أسرار الزيارة الغامضةللحداد والطهطاوي لإيران

جاءت زيارة الدكتور عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي والسفير محمد رفاعة الطهطاوي رئيس ديوان رئيس الجمهورية
والتي اتسمت بالسرية ولم يعلن عنها مسبقا حتي انكشف أمرها لتثير الكثير من التساؤلات والجدل الكبير خاصة فيما يتعلق بتوقيتها وجدواها وغياب الخارجية عن المشاركة في هذا الوفد وهو ما بررته مؤسسة الرئاسة في بيان مقتضب موضحة أن زيارة المسئولين الي جمهورية إيران الإسلامية، هدفها الالتقاء بالمسئولين الإيرانيين لبحث سبل تفعيل المبادرة الرباعية التي أطلقها الدكتور محمد مرسي ، رئيس الجمهورية في القمة الاسلامية الاستثنائية في مكة .
كما نفت وزارة الخارجية في بيان لها ما ورد في بعض الصحف ووسائل الإعلام عن عدم علمها بزيارة مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية عصام الحداد و السفير محمد رفاعة إلي طهران.
وقالت أن الزيارة تمت بالتنسيق الكامل مع السيد محمد كامل عمرو وزير الخارجية الموجود انذاك في الولايات المتحدة حيث شارك في الدورة رفيعة المستوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حول التسوية السلمية للنزاعات في إفريقيا، ثم توجه إلي واشنطن ضمن وفد وزراء الخارجية العرب لنقل رسالة إلي الإدارة الأمريكية تتعلق بالقضية الفلسطينية، ولإجراء عدد من اللقاءات الثنائية رفيعة المستوي.
وفي غضون ذلك أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن إيران ومصر اتفقتا علي حلّ الأزمة السورية بالطرق السياسية.
وذكرت الوزارة في بيان، له أنه في "إطار الجهود المشتركة المبذولة من قبل إيران ومصر لتنفيذ المبادرة الرباعية المصرية بشأن الأزمة السورية، فقد قام وفد مصري بزيارة طهران برئاسة مساعد الرئيس المصري لشئون العلاقات الخارجية والتعاون الدولي عصام الحداد، ورئيس ديوان رئيس الجمهورية محمد رفاعة الطهطاوي".
وأوضحت وزارة الخارجية الإيرانية أن الجانبين اتفقا خلال هذه اللقاءات علي ضرورة اعتماد برنامج بهدف تنفيذ مبادرة الرئيس المصري محمد مرسي لحل الأزمة السورية بالسبل السياسية المقبولة، والتي من شأنها أن تساعد علي وقف العنف وإرساء المصالحة الوطنية بمشاركة أبناء الشعب السوري.
إلي ذلك، حذر الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، من ان انتصار المعارضة في سوريا سيجلب موجة من عدم الاستقرار تمثل "تهديداً للمنطقة برمتها"، مجدداً دعم طهران لنظام الرئيس بشار الأسد.
وقال أحمدي نجاد إن "وصول مجموعة الي السلطة عن طريق الحرب والنزاع سيترجم استمرارا للحرب وعدم الاستقرار لفترة طويلة.
وأضاف الرئيس الإيراني، خلال استقباله المستشار الحداد، أن "عدم الاستقرار في سوريا سيهدد أمن البلدان الأخري في المنطقة وسيشكل تهديدا للمنطقة برمتها".
وفي رؤية لأهمية تلك الزيارة وسر توقيتها وعدم وضوح تفاصيلها قال د. عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق لـ"النهار" : لاشك أن زيارة إلي إيران يقوم بها رئيس ديوان رئيس الجمهورية وكذلك مساعد الرئيس للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي يوضح أن هناك جانبين لهذه الزيارة أولها أنها تعني بجانب رسمي ، والآخر أنها تتضمن شقا غير رسمي في المباحثات والمشاورات بين الطرفين المصري والايراني .
واعتبر الدكتور الأشعل أن مصر ارادت بهذه الزيارة العمل علي فتح افاق جديدة بين البلدين فبدلا من ارسال مسئول من الخارجية تم اختيار السفير محمد رفاعة الطهطاوي رئيس ديوان رئيس الجمهورية والذي شغل من قبل منصب سفير مصر في طهران ويحظي بعلاقات وثيقة مع مسئولين ايرانيين وصداقات واسعة وخبرة كبيرة في هذا الاطار فيما يتعلق بمجالات التعاون مع الجانب الايراني.
