كيف يظهر القطب المصري في التحالفات الإيرانية؟
كشفت الدكتورة شيماء المرسي، الخبيرة في الشأن الإيراني، كيفية ظهور القطب المصري في التحالفات الإيرانية، موضحة أن إيران ترى أن مصر قطبٌ مؤثرٌ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نظرًا لدورها النشط في ملفات مشتركة مثل غزة والعراق وسوريا والبحر الأحمر، علاوة على دورها التاريخي كداعم لحقوق الفلسطينيين ووسيط في اتفاقات وقف إطلاق النار في غزة، وتقاطعه الجزئي نسبيًا مع موقف إيران الداعم لفصائل المقاومة في مواجهة إسرائيل.
وقالت «المرسي» في تحليل لها، إن العامل الحاسم في هذا السياق، هو ما يعرف بالتأثير الدومينوي – أي قدرة التغير في موقف دولة على إحداث سلسلة من التحولات المتتابعة في الدول الأخرى- بما يشبه سقوط قطعة دومينو تؤدي إلى سقوط بقية القطع. ومن هنا، استهدفت إيران استعادة العلاقات مع القاهرة في سياق التحولات التي شهدتها علاقاتها مع الرياض.
وأضافت أنه لهذا، حرصت إيران على تعزيز أبعاد التعاون الاقتصادي مع مصر، كونه يشكل المحور الأبرز في خطاب التهدئة الراهن بين البلدين. ولأن مصر من منظور إيران، تواجه أزمة نقدية حادة ناجمة عن الحرب الأوكرانية، ويبلغ عدد سكانها نحو 108مليون نسمة حتى أغسطس 2025، دفعها هذا إلى تنويع شركائها التجاريين، وتقليل اعتمادها على استيراد الحبوب.
وذكرت الدكتورة شيماء المرسي، أنه بالمقابل، يبلغ عدد سكان إيران نحو 85.96 مليون حتى منتصف فبراير 2025، ما يعزز أهمية شراكاتها الإقليمية والدولية، لاسيما مع القاهرة، ضمن نموذج الاقتصاد المقاوم في مواجهة العقوبات الأممي، وفي السياق نفسه، اتجهت أنظار طهران نحو قناة السويس، هذا الشريان الحيوي الذي سجل إيرادات بلغت 11.6 مليار جنيه للعام المالي 2024-2025، بزيادة قدرت بـ 38% مقارنة بالعام السابق.
وقد تبنت عددًا من وكالات الأنباء الإيرانية الحكومية وعلى رأسها، وكالة أنباء مهر شبة الرسمية خطًا تحليلًا، يرى في قناة السويس معبرًا استراتيجيًا ولوجسيتيًا وعسكريًا في حال توسعت عملياتها في البحر الأحمر –خصوصًا بعد نشاط الحوثيين في باب المندب-، بالإضافة إلى تجارة إيران مع إفريقيا وأوروبا، بحسب تحليل الدكتورة شيماء المرسي، ومع ذلك، يتطلب التعاون الأمني المشترك، حماية أمن هذا الممر من تهديدات الجماعات المتطرفة في شبه جزيرة سيناء.
ونوهت إلى أنه يشير الخط التحليلي نفسه إلى جدوى اعتماد آليات بديلة عن الدولار بوساطة روسية صينية، مثل تبادل السلع أو استخدام العملات الوطنية -لاسيما مع كونهما عضوتين في منظمة البريكس-، لما يمكن أن يوفره من قدرة على التكيف مع العقوبات، وتعزيز حجم التجارة الثنائية من المستوى المتواضع البالغ 200 مليون دولار في عام 2023 إلى مستويات أعلى، على سبيل المثال، يمكن لمصر تصدير المنسوجات والأدوية إلى إيران مقابل استيراد المنتجات البتروكيميائية والفنية منها، في صيغة تعاون رابح-رابح، هذا بالإضافة إلى تعزيز السياحة الدينية كأداة استراتيجية، حيث تمتلك مصر مواقع مقدسة مرتبطة برموز شيعية، مثل ضريح أحد أبرز قادة جيش الإمام علي بن أبي طالب في معركتي الجمل وصفين، مالك بن الحارث الأشتر في حي المرج بالقاهرة، ما يجعلها وجهة محتملة للسياحة الدينية الإيرانية -رغم التحفظ الأمني المصري الصارم.
وذكرت الخبيرة في الشأن الإيراني، أن تلك الخطوة لن تقتصر على العوائد الاقتصادية فحسب، بل ستشكل أيضًا جسرًا للتقريب بين المذاهب الإسلامية وتعزيز التفاهم الثقافي والديني، وعلى مستوى البعد الأمني، تتقاطع مصالح مصر وإيران بشكل لافت في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، غير أن مصر، التي تواجه تهديدات الجماعات المتطرفة على أمن قناة السويس، يمكنها الاستفادة من خبرات إيران في مكافحة تنظيم داعش في العراق وسوريا، بينما، قد تلعب إيران دور الوسيط لضبط التوترات حول غزة، بما يخدم الأولوية المصرية كجهة رئيسية لرعاية وقف إطلاق النار. كما أن التعاون المشترك في محاربة تنظيمي داعش والقاعدة قد يفتح الطريق لحوارات فنية متقدمة بين البلدين حول الأمن الإقليمي.


.jpg)




.jpg)


.jpg)
.jpg)
