جريدة النهار المصرية

ثقافة

هويدا عطا تكتب : من القلب ...لا للقهر

الكاتبة والأديبة : هويدا عطا
-

حقا أنها صعبة جدا هذه النظرة الحزينة تلك الناطقة بالصورة..رغم ضحكاتها التى بانت عليها ..حيث اجبرت القلب على البكاء الطويل المرير

ترى وجهين بها لشقيق وشقيقة يحتضان بعضهما ،ويبتسمان بمحبة صادقة ،استشعرها وكأنها قلوب حية تنبض داخل الاطار،تنظرنا وتقول لنا:الانسانية ياسادة فوق كل شئ ،راعوا مشاعر الاخرين ،لاتقتلوهم بالامبالاة و الكلمات الباردة الحادة كالسيف القاطع وانتم لاتشعرون

يقول الله عز وجل"

﴿ ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا ﴾ [ الكهف: 104]

راعوا حق رباط الدم والجيرة والصداقة ..نعم هذه الفتاة ذات العشرين عاما ..كانت مسؤولة كل المسؤلية عن تربية اخواتها فى ظل انفصال الاب عن الام ..لكن الحمل صار ثقيلا علي كاهلها الصغير، فاصيب بمرض السكر اللعين ،فلم تستطع ان تتحمل كل هذا الحمل فارتفع ارتفاعا شديدا حينما واجهت احدى المشكلات العويصة ولم تقدر علي حلها ،فدخلت في دهاليز غيبتوته العميقة ولم تخرج منها ،فماتت علي اثرها فورا

بعد ساعات من موتها ..تحايل اخيها الذى يصغرها بعامين على امه التى جاءت من اجل المشاركة فى الحدث الرهيب وهوتوديع ابنتها فلذة كبدها ..التى لم تهنأ بشبابها ،الى مثواها الاخير..لكي تظل معه لفترة اطول ،لتساعده على تحمل الأم فراق اخته والتغلب عليه،لكن اخوات الام للأسف رفضوا واخذوا اختهم معهم بعد الدفنة بساعات قليلة ، فدخل الاخ الوفى في حزن عميق ،دفعه الى الذهاب الى قبر اخته ،ليحكى كعادته لها ماالم به ،ومن غيرها كان يستمع اليه ويطبطب على جراحه ويدوايها ..ذهب اليها ولم يعد ،لم يستطع تصديق انه لن يسمع صوتها..المحبب اليه ثانية ،غرق فى غياهب صمتها قتله الحزن على فراقها ،حتى لحقها علي الفور

اخيرا شعركلا من اهل الاب والام بالشاب الحزين ..اخذوا يبحثون عنه بكل مكان لغيابه عن العودة الي بيته ، ليكتشفوا صنيعة ايديهم، حيث فوجعوا به ملقي علي الارض نائم بجوار اخته الحبيبة ،غارق في ميتته الاخيرة جثة بلاروح ..بلا امل جديد بالحياة بلا ابتسامته المعهودة ..مشهد تتقطع له القلوب الطيبة دون القاسية منها والتى تسببت فى حدوث هذه الفجيعة المأساوية

اى انفس هذه التى ستنام بعد هذا الحادث الاليم .. قريرة العين وتسامح نفسها بعدما فعلته بزهور الحياة الغضة..التى كانت لتوها بدأت تعبر عتبات الامل بفرح

اي اناس هؤلاء الذين سيقدرون على حمل جثته ..هذا الشاب الطيب الذى غلبته عواطفه وحنينه حزنا لفراق اخته حتى الموت

اي ام هذه التى تستحق جنة ربها عز وجل التى وعدها بها لقاء كونها ام ولدت وربت واحبت فرحمت

هذه القصة المبكية الحاضرة ..فلتكن عبرة للجميع،لكي يتقوا الله في معاملة ابنائهم ،صلات ارحامهم وكل من يحمل روحا بين جنبيه ،بالرحمة المطلوبة من رب العالمين ..فان الله يمهل ولايهمل وكما تدين تدان