دلالات وأبعاد زيارة الرئيس الأمريكي لـ 3 دول خليجية.. الصحف العالمية توضح

تحليلات مُعمقة جاءت في الصحف العالمية، حول الزيارة التي يقوم بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لـ 3 دول خليجية تشمل المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، في رحلة تستمر أربعة أيام، وسط تكهنات واسعة حول أهدافها وتداعياتها المحتملة على المنطقة، كشفت أبعادًا مختلفة للجولة الرئاسية، بين من يراها سعيًا لصفقات اقتصادية ضخمة، وآخرين يعتبرونها محاولة لإعادة رسم خارطة التحالفات في المنطقة، وثالث يرى فيها تحولًا في العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية التي طالما تغنى بها ترامب.
أبرزت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية تجاهل ترامب لإسرائيل في جولته الشرق أوسطية، إذ أشارت إلى أن هذا التجاهل يأتي بعد سلسلة من القرارات الأمريكية التي إما همشت أو فاجأت الإسرائيليين؛ مما يثير تساؤلات في تل أبيب حول مدى التنسيق بين الحليفين التقليديين.
واستعرضت الصحيفة الأمريكية، عددًا من الشواهد التي تشير بشكل جليّ إلى الخلافات الأمريكية الإسرائيلية، أبرزها أن صفقة إطلاق سراح المحتجز الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر من غزة، بعد أكثر من 18 شهرًا من الاحتجاز، جاءت نتيجة مفاوضات مباشرة بين واشنطن وحركة حماس دون إشراك إسرائيل.
كما أشارت إلى قرار ترامب المفاجئ بإنهاء الضربات ضد الحوثيين في اليمن، وذلك بعد ساعات فقط من إطلاق صاروخ حوثي على مطار إسرائيل الرئيسي.
ونقلت الصحيفة عن يوحنان بليسنر، رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، قوله: «عندما فكر الإسرائيليون في رئاسة ثانية لترامب، كان لديهم في ذهنهم الرئاسة الأولى»، لكن الآن هناك فهمًا واضحًا جدًا بأن الرئيس ترامب ليس رئيس وزراء إسرائيل، بل رئيس الولايات المتحدة.
الاختلافات الكبيرة
رصد موقع «بزنس إنسايدر» الاختلافات الكبيرة بين زيارة ترامب الحالية للشرق الأوسط وزيارته السابقة عام 2017، إذ أكد أن خطته لجلب «البترودولار الخليجي» إلى الولايات المتحدة قد تكون أكثر تعقيدًا هذه المرة.
وأشار الموقع إلى أن ترامب سيبدأ زيارته في العاصمة السعودية الرياض، حيث من المتوقع أن يشارك في منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي، وسط آمال بتحويل وعد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة على مدى أربع سنوات إلى واقع ملموس.
ولفت إلى مشاركة كبار رجال الأعمال والتكنولوجيا الأمريكيين في هذا المنتدى، بمن فيهم جنسن هوانج من شركة «نفيديا»، ولاري فينك من «بلاك روك»، وستيفن شوارزمان من «بلاكستون»، بالإضافة إلى المسؤولين التنفيذيين من شركات التكنولوجيا الكبرى، مع تقارير عن احتمال حضور إيلون ماسك وسام ألتمان ومارك زوكربيرج.
وقدمت مجلة «فورين أفيرز» تحليلًا عميقًا لأهداف زيارة ترامب، متسائلة عمّا إذا كان يسعى لعقد صفقات واستثمارات في الولايات المتحدة، أم إثراء نفسه من خلال استثمارات خليجية في عقارات ترامب وصناديق الاستثمار والعملات المشفرة، أم أن لديه طموحات أكبر.
ورجحت المجلة أن يدور الشق السياسي للزيارة حول إيران بشكل أساسي، مشيرة إلى المفاوضات التي تجريها إدارته بشأن البرنامج النووي الإيراني.
ولفتت إلى أنه بسبب الطبيعة المتقلبة لإدارة ترامب والخلافات الداخلية بين مستشاريه الرئيسيين، فإن زيارته يمكن أن تمهد الطريق للحرب مع إيران بقدر ما يمكن أن تمهد لتوقيع اتفاق نووي معها.
