النهار
الإثنين 17 يونيو 2024 08:44 مـ 11 ذو الحجة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

حوادث

مرافعة نارية للنيابة العامة في واقعة قيام سائق بإنهاء حياة صديقة في القليوبية

شهدت محكمة جنايات شبرا الخيمة اليوم، بالدائرة الرابعة، برئاسة المستشار الدكتور رضا أحمد عيد رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين محمود منير خليل ، وهيثم محمد جمال الدين وأمانة سر علي الفرماوى وعاصم طايل، مرافعة قوية من المستشار "محمد حسن بودى" وكيل النائب العام بنيابة قسم ثان شبرا الخيمة الجزئية، وذلك في القضية رقم ٣٥٤٩٣ جنح قسم ثان شبرا الخيمة لسنة ٢٠٢٣ المتهم فيها "محمد صبري محمد إبراهيم" بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.

حيث بدأ ببسم الله الحكم العدل.. بسم الله الرحمن الرحيم.. "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا" صدق الله العظيم.

حضرات السادة القضاة الأجلاء لقد نصت كل الأديان على حرمة الدماء وضرورة صيانتها وحمايتها من أي اعتداء .. ولقد خلق الله طبيعة الغضب من النار وغرزها في الإنسان.. ومن الناس من يثور غضبه فيلي دمه لينتشر في البيران العروق ويرتفع في الأبدان .. كما ترتفع النار خاصة إذا اقترن الغضب بشهوة السيطرة وبسط النفوذ.. الذي قد يتصنع الغضب أحياناً لفرضه .. وهي صفات قوية محركها العقل و القلب بزعزعتها وخلخلتها فتتحول لقوة ثائرة تتوجه الى التشفى والإنتقام .. فالإنتقام هو وقود هذه القوة وشهوتها.. وفيه لذتها .. أما وأن بعض النفوس الهشة لا تسكن الا به .. وهي صفات تثور وتفور عند شعور صاحبها.


وقال أن النفوس خرجت على حدود الدين والقانون .. فإرتكبت بذلك أبشع الجرائم .. وقد تستحق عقابا من جنس العمل.. فمن قتل يقتل، ولو بعد حين .. من قتل يُقتل ولو بعد حين .. وهذا هو حال قضيتنا .. متهم عاطل أو سائق .. دائم الخلافات والتشاجر .. لا يعرف سوى لغة القتل والعنف.. ذو سجل حافل بجرائم الاعتداء على النفس والمال .. بارع في استخدام السلاح .. عالماً بأدلاجه وخبياه .. يعلم كيف يضرب ويؤذي ويعلم كيف يقتل ويزهق الأرواح.. حتى أنه لم يبرح حريته المقيدة حبساً حتى أتى بخلاف مع المجني عليه أعقبه قتلا عن ترصد وإصرار ... نفس كشفت عن شيطانها النقاب .. نفس لم يردعها العقاب أينما حلت .. حل الخراب فكان كل أمل يمنح لتوبتها هو درب من الخيال والسراب.. هذا هو حال المتهم القابع في ساحة عدلكم السيد الرئيس الهيئة الموقرة.

وأشار أن بالنسبة للوقائع:
فنبدأ وقائع دعوانا بالحديث عن متهم ذو ثلاثون عاما له أحكام قضائية بما يجاوز نصف عمره شب على إرتكاب أبشع الجرائم.. استساغ الجريمة والإعتداء على حقوق الناس فلم تردعه الأخلاق ولم يزجره القانون.. ولم يأخذ العبرة والعظة من ويلات غياهب السجون، حتى صارت شهوته الإجرام وبسط النفوذ.. فشذ عن الدين والخلق القويم والقانون أشد الشذوذ .. شهوة جرت منه مجرى الدم في العروق.. فصار للجريمة ملازماً لا يفوت.. وقبيل خروجه صباح يوم الواقعة على ذمة المراقبة في قضية شروع في قتل افتعل مشكلة مع المجني عليه وهو زميل له بالحبس.. مشكلة كما قيل انهما تشاجرا على زجاجة مياه .. تبادلا السب والشتائم ... تطور الأمر لشد وجذب فأهين المتهم بين زملائه أشد الإهانة وشعر أن لا كرامة له ولا مكانة ورأى أن هذا يقدح في شأن بسط سطوته ونفوذه فخرج من قسم الشرطة واعتزم جلب سلاحه الناري البارع في استخدامه.. ذهب في ساعة زمن لم تهدأ فيها سريرته بل كلما طال الزمن أصر وثارت حفيظته ونزوته، أعد السلاح وذخره و القتل الأثيم آثاره ... ترجل بثبات صوب بيت القتيل .. بخطوات مدركات وبعزم لا يلين.. مقبلاً على الغدر واحداث الممات.. والمغدور مطمئنا فإصابة إصابة خطيرة بصدره ولحقه حتى لقم الطلقة الثانية مجهزا عليه بذات الموضع حتي تناثر علي الأحجار والتراب دمه وفر منتشيا بفعلته وما كاد يغر... لولا إجتماع الناس... فكان للرحمه وللشفقة شديد الإفلاس وكان شيطاناً وسواسا خناس.


