النهار
الخميس 4 سبتمبر 2025 06:37 مـ 11 ربيع أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رياضة

الأهلي والمدربون الأجانب في عهد الخطيب.. نزيف مالي لا يتوقف

منذ انتخاب الكابتن محمود الخطيب رئيسًا للنادي الأهلي في نهاية 2017، لم يكن التحدي الأكبر داخل الملعب فقط، بل كان في المكاتب المغلقة حيث تُصاغ العقود. فخلال ثماني سنوات، مرّ على القلعة الحمراء عدد من المدربين الأجانب، بعضهم ترك بصمة بطولية، وآخرون غادروا سريعًا، لكن القاسم المشترك بينهم كان كلفة مالية ضخمة تكبدها النادي.

باتريس كارتيرون.. بداية متعثرة

في صيف 2018 تعاقد الأهلي مع الفرنسي باتريس كارتيرون خلفًا لحسام البدري. البداية كانت واعدة بالوصول إلى نهائي دوري أبطال إفريقيا، لكن الخسارة أمام الترجي التونسي ثم الإقصاء من البطولة العربية عجلت برحيله.

العقد لم يكن من النوع الثقيل ماليًا مقارنة باللاحقين، لكن النادي اضطر لدفع راتب شهرين كشرط جزائي، وهو ما يعادل نحو 200 ألف دولار تقريبًا ورغم أن المبلغ ليس ضخمًا، إلا أن الخسارة كانت معنوية أكثر منها مالية، إذ ظهر الأهلي وكأنه بلا خطة طويلة.

رينيه فايلر.. التجربة القصيرة

السويسري رينيه فايلر تولى القيادة في 2019، وقاد الأهلي لتحقيق بطولة الدوري موسم 2019/2020.

راتبه السنوي وصل إلى نحو 2 مليون دولار وفقًا للتقارير رحيله لم يتسبب في أزمة مالية كبرى، إذ انتهت التجربة تقريبًا بالتراضي، لكن الإدارة تكفلت بدفع مستحقات الأشهر المتبقية، وهو ما وضع النادي أمام التزام إضافي في وقت حساس.

بيتسو موسيماني.. المجد الإفريقي والورطة المالية

الجنوب إفريقي بيتسو موسيماني هو أبرز الأسماء في عهد الخطيب. قاد الأهلي للفوز بدوري أبطال إفريقيا مرتين متتاليتين (2020 و2021)، بجانب برونزية كأس العالم للأندية.

لكن النهاية كانت على النقيض: موسيماني اشتكى الأهلي لدى فيفا بسبب مستحقاته، وحصل على حكم يقضي بتعويضه بما يعادل 22 مليون راند جنوب إفريقي (حوالي 1.1 مليون دولار).

هذه القضية اعتُبرت "جرس إنذار"، إذ أوضحت أن الإدارة القانونية لم تحمِ النادي بشكل كافٍ، وأن الرواتب الكبيرة يمكن أن تتحول إلى نزيف مالي إذا لم تُدار العقود بذكاء.

ريكاردو سواريس.. التجربة البرتغالية القصيرة

في صيف 2022، جاء البرتغاليريكاردو سواريس في تجربة لم تدم طويلًا. راتبه قُدّر بنحو 1.5 مليون يورو سنويًا، لكن النتائج لم تقنع الإدارة والجماهير، ليُفسخ العقد بالتراضي بعد أشهر قليلة.

تكلفة إنهاء التعاقد لم تتجاوز 250 ألف يورو تقريبًا، وهو رقم أقل من غيره، لكنه أضاف عبئًا جديدًا على خزانة النادي. الأهم أن تكرار تغيير المدربين خلال فترة قصيرة أفقد الأهلي استقراره الفني والمالي.

مارسيل كولر.. نجاح باهظ الثمن

السويسري مارسيل كولر عُيّن في سبتمبر 2022، واستطاع أن يعيد الأهلي إلى منصات التتويج الكبرى: دوري أبطال إفريقيا، الدوري المصري، وكأس السوبر. على الصعيد الفني، اعتُبر من أنجح المدربين في العصر الحديث.

لكن على الصعيد المالي، كانت النهاية مكلفة للغاية.

راتبه الشهري بلغ 250 ألف يورو، وعند فسخ التعاقد في صيف 2025، طالب برواتب موسم كامل تصل إلى 2.5 مليون دولار. بعد مفاوضات، توصّل الطرفان لتسوية بدفع راتب 3 أشهر (750 ألف دولار) بجانب المستحقات والمكافآت، ليصل إجمالي ما دفعه الأهلي إلى نحو 3 مليون جنيه مصري.

هذا الملف وصفته الصحافة بأنه "ورطة مالية" نتيجة غياب شرط جزائي واضح يحمي النادي.

خوسيه ريفيرو.. النهاية المبكرة

في مايو 2025، أعلن الأهلي التعاقد مع الإسباني خوسيه ريفيرو بعقد لعامين، وبراتب شهري يقارب 100 ألف دولار لكن التجربة لم تستمر طويلًا، إذ رحل المدرب بالتراضي قبل أن يدخل الشرط الجزائي حيّز التنفيذ.

ورغم أن الأهلي تجنّب دفع مبالغ ضخمة في هذه الحالة، إلا أن التعاقد السريع ثم الفسخ المبكر كشف مجددًا عن غياب رؤية طويلة الأمد، خاصة وأن النادي كان قد دفع بالفعل مبالغ ضخمة في تسوية كولر قبل أشهر قليلة.

المسؤولية المشتركة

تعددت الأسماء، لكن المسؤولية واحدة:

مجلس الإدارة بقيادة محمود الخطيب هو صاحب القرار النهائي لجنة التخطيط تقدم التوصيات لكنها تتحمل جزءًا من المسؤولية في سوء اختيار بعض الأسماء الإدارة القانونية لم تضع في كثير من العقود بنودًا جزائية واضحة تحمي النادي، وهو ما تسبّب في نزيف ملايين الدولارات.

الدرس المستفاد

ملف المدربين الأجانب في الأهلي خلال عهد الخطيب كشف أن النجاح الفني لا يكفي إذا كان مصحوبًا بخسائر مالية كبيرة. الإدارة مطالبة بتغيير فلسفتها في صياغة العقود:

* وضع شرط جزائي محدد وعادل.

* ربط الرواتب بالإنجازات لا بالمدة الزمنية فقط.

* الاستعانة بخبراء قانونيين متخصصين في عقود الرياضة الدولية.

الخلاصة

من كارتيرون إلى ريفيرو، مرّ الأهلي بسلسلة من التجارب المتنوعة، لكن ما جمعها كان الكلفة الاقتصادية ملايين خرجت من خزينة النادي، بعضها مستحق، وبعضها بسبب سوء إدارة جماهير الأهلي التي لا ترضى بغير البطولات ترى أن النادي مطالب اليوم بتطوير إدارته الاقتصادية بنفس القوة التي يطوّر بها فريقه على الملعب فالأهلي بحاجة لمدرب ناجح، لكن الأهم أن يكون عقده ناجحًا أيضًا.

موضوعات متعلقة