النهار
الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 04:17 مـ 3 رجب 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
محمد صلاح أول لاعب فى تاريخ مصر يسجل فى 5 نسخ لأمم أفريقيا موعد مباراة مصر وجنوب أفريقيا فى كأس الأمم الأفريقية 2025 «الأعلى للإعلام» و«الملكية الحقوقية» حديثان سجل التعاون ديف محدد للإرث الإعلامي والثقافي قرارات إنسانية على طاولة المحافظ.. دعم لذوي الهمم والأسر الأولى بالرعاية بالقليوبية منتخب مصر يتصدر تاريخ الانتصارات في كأس أمم إفريقيا جامعة بنها تطلق مؤتمرها الهندسي السنوي الثاني لمواكبة مستقبل التكنولوجيا حسام البدري: النتائج مفتاح التتويج.. ومنتخب مصر جاهز لأمم إفريقيا رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية علوم الرياضة تبدأ 10 يناير.. محافظ البحيرة تعتمد مواعيد امتحانات الفصل الدراسي الأول وكيل تعليم البحيرة: برامج علاجية للتلاميذ المتأخرين دراسيا وتفعيل الأنشطة التربوية تأجيل طعن حسين لبيب على قرار سحب أرض نادي الزمالك بحدائق أكتوبر إلى 3 فبراير رئيس البورصة يشارك في مؤتمر كلية التجارة بجامعة عين شمس: الابتكار والتكنولوجيا المالية ركيزة أساسية لتطوير سوق المال وتعزيز الشمول المالي

رياضة

المغرب في كأس أمم إفريقيا 2025: حظوظ أسود الأطلس وخريطة الطريق

المغرب يدخل كأس أمم إفريقيا على أرضه: فرصة العمر وثقل التوقعات

قبل أيام قليلة من صافرة الافتتاح في الرباط، يبدو أن الحديث عن منتخب المغرب لم يعد محصورًا في أسماء النجوم أو خيارات المدرب فقط، بل في سؤال أكبر: كيف يتعامل أسود الأطلس مع بطولة تُقام على أرضهم وتحت مجهر جمهور يتابع التفاصيل لحظة بلحظة من التحليلات الفنية إلى مزاج الشارع الذي تلتقطه منصات الرياضة المختلفة وحتى مواقع المراهنات في المغرب باعتبارها مرآة لنبضٍ عامّ، لا دليلًا على نتيجةٍ محسومة.

بطولة شتوية… لكن بنكهة مغربية خالصة

لا يمكن تجاهل أن حرارة التوقعات ترتفع مع اقتراب البداية: بعض القراءات تستند إلى التاريخ والذاكرة، وأخرى إلى الأرقام والاحتمالات التي تنشرها مواقع مراهنات كرة القدم في المغرب ليس بوصفها بوصلة للواقع، بل كجزء من الضجيج المحيط ببطولة كبيرة تُلعب للمرة الأولى في توقيت نهاية العام، حيث يصبح كل تفصيل قابلاً للتأويل.

النسخة الحالية من كأس أمم إفريقيا تُقام في المغرب بين 21 ديسمبر 2025 و18 يناير 2026، وتبدأ بمباراة الافتتاح التي تجمع المغرب بجزر القمر في الرباط. وعلى مستوى التنظيم، اختيرت تسعة ملاعب في ست مدن لاستضافة المباريات، في رهانٍ واضح على تقديم بطولة تُنافس عالميًا من حيث البنية التحتية والحضور الجماهيري.

الحديث عن ميزة الأرض هنا ليس شعارًا؛ فالمغرب يدخل المنافسة وهو يعرف أن التنظيم جزء من الصورة، لكن كرة القدم في النهاية تُحسم في 90 دقيقة. هذا ما يجعل البطولة اختبارًا مزدوجًا: منتخب يريد اللقب، وبلد يريد تقديم نسخة تُذكر بوصفها محطة ضمن مشروع رياضي أكبر.

