النهار
الجمعة 26 سبتمبر 2025 07:39 مـ 3 ربيع آخر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

مراكز المساج المشبوهة.. الوجه الخفي للدعارة والاتجار بالبشر

تعبيرية لمراكز المساج
تعبيرية لمراكز المساج
القاهرة

انتشرت في السنوات الاخيرة لافتات بعنوان "المساج" والنوادي الصحية في شوارع القاهرة الكبرى والمدن السياحية
مع إعلانات متكررة علي صفحات التواصل الاجتماعي للتسويق والترويج لها النشاط المشبوه مصحوبه بوعود براحة واسترخاء جسدي ونفسي، لكن خلف كل هذا الامر تكمن واحدة من أخطر الظواهر الاجتماعية والأمنية مراكز غير مرخصة تعمل كغطاء لممارسة الدعارة أو تسهيل أعمال منافية للآداب، بل تتطور الأمر في بعض الحالات إلى جرائم اتجار بالبشر منظم مستغلين حالات الفقر والإذعان، هذه الظاهرة لم تعد مجرد حالات فردية بل باتت تعكس سوقا خفيا يهدد القيم الاجتماعية ويمثل تحديا أمام أجهزة الأمن.

اللواء أحمد طاهر الخبير الامني مدير إدارة المكافحة الدوليه لجرائم الاداب والاتجار بالبشر سابقا

اسباب انتشار مراكز المساج المشبوهة

تلك المراكز المشبوهة تنتشر في الأحياء الراقية والشعبية على السواء بعضها يعمل تحت غطاء تصاريح للعلاج طبيعي والبعض الآخر بلا أي ترخيص، بينما انتشرت معها إعلانات عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي لتلعب دورا رئيسيا في اجتذاب راغبي المتعه الجنسيه الحرام بمقابل مادي وبدون تميز حيث تستخدم صور براقة وشعارات مضللة توحي بخدمات علاجية أو تجميلية بينما الهدف الحقيقي هو جذب الباحثين عن المتعة الجنسية تحت غطاء مشروع.

من هم القائمين علي هذه المراكز المشبوهة

أصحاب هذه المراكز الوهميه يعتمدون على طرق متعددة للتمويه كواجهة قانونية باستخدام سجل تجاري مزيف أو تراخيص قديمة او مقار للعلاج الطبيعي للهروب من المتابعه الامنيه ولتجعل عملية الضبط والتفتيش أكثر صعوبه
إذ يتطلب الأمر دائما تحريات دقيقة لكشف تلك الأنشطة الغير المشروعة وتجنيد مصادر قويه لضبطهم متلبسين بارتكاب الجرم، وعلى الرغم من صعوبة تحديد أرقام دقيقة فإن تقارير أمنية سابقة تؤكد أن السنوات الخمس الأخيرة شهدت جهودا امنيه كبيره ادت الي ضبط مئات القضايا المرتبطة بمراكز وهمية للمساج بعضها في القاهرة والجيزة وأخري في الاماكن السياحيه الساحليه وعقب الضبط يتبين لفرق البحث من الفحص الواقعي للمتهمين ان بعض الفتيات بغض النظر عن اعمارهن خاصه القاصرات منهن تم استقطابهن بعقود عمل وهمية كـ"عاملات مساج" ثم يجبرن على ممارسة الدعارة تحت ضغط الحاجة المالية أو الابتزاز وهنا تتحول الجريمة من مجرد فعل إجرامي مخالف للآداب العامه إلى جنايه اتجار بالنساء وفقًا للقانون المصري والدولي.

دور الأجهزة الأمنية والرقابية

تتولي أجهزة الأمن متمثلة في الإدارة العامة لمباحث الآداب وشرطة السياحة والآثار مسؤوليه هذا الامر حيث تقوم تلك الإدارات النوعيه المتخصصه ببذل جهدا متواصلا في ملاحقة هذه الأنشطة، والقيام بحملات دورية تسفر بالفعل عن غلق عشرات المراكز سنويا غير مرخصه
بجانب ضبط العديد من تلك المراكز الوهميه لقيامها بتسهيل الدعارة أو إدارة أوكارها للفجور، هذه الحملات الامنيه لا تقتصر على عمليات المداهمة والتفتيش فقط بل تعتمد على تحريات سرية ورصد إلكتروني للإعلانات المشبوهة على الإنترنت وصولا إلى تتبع التحويلات المالية التي تديرها تلك الشبكات الاجراميه، وقد سبق واعلنت وزارة الداخلية عبر صفحتها الرسميه ان جهود مكافحه تلك الظاهره أسفرت عن تورط جنسيات أجنبية في إدارة هذه المراكز المشبوهة ما يرفع من خطورتها ويدفعها إلى تصنيف دولي كقضية "اتجار بالبشر" واستغلال لجنسيات غير مصريه في ممارسه ذلك النشاط المؤثم
والقانون المصري وضع منظومة متكاملة لتجريم هذه الممارسات ابرزها:

1. قانون مكافحة الدعارة رقم 10 لسنة 1961
المادة 9: تعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة كل من فتح أو أدار محلًا للفجور أو الدعارة.
المادة 10: تعاقب من سنة إلى ثلاث سنوات كل من استغل حاجة شخص أو ضعفه لممارسة الدعارة.

2. قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010
يجرم تجنيد أو نقل أو إيواء أشخاص بغرض الاستغلال الجنسي.
تصل العقوبةالسجن المشدد وغرامة تصل إلى نصف مليون جنيه، والمؤبد إذا اقترنت الجريمة بظروف مشددة (كالأطفال أو تعدد الضحايا).

3. قانون مزاولة مهنة العلاج الطبيعي يعاقب من يزاول نشاط العلاج الطبيعي أو المساج دون ترخيص وهذا القانون الاخير يمثل أداة مساندة لإغلاق المراكز غير المرخصة.

ويجب ان نؤكد ان تلك الظاهرة لا تقتصر على كونها جريمة أخلاقية فقط بل تمتد آثارها لتشمل

_تفكيك الروابط الأسرية نتيجة الانخراط في علاقات غير شرعية.

_استغلال النساء وإجبارهن على أعمال منافية للآداب تحت ستار العمل.

_تشويه صورة السياحه وتصدير صوره سيئه عن الوطن حين تتحول بعض المناطق السياحية إلى بؤر دعارة

_يحب ان نحذر ونؤكد ان مراكز المساج المشبوهة لم تعد مجرد تجاوزات فردية بل تحولت إلى أوكار خلفية لتجارة الجسد واستغلال الضعفاء وان التصدي لهذه الظاهرة يحتاج إلى وعي مجتمعي يحذر من الانجراف وراء الإعلانات المضللة.

_حزم أمني مستمر لكشف الشبكات وإغلاق المراكز غير المرخصة.

_تفعيل قانوني صارم يضمن محاكمة المتورطين بتهم الدعارة والاتجار بالبشر معا وتتبع ناتج اموالهم المشبوهة والعمل علي يجفيف مصادر تلك الاموال ومصادرتها لمنع الاستفاده منها والاستمرار في ارتكاب ذات الجرم علي نطاق اوسع

هذه الظاهرة تعد امرا خطيرا ومسيء للمجتمع ككل وبعد
مسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطنين لحماية القيم والأسره من الانهيار

موضوعات متعلقة