ولم تغفل المجلة تغير موقف دول الخليج تجاه إيران منذ زيارة ترامب الأولى عام 2017، حيث كانت السعودية والإمارات متحمستين آنذاك للتخلي عن دبلوماسية عهد أوباما وتبني نهج أكثر مواجهة مع طهران.
وورأت صحيفة "نيويورك تايمز"، في تقييمها، أن زيارة ترامب عن الزيارات التقليدية للرؤساء الأمريكيين إلى الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن الرؤساء السابقين كانوا يحملون عادة رؤية استراتيجية للمنطقة، حتى لو بدت بعيدة المنال.
وأوضحت الصحيفة أن ترامب سيجول في الخليج هذا الأسبوع؛ بحثًا عن شيء واحد، يتمثل في عقد الصفقات، والتي قد تشمل مجالات مختلفة، مقل التجارة، الطائرات، الطاقة نووية، استثمارات الذكاء الاصطناعي، وغيرها.
ونقلت الصحيفة عن دينيس روس، المفاوض في شؤون الشرق الأوسط والباحث حاليًا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، قوله: "الذهاب إلى الشرق الأوسط الآن يتعلق أكثر بالاقتصاد، وليس بالاستراتيجية، من الواضح أنه يحب هذا النوع من الرحلات التي تتضمن إعلانات عن صفقات كبرى؛ لأن هذا هو انشغاله، تركيزه وأولويته أكثر بكثير على الجانب الاقتصادي والمالي للأمور".
جدول الأعمال يتماشى بشكل مريح مع خطط أعمال ترامب
وأشارت الصحيفة إلى أن جدول الأعمال يتماشى بشكل مريح مع خطط أعمال ترامب المتوسعة، إذ إن لدى عائلته ست صفقات معلقة مع شركة عقارية مملوكة بأغلبية سعودية، وصفقة عملات مشفرة مع شركة تابعة لحكومة الإمارات العربية المتحدة، ومشروع جديد للجولف والفيلات الفاخرة مدعوم من حكومة قطر.
وركزت صحيفة "واشنطن بوست" على التوتر المتزايد في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وأشارت إلى أن عدم زيارة تل أبيب خلال جولته الشرق أوسطية ليست المرة الأولى التي يتجاوز فيها إسرائيل أو رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، موضحة أن ترامب، من خلال الشروع في محادثات نووية مع إيران أو محاولة إجراء محادثات مع حماس بشأن المحتجزين دون علم إسرائيل، قد همَّش نتنياهو بشكل متزايد؛ مما أثار قلقًا في بلد اعتاد على أن تتشاور معه الإدارات الأمريكية المتعاقبة.
ونقلت الصحيفة عن مايكل أورين، السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، وصفه للوضع بأنه "مقلق"، فيما وصف شالوم ليبنر، المساعد السابق لنتنياهو والباحث في المجلس الأطلسي، المزاج في تل أبيب بأنه "ذعر تام".
وأشارت الصحيفة إلى أن المخاوف الإسرائيلية بشأن مفاوضات ترامب مع إيران والتهديدات الأخرى لإسرائيل "لا تؤخذ في الاعتبار، أو إذا كانت كذلك، فإنها مرفوضة"، حسب قول دينيس روس، المسؤول السابق البارز في وزارة الخارجية الذي عمل مبعوثًا للشرق الأوسط في ظل رؤساء ديمقراطيين وجمهوريين.
وتطرقت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية إلى الجانب العائلي للزيارة، مشيرة إلى أن ترامب توجه إلى الشرق الأوسط في أول رحلة جوهرية له بالخارج في ولايته الثانية دون أفراد عائلته الرئيسيين.
وأكدت الصحيفة أن السيدة الأولى ميلانيا ترامب تتخلف عن الرحلة، وكذلك دونالد ترامب جونيور وإريك ترامب وزوج إيفانكا ترامب، جاريد كوشنر، الذين لديهم أعمال في المنطقة.