ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة: حفظ الدين أصلُ المقاصد وبوصلةُ استقامة الإنسان الإنسان
عقد الجامع الأزهر ملتقى «الأزهر للقضايا المعاصرة» من رحابه، وعبر أثير إذاعة القرآن الكريم، تحت عنوان: «من مقاصد الشرع.. حماية الدين رؤية إسلامية»، وذلك برعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات فضيلة أ.د محمد الضويني، وكيل الأزهر، وبمشاركة أ.د إبراهيم صلاح الهدهد، أستاذ البلاغة والنقد ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، وأ.د خالد عبدالعال، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالمنوفية، فيما قدّم اللقاء الإذاعي فؤاد حسان، وقدّم الابتهالات الشيخ محمد عبدالقادر أبوسريع، وتلا القرآن الكريم القارئ الشيخ حجاج الهنداوي، وأمّ المصلين في صلاة المغرب الشيخ مصطفى الزين.
وأوضح فضيلة أ.د إبراهيم صلاح الهدهد أن موضوع حماية الدين يتصدر مقاصد الشريعة الإسلامية، باعتباره أول الضروريات الخمس التي أجمع عليها علماء الأمة، مبينًا أن حفظ الدين يتقدّم على حفظ النفس والعقل والمال والعِرض؛ لأن الدين هو الفطرة التي تقوم بها الأنفس، وإذا اختلّت هذه الفطرة لم تستقم النفس ولا العقل ولا المال ولا العِرض. وبيّن أن هذا الترتيب لم يكن عشوائيًّا، وإنما يعكس منطق الشريعة وعقلانيتها، حيث تضبط الضروريات علاقة المخلوق بخالقه، وتأتي الحاجيات لضبط علاقة الإنسان بالإنسان، ثم التحسينيات لبناء الإنسان من داخله على القيم الرفيعة من مروءة وحِلم وكرم وشهامة.
وأضاف فضيلته أن حفظ الدين يعني صيانة العقيدة والشريعة معًا، لأن الله وحده هو المشرّع، ولا سبيل لمعرفة طريقه إلا من خلال الوحي الذي بلّغه الرسل، مؤكدًا أن الشريعة لم تُشرَع لتعقيد حياة الناس، بل لتنظيمها وضبط علاقاتهم بعضهم ببعض، بل وعلاقة الإنسان بكل ما حوله، ظاهرًا وباطنًا، مرئيًّا وغير مرئي، مشيرًا إلى أن الدين في جوهره منظومة متكاملة تحفظ للإنسان إنسانيته وتمنحه الاستقامة الشاملة.
من جانبه، أكّد فضيلة أ.د. خالد عبد العال أن الدين في حقيقته تعاليم وأوامر إلهية، بينما التدين هو ممارسة الإنسان لهذه التعاليم، محذرًا من الخلط بين الدين الصحيح وصور التدين المشوّهة التي تتسم بالتشدد أو التعصب، والتي تُنَفِّر الناس ولا تُقَرِّبهم. واستشهد بقول النبي ﷺ: «إن هذا الدين يسر، ولن يشادَّ الدين أحدٌ إلا غلبه»، موضحًا أن التدين الحق هو التدين الوسطي الذي يعطي كل ذي حق حقه؛ للنفس حقها، وللجسد حقه، وللأسرة حقها، وللعمل والمجتمع نصيبهم المشروع.
وبيّن أن كثيرًا من مظاهر التدين الشكلي في العصر الحاضر اختزلت الدين في هيئة أو مظهر أو صمت أو تشدد، بينما هدي النبي ﷺ قدّم نموذجًا متوازنًا يجمع بين العبادة والعمل، وبين القرب من الله وخدمة الناس، لافتًا إلى أن قضاء حوائج الخلق والسعي في مصالحهم قد يسبق في الفضل بعض النوافل، وأن التشدد الذي يُفضي إلى العبوس والقطيعة وتعطيل مصالح الناس يتنافى مع روح الإسلام ومقاصده.
وفي ختام الملتقى، أكّد الإذاعي فؤاد حسان، مقدِّم اللقاء، أن عنوان «حماية الدين… رؤية إسلامية» يضع المجتمع أمام مسؤوليته الحقيقية في صون هذا المقصد العظيم، مشددًا على أن حفظ الدين لا يكون بالشعارات ولا بالمزايدات، وإنما بالتمسك بالعقيدة الصحيحة، وإقامة العبادات على هدي النبي ﷺ، والاعتزاز بالقيم الأخلاقية في مواجهة المتغيرات. وبيّن أن ضياع الدين يقود إلى ضياع الإنسان وتخبّطه، بينما بحفظ الدين تحيا النفوس، وبشريعته تُصان الحقوق، وتُحفظ الدماء والأعراض، وتستقيم حياة الأفراد والمجتمعات.


.jpg)

.png)

.jpeg)


.jpg)