و أوضح أن الأدلة يا سيادة الرئيس و الهيئة الموقرة .. يقول الحق سبحانه وتعالى بسم الله الرحمن الرحيم" قل هاتو برهانكم ان كنتم صادقين".. صدق الله العظيم.. كانت هذه الصورة الصحيحة الواقعة الدعوى والى حضراتكم أدلتنا عليها .. أدلة سائغة في العقل والمنطق.. مباشرة متساندة.. يكمل بعضها بعضا ... ومن مجموعها تتكون عقيدة راسخة.. هي عقيدة إدانة المتهم.. بأقصى عقوبة مستحقة.. أدلة تنضح بها أوراق.


وأضاف أن المجني عليه كان يتناول مع شقيقه الفتات.. وحال تناول الإفطار لم يدركا كير کرد الأخطار حتى وصل ( القاتل) هائجا فلم يمهمله سوغ طعامه .. ردد قائلاً " اطلعلي يا تأبيدة" في محاولة منه لابرازه حتى يحقق الأهداف وما ان انتبه القتيل حتى اقبل ونحى أخاه وهنا أظهر القاتل ما انتواه وما أعده وأحصاه بصدره وأطلق صوبه النيران، وقضيتنا نبرز بها مدى اكتمال الجرم في حق المتهم ومع يقيننا بإحاطة المحكمة علما بها .. سنسرد على مسامع حضراتكم مجملها ..

وقال أما عن الدليل على توافر الركن المادي الجريمة القتل العمدي.. فلقد أقر المتهم إقرار صريحا لا يحتمل التأويل بما اتاه من فعل يقين.. بداية من ذهابه لمحل سكن المجني عليه حتى اطلاقه عيارا ناريا صوب صدر القتيل اتبعه بآخر المقبل بذات الموضع وشهادة الرؤية لشقيق القتيل والشهادة السماعية لوالده.. وشاهدة الضابط مجري تحريات وحدة المباحث.. ولقد جاءت تلك الأقوال متواترة جميعها على صورة واحدة لا يقدح فيها ما أثره المتهم من بعض أقوال تحفظ ماء وجهه امام العدالة.. صورة لا خلاف عليها.. وهي إطلاق المتهم صوب المجني عليه أعيرة نارية.. من فرد خرطوش قاصدا قتله.. وسيلة كانت هي الأنسب للمتهم بما له من دراية بإستخدام تلك الأسلحة .. صورة لم تستخلصها النيابة العامة من واقع الإقرارات والشهادة فقط.. بل تحققت من صدقها بما ثبت بالدليل الفني.. فلقد اثبت تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه بالوجه والعنق والصدر.

موضحا أنها هي إصابات حيوية ذات طبيعة نارية رشية حدثت من سلاح ناري معبأ بمقذوفات وحدوثها جائز وفق التصور الذي أسفرت عنه التحقيقات كما ثبت ان السلاح المضبوط حوزة المتهم كامل سالم يصلح الارتكاب الجرم.. كما اثبت تقرير الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية.. ان آثار الدماء العالقة بعدة قطع حجرية متطابقة البصمة الوراثية مع دماء المجني عليه...

ويا سيدي الرئيس.. الهيئة الموقرة.. هذا هو الفعل و تلك هي آثاره.. وعلاقة السببية جلية بين الفعل وأثره المباشر تظهر بوضوح فيما ثبت بتقرير الصفة التشريحة ان سبب الوفاة المباشر هي الاصابات النارية الرشية بالصدر ومضاعفاتها ... فماذا عن الركن المعنوي ... نرى واضحا جليا ان نية ازهاق الروح قصد اجتمعت الأدلة على توافره...

