقابل 200 جنيه للفدان، إلا أنه خالف العقد وأعلن عن إقامة مشروع "دريم فارمز" على تلك المساحة، من خلال إقامة 291 فيلا تم بيعها بالكامل بقيمة تتراوح بين 400 إلى 500 ألف جنيه للفيلا الواحدة، وقام أيضًا بتكوين جمعية باسم "أبناء قورة"، وتمكن من الاستيلاء على أرض تبلغ مساحتها 40 ألف فدان بغرض الزراعة بسعر 200 جنيه للفدان الواحد، وقام بإنشاء منتجعات سياحية عليها وبيعها للأجانب.
كان المستشار أحمد إدريس قاضى التحقيق المنتدب من وزير العدل قد أصدر قرارًا بمنع أحمد عبدالسلام قورة عضو مجلس الشعب السابق وأسرته من التصرف فى أموالهم، على خلفية اتهامه بالاستيلاء على 26 ألف فدان من أراضى الشركة المصرية الكويتية بمنطقة العياط بالجيزة التى لم يكتف بها ولكنه استولى على 13 ألفاً أخرى بمنطقة أثرية وقام بارتكارب جرائم دفعت القضاء لإدانته بالحبس سبع سنوات على مجمل هذه الجرائم.. الغريب أن الحكومة تتجاهل هذه القضية التى يمكن أن تساهم فى حل جزء من مشكلاتها حيث إن قيمة هذه الأرض التى استولى عليها أخطبوط الأراضى فى عصر مبارك ورجاله بالمليارات.. فى السطور التالية نعرض لهاتين القضيتين سواء الأولى المتعلقة بمنع قورة وأسرته من التصرف فى أموالهم أو بالأخرى التى صدر فيها حكم بحبسه 7 سنوات.
تعود وقائع القضية الأولى إلى بلاغ تقدم به أحمد أبوبكر الصديق عن المخالفات التى شابت تحرير عقد بيع لمساحة 26 ألف فدان بناحية مركز العياط للشركة المصرية الكويتية بالأمر المباشر وبالمخالفة للقانون 143 لسنة 1981 الخاص بالأراضى الصحراوية وأن الشركة لم تستغل الأرض فيما بيعت من أجله وهو غرض الزراعة ولكن قامت بالتنقيب عن الآثار وتجريف الأرض وعمل محاجر وبيع مواد محجرية بملايين الجنيهات وببيع الأرض محل البلاغ لآخرين فضلاً عن تعدى الشركة على أراض أخرى بمساحات شاسعة لم يتم التعاقد عليها بجوار الأرض محل البلاغ.
وبتاريخ 11/1/2014 تسلم المستشار أحمد إدريس تقارير خبراء وزارة العدل بشأن واقعة تصرف الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية فى الأرض محل الفحص، وانتهى التقرير إلى وجود العديد من المخالفات منها: قيام الهيئة بالبيع بالأمر المباشر وتحرير عقد بيع للشركة المصرية الكويتية دون أن يسبقه تأجير هذه الأرض لتلك الشركة والتحقق من جديتها فى الاستصلاح والاستزراع وبالمخالفة للقانون 143 لسنة 1981 الخاص بالأراضى الصحراوية.
وأضاف التقرير أنه كان أثر ذلك إصابة المال العام بضرر يتمثل فى مقابل عدم انتفاع الدولة بالأرض عن الفترة من 13/7/1999 تاريخ تقديم الشركة لطلب تقنين وضع يدها حتى نهاية عام 2013 بمبلغ 66 مليوناً و306 آلاف و666 جنيهاً.
وعلى الرغم من أن الشركة المشكو فى حقها لم تستصلح وتستزرع سوى 1200 فدان من إجمالى الأرض محل الفحص وقدرها 26 ألف فدان حتى تاريخ 17/6/2010 إلا أن الشركة المشكو فى حقها باعت لشركات وأفراد فى عامى 2005 و 2007 مساحات من الأرض بمبالغ طائلة.