مجموعة A: البداية تبدو مُدارة… لكنها ليست مضمونة

وُضع المغرب في المجموعة الأولى إلى جانب مالي وزامبيا وجزر القمر. وعلى الورق، قد تبدو المجموعة قابلة للسيطرة، لكن تفاصيلها تُحذر من التبسيط: مالي منتخب صلب بدنيًا وتكتيكيًا، وزامبيا قادرة على إرباك الإيقاع إذا تُركت مساحات، بينما تأتي جزر القمر بمعنويات الخصم الذي لا يخسر شيئًا وهو نوع من المنافسين يسبب الصداع للمضيفين في مباريات الافتتاح تحديدًا.

الجدول يمنح صورة أوضح عن شكل التحدي:

  • المغرب × جزر القمر (الافتتاح): 21 ديسمبر – الرباط.

  • المغرب × مالي: 26 ديسمبر – الرباط.

  • زامبيا × المغرب: 29 ديسمبر – الرباط.

ميزة هذه البرمجة أنها تُبقي مباريات المغرب الثلاث في ملعب واحد تقريبًا، ما يقلل إرهاق التنقل. لكنها في المقابل تُحول كل تعثر إلى قصة وطنية كبيرة، لأن الخسارة هنا ليست نتيجة فقط بل إشارة تُفسَّر على نطاق واسع.

قائمة الركراكي: نجوم حاضرون… وأسئلة جاهزية

في إعلان القائمة، ظهر العنوان الأبرز: استدعاء أشرف حكيمي رغم إصابته في الكاحل، مع قناعة داخل الجهاز الفني بأنه سيلحق بالبطولة. وإدراج اسم لاعب بهذه الأهمية يحمل أكثر من معنى: أولًا، أن القيادة الفنية ترى في وجوده ضرورة تكتيكية ونفسية؛ وثانيًا، أن البطولة نفسها لا تمنح رفاهية الانتظار الطويل، لأن الإيقاع المتسارع قد يفرض خيارات قاسية منذ الجولة الأولى.

إلى جانب حكيمي، يبرز عمود الخبرة والموهبة الذي يعوّل عليه وليد الركراكي: ياسين بونو كضمانة في حراسة المرمى، وسفيان أمرابط في منتصف الملعب كحلقة وصل بين الاستحواذ والافتكاك، ويوسف النصيري كخيار هجومي يعرف كيف يُحوّل أنصاف الفرص إلى تهديد حقيقي. لكن الأهم في هذا النوع من البطولات ليس قوة الأسماء فقط، بل توازن الجرعات: كيف تُدار الدقائق؟ من يبدأ؟ من يدخل عندما تتعقد مباراة؟

الإصابات البسيطة التي تمر في الدوريات قد تتحول هنا إلى عقدة إذا جاءت في توقيت خاطئ، خصوصًا مع ضغط الجماهير وتراكم المباريات في فترة أعياد نهاية السنة. لذلك، تبدو إدارة اللياقة والتدوير—حتى لو لم يُعلن ذلك صراحة—جزءًا من خطة المنافسة بقدر ما هو جزء من التكتيك.

ثقل التوقعات: عندما يصبح المضيف مطالبًا باللقب

المنتخب المضيف لا يدخل عادة البطولة كأي مشارك؛ فهو يُستقبل باعتباره مرشحًا حتى قبل أن يثبت ذلك على أرض الملعب. والمغرب تحديدًا يدخل هذه النسخة تحت عبء توقعات مرتفع: منتخب يملك جودة فنية ويُصنَّف ضمن الأقوى أفريقيًا، لكنه في الوقت نفسه يعرف أن التاريخ في أمم إفريقيا لا يرحم المرشحين إذا تعثروا مبكرًا.

ومن خارج المستطيل الأخضر، ترتبط استضافة المغرب للبطولة بمسارٍ أوسع من الاستثمار في البنية التحتية الرياضية وتقديم البلاد كقوة كروية صاعدة. هذه الخلفية تجعل النجاح الرياضي مطلبًا جماهيريًا بالمعنى الرمزي: لأن الخروج المبكر سيُقرأ كإخفاق مضاعف، لا كتعثر رياضي فحسب. وكلما ارتفعت السقف، صار هامش الخطأ أضيق، وصار الصمت بعد التعادل أثقل من الهتاف بعد الفوز.

