صعود يميني صهيوني وهيمنة إسرائيلية… ما الذي كشفه المؤتمر الصهيوني 39؟
أعد المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ورقة بحثية حول المؤتمر الصهيوني التاسع والثلاثين في القدس، والذي عُقد تحت مظلة المنظمة الصهيونية العالمية التي أسسها ثيودور هرتزل عام 1897. وقد عرضت الورقة تفاصيل انعقاد المؤتمر لأول مرة حضوريًا منذ عشر سنوات، بمشاركة أكثر من 500 مندوب من 36 دولة، إلى جانب توضيح دوره بوصفه السلطة التشريعية العليا للمنظمة، والمسؤولة عن وضع السياسات العامة وتوزيع التمويل على الوكالات والمؤسسات الصهيونية الرئيسية.
تناولت الورقة تركيبة المؤتمر وهيكله الداخلي، وإبراز التوازنات بين التيارات اليمينية واليسارية والوسطية داخل الحركة الصهيونية، إضافة إلى القرارات التي اعتمدها المؤتمر في دورته الأخيرة، مثل وقف مشروع مستوطنة E1 بين القدس ومستوطنة معاليه ادوميم، وتعزيز اللغة العبرية في دول الشتات اليهودي، ودعم المجتمع المدني في إسرائيل، وإنشاء لجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر، فيما لم تناقش مقترحات القرارات الخاصة بالسيطرة على جبل الهيكل، وفرض السيادة الإسرائيلية الضفة الغربية وغور الأردن. كما استعرضت الورقة التعيينات الجديدة في المناصب التنفيذية للمنظمة والتي سيطر عليها اليمين الصهيوني بشكل واضح، والتوترات التي رافقت إقرار الميزانية بسبب صراع النفوذ بين الفصائل المختلفة.
وقد خلصت الورقة إلى أن نتائج المؤتمر تكشف عن مشهد صهيوني عالمي أكثر انقسامًا من أي وقت مضى، مع تنامي النفوذ اليميني في المناصب القيادية مقابل قدرة فصائل الوسط واليسار على تمرير أغلب القرارات عبر التحالفات المحدود. كما توصلت الورقة إلى ارتفاع نسبة المنخرطين من المؤثرين اليهود في انتخابات الشتات، خاصة في الولايات المتحدة، ما يعكس تحوّل الحركة الصهيونية نحو أدوات جديدة للتأثير الرقمي وتشكيل الرأي العام، في ظل محاولات لإعادة تعريف الهوية الصهيونية لدى الجيل الشاب بشكل خاص.
وتشير الورقة في نهايتها إلى أن مستقبل الحركة الصهيونية يتجه نحو مزيد من الخضوع للهيمنة الإسرائيلية المباشرة، بعد أن أصبحت المنظمة الصهيونية العالمية أداة تنفيذية تعكس موازين القوى داخل إسرائيل أكثر مما تمثل الجاليات اليهودية عالميًا. فالتيار اليميني، يبسط سيطرته على المناصب التنفيذية والموارد المالية، ويسعى إلى توظيف المنظمة لتعزيز سياساته خاصة في ملفات الاستيطان وإدارة الأراضي. وفي المقابل يحاول الوسط واليسار الحفاظ على مساحة للتأثير عبر التحالفات داخل المؤتمر، لكن من دون قدرة حقيقية على موازنة القوة التنفيذية التي باتت بيد اليمين.
وترى الورقة أن انعقاد المؤتمر في هذا التوقيت الحرج – بعد سلسلة الحروب التي خاضتها إسرائيل وتراجع صورتها عالميًا – دفع الحركة الصهيونية لإعادة تقييم استراتيجياتها، سواء في اتجاه إعادة بناء سرديتها أمام الرأي العام الدولي، أو في تعزيز برامج التعبئة والهوية داخل الشتات، خصوصًا لدى الجيل الشاب الذي يتزايد ابتعاده عن الصهيونية، ما يعني أن المرحلة المقبلة ستشهد حركة صهيونية أكثر مركزية، وأكثر ارتباطًا بالدولة الإسرائيلية، وبالتالي الارتباط بالتوجه اليميني الصهيوني، وأنها ستكون أسرع في استخدام أدوات التأثير الإعلامي والدبلوماسية المجتمعية لخدمة أجندتها السياسية.


.jpg)

.png)


.jpeg)

.jpg)



