لمواجهة خطر ذوبان الأنهار الجليدية.. مؤتمر دولي في ”طاجيكستان”

لاشك أن التبعات التي يشهدها العالم جراء التغييرات المناخية بفعل ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض دفعت الحكومات للسعي الحثيث للتعامل مع الأزمات الناتجة عن التغييرات المناخية ـ عبر التقليل والتكيف- من جهة ومن جهة أخرى تبني المبادرات الهادفة لتخفيف حدة التأثيرات والحفاظ على درجة حرارة كوكب الأرض خاصة بعد إعلان الأمين العام للأمم المتحدة أن ارتفاع درجات الحرارة بمعدل 2 درجة مئوية قد يهدد بقاء كوكب الأرض بأكمله.

ولما كانت الإحصاءات العالمية، تشير إلى أن نحو 70% من المياه العذبة في العالم مصدرها الأنهار الجليدية، وسيؤدي ذوبانها إلى تراجع الموارد المائية من جهة، وازدياد الكوارث الطبيعية مثل الانهيارات الطينية والفيضانات من جهة أخرى، مما سيسبب خسائر بشرية واقتصادية فادحة سنويًا، ما يفسر احتفال العالم لأول مرة في 21 مارس 2025 باليوم العالمي للأنهار الجليدية، في خطوة تهدف إلى تحفيز الوعي حيال مخاطر ذوبان الأنهار الجليدية. حيث أن هذه الظاهرة تشكل تهديدًا متزايدًا على الاقتصادات والنظم البيئية في مختلف أنحاء العالم.

وفي هذا السياق تشهد الفترة من 29 إلى 31 مايو 2025، المؤتمر الدولي رفيع المستوى المعني بحماية الأنهار الجليدية والمقرر عقده في دوشنبه عاصمة طاجيكستان، في إطار إعلان عام 2025 سنة دولية لحماية الأنهار الجليدية، والمنظر مشاركة أكثر من 4000 شخصية، من بينهم رؤساء الحكومات، الوزراء، الخبراء الدوليون، السياسيون، العلماء، ممثلون عن منظمات الدولية والإقليمية، والمجتمع المدني، بهدف توحيد الرؤى والجهود لإيجاد استراتيجيات فعالة لحماية الأنهار الجليدية وإدارة المياه بشكل مستدام، مع تسليط الضوء على آثار تغيّر المناخ والحاجة العاجلة إلى اتخاذ تدابير علمية وسياسية مبتكرة.

وترجع أهمية أن يكون هذا المؤتمر في دولة طاجيكستان -التي تهدف إلى أن تصبح دولة خضراء بالكامل بحلول عام 2037 محتلة حاليًا المرتبة الثامنة عالميًا من حيث الموارد الكهرومائية، والسادسة من حيث نسبة استخدام الطاقة النظيفة- كونها تعد واحدة من أغنى الدول من حيث الموارد المائية والطاقة، إذ تشكل مصدرًا لما يزيد عن 60% من الموارد المائية في منطقة آسيا الوسطى، كما أن الأمم المتحدة اعتمدت حتى الآن أربع مبادرات نوعية قدمها رئيس طاجيكستان إمام علي رحمان وكان من أبرزها “العقد الدولي للعمل: المياه من أجل التنمية المستدامة 2018–2028”، كما تضم طاجيكستان أكثر من 50% من إجمالي المساحة الجليدية في منطقة آسيا الوسطى بما يعادل نحو 8.5 ألف كيلومتر مربع، وكذلك تضم أكثر من 8000 نهر جليدي، وهذه الأنهار تشهد ذوبانًا متسارعًا نتيجة التغيرات المناخية، مما يهدد الأمن المائي بصورة كبيرة.

وعلى صعيد محورية الدور الذي تلعبه طاجيكستان في الحفاظ على البيئة بصورة عامة، وحماية مياة الأنهار الجليدية بصورة خاصة في ظل التحديات التي يوجهها العالم نتيجة الاحتباس الحراري والتغير المناخي، تطلع هي والمشاركين في هذا المؤتمر أن يلقى خطر وتهديد ذوبان الأنهار الجليدية استجابة جماعية من المجتمع الدولي.