فلقد جاءت أقوال المتهم بالتحقيقات صادحة بما انتوى.. بداية من سؤاله عن سبب المرور من محل سكن المجني عليه فرد قائلا" انا معرفش ايه الي مشاني من هناك" مرورا يإقراره بتوجيه سلاحه ناحية وجه المجني عليه وصدره .. وهي أماكن قاتلة بطبيعتها .. ولما سأل لماذا لم يصب القتيل بقدمه ! إن لم ترد إحداث الوفاة ... أجاب "معرفش ليه معملتش كده ولما سؤل لما لم تكتف موعش لأنه موقعش".. ولا شيئ أشد بإطلاق العيار الأول.. قال صراحة من قوله عند سؤاله بهل كنت عالما أن طلاقتك ستؤدي لوفاة المجني عليه؟ ... قال" ايوا بس كنت عايز الوفاة اهرب".. أقوال هي على لسان المتهم نصا يتحقيقات النيابة العامة.. كلمات يدرك معانيها البليد قبل اللبيب.. تصدح وتنضح بما استقر بالعقل وما وقر بالقلب...

مستكملا يا سيدي الرئيس.. لم يأب الجاني الا أن يجعل جرمه مكتمل الأركان والظروف المشددة اعقابه حتى أقر بالتحقيقات قائلا عن شعوره النفسي بعد شجاره مع القتيل قبل الواقعة "أنا حسيت اني اتقل مني قدام زميلي واتهنت والموضوع شال في نفسيتي اوي".. هذا دليل سبق الاصرار وأما عن الترصد فما دليل أقوى من ذهابه لمحل سكن القتيل زميله المراقب معه وجاره بمنطقته فهو بالضرورة يعلم وجوده بتلك الأثناء بمسكنه...

سيدي الرئيس.. الهيئة الموقرة .. بعد كل ما سردناه فلا مجال للحديث عن أي مضاعف . تدعى بأن القتل كان وليد لحظة انفعال.. بل الحقيقة انه كان وليد تفكير هادئ ومتورى.. فالقتل هنا مع سبق الإصرار والترصد.. كما أكدته تحريات المباحث وشهادة مجاريها .. أدلة شديدة البأس بلا شك ولا لبس..

وختاما يا سيادة الرئيس.. الهيئة الموقرة .. يقول الحق سبحانه وتعالى 11 إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا .. أو يصلبوا" .. صدق الله العظيم .. وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم " لأن تهدم الكعبة حجراً حجرا خيراً عند الله من أن يُراق دم امرئ مسلم" صدق رسول الله فما بال أقوام استحلوا دم الناس بغير حق وبغير ما أنزل الله من سلطان؟!

وما نرى هنا من شفيع يشفع للمتهم بجرمه القبيح المستمر.. وكأنه لم يكتف بجرائم الشروع وأصر أن يكمل المشروع.. مشروع إجرامي متكامل الأركان.. فما عاد راجعاً ابدا ولا ندمان.. تقطعت به السبل والأسباب تمعن في الإجرم و الفساد.. فحق عليه بأيديكم سوء العذاب...فيا سيادة الرئيس لا تأخذكم به شفقة ولا رحمة.. فإن حاز ذاك رأفتكم فمن ذا الذي حق عقابه.

سيدي الرئيس.. دقو بمطرقة عدلكم رؤوس الكبر البالية.. أبسطوا نفوذ الحق وأسقطوا قلاع الغطرسة الواهية...

اجتثوا جذور الفساد واقتلعوا نبت الشيطان من بستان أمتنا الغالية.. ويا أيها المجرم العتيد .. أما كان أولى بك أن تتروى وتترك في اطار من الشرعية ونظيم القانون لنفسك قبل القتيل فرصة للعيش بسلام... كلا فقد فات الأوان... لقد جئت شيئاً إذا .. تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ... لا فيا أيتها النفس التي فقدت ويا أيتها الأم التي تكلت تقطنوا من رحمة الله فقد حبانا قضاءاً يقتص الحقوق والمظالم ويرفع الظلم عن الأحياء والموات...

أما يا سيادة الرئيس .. وأنتم خلفاء الله قضاء في أرضه نناشدكم.. القصاص القصاص.. ومن المجرمين الخلاص نلتمس منكم اصدار حكما عادالا لا يصدر الا من جبين حكيم وعقل رزين بتوقيع أقصى عقوبة على المتهم وهي الإعدام شنقاً جزاءا وفاقا لما اقترفته ايدي المتهم الماثل في حضرتكم الموقرة.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.