وقال الأشعل : ان السفير محمد رفاعة الطهطاوي ينتمي لنفس مدرستنا في وزارة الخارجية ، والتي تنادي بضرورة أن يكون لمصر علاقات طبيعية مع ايران منذ عام 1988 ، وأن معاداة ايران ليس هناك أي مبررات لها ، وأن موضوع التشيع ونشر المذهب الشيعي لا علاقة له بالسياسة الخارجية والعلاقات بين البلدين .
وعبر الدكتور الأشعل عن اعتقاده بأن الزيارة ليس لها علاقة كبيرة بالموضوع السوري والأزمة الراهنة هناك والمبادرة الرباعية التي كان قد أطلقها رئيس الجمهورية د. محمد مرسي في هذا الشأن والتي تضم دولا أخري هي المملكة العربية السعودية وتركيا وبالتالي كان من الأولي أيضا أن تشمل الجولة زيارات لهذه الدول والتنسيق معها فيما يتعلق بالأزمة السورية التي بدورها دخلت في مرحلة خطيرة ،وفي هذا الصدد كان لابد من توافر الشجاعة الكافية للاعلان عن تفاصيل هذا الموضوع اذا كان يتصل بالأزمة السورية .
ووصف الدكتور الأشعل زيارة الحداد والطهطاوي لطهران بأنها مهمة وشكلت لفتة ممتازة ورد اعتبار للوفد الايراني السياسي الذي تم الاعتداء عليه وهو في ضيافة مصر ، وكذلك التجمهر أمام مقر السفير الايراني بالقاهرة وهي مسائل كانت تحتاج لوقفة حيث أنه من غير المألوف أن مصر تهين ضيوفها ، هذا بغض النظر عن ما يتمتعون به من حصانة دولية وغير ذلك مما يوجب اسلوبا للتعامل مع هؤلاء الضيوف من المسئولين ومن هذا المنطلق ندعو الله أن تزول هذه الغلالة السوداء عن وجه مصر.
كما جاءت الزيارة كرد قوي علي ما يتردد من مقولات تدعي بأن مصر تتلقي تعليمات من الولايات المتحدة الامريكية أو دول الخليج بألا تتقارب مع ايران ، لتؤكد مصر بذلك أنها تدافع عن مصالحها بالأساس وتهدف الزيارات الي استكشاف افاق المصالح المشتركة .
واضاف الدكتور الأشعل ان هناك وفدا من الباحثين واساتذة الجامعات توجه الي ايران أيضا وذلك في اطار تبادل الخبرات وبحث فرص التعاون المشترك ، وقال : انني كنت مدرجا ضمن هذا الوفد الا أنني كنت في زيارة متزامنة في هذا التوقيت الي دول افريقية .
وشدد الدكتور الأشعل علي أهمية التقارب المصري الايراني التركي باعتبار هذه الدول فاعلة وأن التقارب في العلاقات معها سيحقق مصالح الجميع كما سيسهم بشكل كبير في تغيير خارطة المنطقة .
ونوه د. الاشعل في هذا السياق بالمثل القائل " ان الجار القريب ربما يكون أهم من القريب البعيد " ، ومن ثم فان لايران دور فاعل واسهاماتها معروفة ومميزة في الفكر الاسلامي ، ومن الضروري العمل علي تغيير موقف الأزهر ازاء طهران حيث احتك دور مؤسسة الازهر مؤخرا بالسياسة وخرج عن المألوف فيما يخص الوسطية الدينية التي لا يجب الخروج عليها ، فالتقارب بين المذاهب داخل الدين الواحد امر مطلوب ويجب ان يلتفت اليه الأزهر وأن يعيه طلاب جامعة الأزهر .
وحذر د. الاشعل من محاولات اختراق فكري غير سوية وشذوذ في الافكار يحاصر طلاب الأزهر الأمر الذي يحتم علي مشيخة الأزهر العمل علي اعادة توجيه هؤلاء الطلاب نحو الصواب .
من جانبه قال محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق لا احد يجزم بماهية الموضوعات التي تم بحثها خلال الزيارة خاصة وان الموضوع السوري ليس بالملح وان المبادرة الرباعية ولدت "ميتة" ، لافتا الي أن موقف مصر بدأ يتغير حيال الازمة السورية في ظل تنامي الخوف والقلق تجاه الموضوع السوري ومع دخول قوي دولية في الصراع .
وشدد العرابي علي انه رغم التعقيدات الا أن الحل السياسي يظل هو المخرج الأساسي للازمة وتحقيق انتقال سلمي للسلطة لوقف الاوضع المتدهورة في سوريا .