وقامت الشركة المصرية الكويتية باستخراج مواد محجرية من الأرض حتى الآن وذلك دون ترخيص وخلافاً لشروط التعاقد الحاصل فى 16/2/2002 وتقدر قيمة الضرر المتمثل فى استخراج المواد المحجرية على مساحة 20 فداناً بعمق حوالى 20 متراً 16 مليوناً و800 ألف جنيه، كما أن الشركة المصرية الكويتية قامت بشق طريق بتربة زلطية باستخدام معدات ثقيلة مما أدى إلى تدمير تل أثرى وقامت بعمل تقسيمات بالأرض مما يغير من بيئة الأثر. كما قامت بالتعدى على مساحة 10173,47 فدان منذ سنة 2004 وحتى الآن وقد نتج عن ذلك ضرر أصاب المال العام يتمثل فى مقابل عدم انتفاع الدولة بتلك الأرض المتعدى عليها منذ سنة 2004 وحتى 2013 بما يعادل مبلغ 18 مليوناً و312 ألفاً و264 جنيهاً.
وانتهت التقارير والتحريات إلى أن المسئول عن هذه المخالفات والأضرار هو رئيس مجلس إدارة الشركة المشكو فى حقها وعضوها المنتدب أحمد عبد السلام صديق قورة.
أما فى القضية الثانية والتى حركتها النيابة العامة ضد جرائم قورة والمتضمنة الاستيلاء على أراض تابعة للآثار دون ترخيص بزعم تحويلها لأراض زراعية واستخراج مواد محاجر منها دون ترخيص وجملة جرائم أخرى فقد قضت محكمة العياط الجزئية بالسجن 7 سنوات مع الشغل والنفاذ ضد أحمد عبدالسلام قورة عضو مجلس الشعب السابق عن الحزب الوطنى لاستيلائه على مساحة 13 ألف فدان بمنطقة جرزا بالعياط فى الجنحة رقم 13303 لسنة 2010. وصدر الحكم برئاسة المستشار أحمد عبدالعال محمود، رئيس محكمة العياط، حيث قضت المحكمة بالحبس ثلاث سنوات فى جريمة الاستيلاء على 13 ألف فدان تابعة للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، دون موافقة جهة الاختصاص وقضت بحبسه عاماً فى بيع مواد مستخرجة من الأرض دون الحصول على تراخيص من الجهة المختصة وثلاث سنوات بسبب استيلائه على أرض ثانية للآثار وتحويلها إلى أرض زراعية، كما قضت بتغريمه 100 ألف جنيه ورد الأرض المغتصبة وما عليها من مبان.
جدير بالذكر أن جريدة «النهار» خاضت معركة طويلة ضد قورة وشركته على مدار أكثر من عام مدعمة بالمستندات وتقدم نائب الحزب الوطنى السابق بعشرات البلاغات للنيابة ردت عليها «النهار» بمئات من المستندات التى تدعم كل كلمة نشرتها وقد تنبهت الدولة لهذه المليارات المنهوبة التى تتم المتاجرة بها عبر شركة «منا» القابضة فى البورصة الكويتية
المؤكد أن وزير الرى السابق لن يكون آخر من يقاد للمحكمة برفقة قورة فقد سبق أن تقدم مدير المركز المصرى للنزاهة والشفافية ببلاغ للنائب العام ضد د. يوسف والى وزير الزراعة الأسبق، والمهندس عمر محمد الشوادفى، المدير السابق للمركز الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة، ود. محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والرى السابق، وأمين أباظة وزير الزراعة واستصلاح الأراضى السابق، يتهمهم بتسهيل الاستيلاء على 43 ألف فدان أملاك دولة، والإضرار بالمال العام لصالح عضو مجلس الشعب السابق أحمد عبدالسلام قورة والدكتور فاروق التلاوى محافظ البحيرة الأسبق. وذكر البلاغ الذى حمل رقم 4112 لسنة 2011 بلاغات النائب العام، وقتها أن المقدم ضدهم البلاغ تواطئوا مع أحمد عبدالسلام قورة وفاروق التلاوى، لتمكينهما من الاستيلاء والمتاجرة والتربح من التصرف فى مساحة 43 ألف