في ذكرى رحيله… توفيق الدقن رجل صنع من الشر فنًا لا يموت
في مثل هذا اليوم يعود اسم توفيق الدقن ليملأ الذاكرة، وكأن الشاشة تعيد نبضه من جديد، ذاك الفنان الذي استطاع أن يمنح الشر لونًا مختلفًا، فيمزج القسوة بخفة الظل، ويحوّل "العدو" في الدراما إلى شخصية محبوبة ينتظرها المشاهد بابتسامة يعرفها جيدًا، ورغم مرور أكثر من ثلاثين عامًا على رحيله، فإن حضوره ما زال طريًا، وصوته ونكاته تتردّد كلما مرّت مشاهد أعماله أمامنا.
وُلد توفيق أمين محمد أحمد الشيخ الدقن في 3 مايو 1923 بقرية هورين بمحافظة المنوفية، ونشأ داخل أسرة كبيرة قبل أن ينتقل إلى المنيا لاستكمال تعليمه، عمل مبكرًا ليساعد أسرته، من السكك الحديدية إلى النيابة الجزئية، ثم التحق بمعهد الفنون المسرحية ليبدأ مشواره الحقيقي على الخشبة، متنقلًا بين المسرح الحر وفرقة إسماعيل ياسين، قبل أن يستقر في المسرح القومي الذي ظل بيته الفني حتى آخر أيامه.
بدأ الدقن رحلته على الشاشة كومبارسًا بدور صغير، لكن ملامحه المميزة وصوته الحاد حملا فيه موهبة فريدة جعلته يتقدم بثبات، ورغم عدم حصوله على بطولة مطلقة، فإنه أصبح أحد أكثر الوجوه رسوخًا في ذاكرة الجمهور، بعدما قدّم نموذج "الشرير خفيف الظل" الذي يثير ضحكة المشاهد في اللحظة نفسها التي يشعر فيها بسطوته.
قدّم أكثر من 300 فيلم، من بينها: ابن حميدو، في بيتنا رجل، القاهرة 30، الأرض، الأزواج الشياطين، وعلى الشاشة الصغيرة شارك في ما يزيد على 150 عملًا، أبرزها أحلام الفتى الطائر، بنت الحتة، ألف ليلة وليلة، بينما كان حلم الليل والنهار آخر مسلسلاته. كما ترك إرثًا إذاعيًا كبيرًا يضم أكثر من 200 عمل.
وحصل خلال مسيرته على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1956، ووسام الاستحقاق والجدارة في عيد الفن عام 1978، بجانب جوائز عديدة من المسرح القومي واتحاد الإذاعة والتليفزيون.
وعلى الصعيد الإنساني، عاش حياة أسرية مستقرة مع زوجته نوال الرخاوي، وأنجب ثلاثة أبناء: ماضي، هالة، وفخر.
وفي 26 نوفمبر 1988، رحل توفيق الدقن عن عمر 65 عامًا إثر الفشل الكلوي، لكنه ترك خلفه إرثًا يلمع كلما أُعيد ذكرة، وكأن الرجل لا يزال يطل من بين المشاهد بابتسامته الساخرة التي أحبها الجميع.


.jpg)

.png)














.jpg)


.jpg)
.jpg)