خريطة الأدوار التالية: لماذا يصبح المركز الأول مهمًا؟

نظام البطولة واضح: 24 منتخبًا في 6 مجموعات، يتأهل أول وثاني كل مجموعة، إضافة إلى أفضل أربعة منتخبات تحتل المركز الثالث إلى دور الـ16. وتنتهي مباريات المجموعات في 31 ديسمبر، على أن تنطلق الأدوار الإقصائية مطلع يناير.

وهنا تكتسب الصدارة قيمة مضاعفة، ليس لأن الخصم أضعف بالضرورة، بل لأن المسار يصبح أكثر قابلية للإدارة من حيث الاستشفاء والتنقل والضغط. إذا أنهى المغرب المجموعة في الصدارة، فسيكون أمامه مسار يبدو قابلًا للإدارة نظريًا: دور الـ16 في الرباط أمام ثالث إحدى المجموعات، ثم ربع النهائي في الرباط أيضًا، فقبل النهائي، وصولًا إلى النهائي في 18 يناير بالرباط.

هذه التفاصيل تشرح لماذا تُصبح مباراة واحدة في المجموعة قادرة على تغيير شكل الطريق بالكامل: صدارة المجموعة قد تعني خصمًا أيسر نسبيًا، وراحة سفر أكبر، وثباتًا نفسيًا مهمًا في بطولة قصيرة تُحسم غالبًا بتفاصيل صغيرة.

المنافسون المحتملون على اللقب: المغرب ليس وحده

حتى لو بدا أن الطريق يُرسم لصالح أصحاب الأرض، تُجمع القراءات الدولية على أن قائمة المنافسين ثقيلة: السنغال، كوت ديفوار، نيجيريا، مصر، الجزائر… أسماء تملك خبرة البطولة وذاكرة أدوارها النهائية. وهذا بالضبط ما يجعل الثقة سلاحًا ذا حدين: أنت بحاجة إليها كي تلعب بطبيعتك، لكنك إذا بالغت فيها قد تُهزم قبل أن تبدأ المعركة.

تكمن خطورة أمم إفريقيا عادة في مباراة واحدة تُغيّر كل شيء: خطأ دفاعي، ركلة ثابتة، بطاقة حمراء، أو حتى توتر جماهيري يُصعّب على المرشح أن يلعب بإيقاعه المعتاد. وفي بطولة تُلعب في فترة زمنية ضيقة، يصبح التعافي النفسي بعد التعثر أصعب من التعافي البدني.

ما الذي قد يحسم بطولة المغرب؟

على مستوى الصورة العامة، تبدو معادلة المغرب واضحة:

  • استثمار جودة الأسماء الكبيرة دون الوقوع في فخ الاعتماد على الفرد.

  • إدارة إيقاع المباريات الأولى لتجنب فخ الافتتاح الذي يبتلع ثقة المضيفين أحيانًا.

  • تحويل ضغط الجماهير إلى طاقة، لا إلى استعجال وارتباك.

  • حماية التفاصيل الصغيرة: الكرات الثابتة، الانضباط، وتوقيت التبديلات.

الركراكي يعرف، كما يعرف جمهوره، أن البطولات لا تُكسب بالانطباعات. لكنها أيضًا لا تُكسب بلا شجاعة. وبين فرصة اللعب في البيت وخطر اللعب تحت الضغط، يبدأ المغرب أمم إفريقيا وهو يحمل كل عناصر الحلم… وكل أسباب القلق في الوقت نفسه.

خاتمة

في النهاية، تبدو كأس أمم إفريقيا في المغرب أكثر من مجرد بطولة قارية: إنها امتحان للتوازن بين الطموح والواقعية، وبين الثقة والانضباط. قد تمنح الأرض والجمهور أفضلية، لكنها لا تُعفي من صعوبة الخصوم ولا من قسوة التفاصيل. إذا نجح المنتخب في عبور مرحلة المجموعات بهدوء، وحافظ على أعصابه حين تشتد المواجهات، فإن الطريق إلى اللقب يصبح ممكنًا ليس لأن الظروف مثالية، بل لأن الإعداد الجيد هو من يصنع أفضل الظروف في البطولات الكبرى.