فدان أملاك دولة من الأراضى الصحراوية غرب مركز العياط، محافظة 6 أكتوبر، تمثل الظهير الصحراوى لهذا المركز بالكامل، ومنها 26 ألف فدان من الأراضى المملوكة لهيئة التعمير والتنمية الزراعية بعقد بيع ابتدائى مع حفظ حق الامتياز والمحرر فى 16 فبراير 2002، مبيعة لعبدالسلام قورة بغرض الاستصلاح والاستزراع، وضمن خطة الدولة فى الاستصلاح والاستزراع والتوسع الأفقى حتى 2017، وهو ما مكن قورة والتلاوى من التصرف بالبيع بالمخالفة لشروط العقد والقانون 143 لسنة 1981، موضحاً أنه تم بيع هذه الأراضى لمواطنين أجانب من دولة الكويت ومصريين لمساحات غير مستصلحة باعتبار أنها أرض مستصلحة على خلاف الحقيقة الواقع بمساحات من 2 فدان وإلى 5000. كما اتهمهم البلاغ بالإضرار بالمال العام والتربح وتسهيل التلاعب بهذه المساحات من الأرض المملوكة للدولة بتعطيل خطة الدولة للاستصلاح والاستزراع حتى عام 2017، وما ترتب على ذلك من أضرار على الاقتصاد القومى بتسهيل تحويل الأرض الـ(43 ألف فدان) من النشاط المعتمد، والمخصصة من أجله، وهو الاستصلاح والاستزراع إلى النشاط العقارى لتحقيق منافع مادية لهم جميعا، ومن عاونهم مع إغفال والإهمال والتقاعس عن اتخاذ أى إجراءات قانونية حفاظاً على أملاك الدولة، وما ترتب على ذلك من إضرار بالاقتصاد القومى دون النظر إلى المصلحة العليا للدولة. وطالب مقدم البلاغ بالتحقيق فى البلاغ والمستندات المرفقة به، واتخاذ كافة الإجراءات لكشف خفايا وحقائق هذه الانحرافات والتلاعب بأملاك وأموال الدولة ومحاسبة المتاجرين والمتربحين من وراء ذلك، تطبيقا لقانون العقوبات على جميع من وردت أسماؤهم فى هذا البلاغ.
وقال البلاغ إن والى وعلام والشوادفى وأباظة تواطئوا مع المسئولين عن الشركة المصرية الكويتية لاستصلاح الأراضى والإنتاج الحيوانى والداجنى، على اغتصاب مساحة من أملاك الدولة تزيد على 14 ألف فدان بذات المنطقة دون مسوغ قانونى لتحقيق نفس الغرض، وهو المتاجرة والتربح، بل السعى لتمكينهم منها دون مقابل تحت دعوى تشجيع الاستثمار.
وأشار إلى أن يوسف والى وافق على تخصيص الأرض (26 ألف فدان) دون اتباع الإجراءات القانونية، وذلك بالأمر المباشر دون تطبيق قانون المزايدات والمناقصات 89 لسنة 98ن، وذلك فى تاريخ 12 يوليو 1999، بما يتجاوز سلطاته وصلاحياته والتغاضى عن احترام القانون 143 لسنة 81، وأضاف أنه أخضع وزير الموارد المائية والرى السابق لخطته بأن استصدر كتاباً مؤرخاً بـ19 ديسمبر2010 إلى أمين أباظة وزير الزراعة السابق، يقر فيه عدم توافر مياه لرى 26 ألف فدان حالياً أو مستقبلاً مهدراً كافة الكتب والموافقات السابقة الصادرة عن وزارته بما يؤكد اتفاقهم جنائياً على الإضرار بمصالح الدولة، وتعطيل خطة الاستصلاح والاستزراع حتى عام 2017 وما ترتب عليها من أضرار.
وأوضح البلاغ أن محمد نصر الدين علام خضع لضغوط المهندس عمر الشوادفى ليحول الأرض إلى النشاط العقارى بدلاً من الزراعى؛ وهو ما يعنى أن نصر علام لن يكون الأخير فى ملف هذه القضية التى تمثل واحدة من أكبر قضايا العبث بأراضى الدولة إن لم تكن أكبرها على الإطلاق، خاصة أن مسئولين كثراً تغاضوا عن تنفيذ قرارات نهائية بسحب الأرض من قورة حتى بعد أن فقد حصنه الحصين لجنة السياسات وعضوية البرلمان بعد ثورة يناير 2011.