جريدة النهار المصرية

اقتصاد

بعد صدور قرار نهائي بتصفيتها

رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية لـ”النهار”: خسائر فادحة تلاحق الشركة منذ عامين.. ووضعها إزداد سوءاً بعد تصفية ”الحديد والصلب”

هالة عبد اللطيف -

صرخات العمال بـ"النصر للكوك" تتعالي .. وتزايد مطالبهم بصرف تعويضات لا تقل عن 750 ألف أو توفير فرص عمل بديلة


تزايد الحديث خلال الساعات القليلة الماضية عن قرار تصفية شركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات الأساسية في مصر، وذلك على خلفية تقادم مصانع الشركة وتهالك المعدات والآلات، وارتفاع تكلفة تطويرها والتي تصل إلى 15 مليار جنيه (780.6 مليون دولار)، علاوة على عدم وجود شركات صلب محليا تعتمد على فحم الكوك، واتجاه الحكومة نحو التحول للطاقة الخضراء.
ولم يتوقف الامر على ذلك، بل أثارت تصريحات وزير قطاع الأعمال العام محمود عصمت بأن تعويضات عمال شركة النصر للكوك، عن التصفية ستتم وفقا لقواعد تعويضات عمال الحديد والصلب، حالة من الغضب بين العاملين بالشركة، والذي اعتبره عمال الشركة بأنها مجحفة وغير مرضية على الاطلاق.
وعلى الفور تعالت أصوات العاملين بالشركة اعتراضاً على قرار تصفية الشركة ، مؤكدين أن هذه الشركة تعد قلعة من قلاع الصناعة في مصر، خاصة وأنه موجود منذ 62 عاماً وكان أحد مصادر امداد الطاقة لشركة الحديد والصلب إلا أنه بعد تصفية الاخيرة اصبح لزامًا تصفيته أيضاً دون سبب واضح وراء ذلك، مع العلم أن وزارة قطاع الأعمال سابقًا، استندت لميزانيات 2018 ووفقاً للورق فالشركة تخسر، إلا أنه منذ عام 2019 وتحولت خسائر الشركة لمكاسب وهذا ما اتضح جلياً في أخر ميزانية للشركة حيث حققت مكاسب تقدر بنحو 115 مليون جنيه في السنة.
وكشف العمال أن الخبير الذي استعانت به الوزارة لدراسة التصفية قال في توصيته أن المصنع منتج لسلعة جميع بلدان العالم في حاجة لها، لدرجة ان الأيام القادمة وخاصة بعد أزمة الحرب الروسية الأوكرانية قد يكون معك ثمن السلعة لكنك لن تستطيع الحصول عليها، إلا أن ما كان يترددخلال الشهرين الماضيين أنه سيتم تصفيته الشركة بعدما تم تصفية الحديد والصلب وأن يتم تسويق أرضها لتنفيذ مشروع عقاري علي أكثر من 14 مليون متر مربع .
وطالب العمال الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة التدخل السريع وتنفيذ مبادرة تطوير الشركات التي شدد على تنفيذها خلال السنوات القليلة الماضية خاصة وأن تصفية الشركة ستتسبب في تشريد نحو 1100 عامل وأسرهم دون توفير أي عمل بديل لهم.
كما طالب العمال محاكمة المهندس محمد سعداوي رئيس الشركه القابضه بتهمه الاهدار المال العام ، خاصة وأنه أكد في محضر الجمعيه العموميه ان تكلفه الغاز المستخدم بالشركة بلغ نحو 168مليون جنيه من الفتره من 6/8/2021 حتى 31/7/2022بدون انناج فعلي وبدون عائد، الأمر الذي يثير عدة تساؤلات وأين كنت طيلة هذه المدة وأنت على علم بإهدار تلك الملايين ؟، مع العلم أن شركة الكوك استطاعت أن تربح في مديونيه الحديد والصلب لها نحو 450 مليون جنيه .
ومن جانبه قال إبراهيم عادل،عضواللجنة النقابية بشركة النصر للكوك، شركة الكوك تضم نحو 500 شاب، تتراوح خدمتهم ما بين 13 سنة إلى 16سنة، لن يتمكنوا من الحصول على فرص عمل أخرى في ظل الأوضاع الحالية، وما تتطلبه من الوفاء بالالتزامات المالية لأسرهم، لهذا فإنه لابد أن يتم نقلهم للشركات التابعه سواء القابضة المعدنيه أو الكيماوية ، وفي حالة عدم توفير فرص عمل بديله لهم فإنه لابد من صرف تعويضات مرضية لهم لا تقل عن 750 ألف جنية لكل شاب ، ومليون جنية للعمال الآخرين، علماُ بأن هذه التعويضان لن تكلف خزينة الدولة جنية واحداً، حيث أن هناك نحو ملياري جنية من بيع حصة السماد، بجانب توافر سيولة بالشركة تقدر بنحو 650 مليون جنية ، والتي تحققت من تضافر جهود العمال المستمرة لتحول الشركة من الخسارة للرب.
وأضاف عادل لـ"النهار"- أن التعويضات لابد وأن تشمل تأمين صحي، ومعاش استثنائي، لأن معظم عمال الشركة يعانوا من أمراض مزمنة بسبب التلوث البيئي الذي كان موجود داخل الشركة، حيث يعاني المئات منهم من فشل كلوي وتحجر رئوي.
وأوضح عادل أنه من الظلم المساواة في التقييم بين عمال النصر للكوك وبين الحديد والصلب، مشدداً على أنهم لن يقبلوا إلا بتعويض عادل، خاصة أن وضع الشركة المالي لا يمكن مقارنته بالحديد والصلب وخسائرها.
بينما قال المهندس محمد السعداوي، رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية،إن شركة "النصر للكوك" تعاني من خسائر فادحة منذ عامين حيث حققت خلال عام 2019-2020 خسائر بنحو 238 مليون جنيه (نحو 15 مليون دولار أميركي) مقابل أرباح بلغت 120 مليون جنيه (نحو ثمانية ملايين دولار أميركي) في نهاية العام المالي 2018-2019.
وأوضح أن وضع الشركة إزداد سوءاً بعد تصفية شركة الحديد والصلب ، لتؤكد كافة المؤشرات بأن الشركة باتت في طريقها للتصفية وهذا ما نوه عنه بالفعل وزير قطاع الاعمال العام، مشيراً أن شركة النصر تنتج الكوك الذي كانت تبيع نحو 90 في المئة منه إلى "الحديد والصلب" وتقوم بتصدير الـ10% للخارج، إلا أنه بعد تصفية الحديد والصلب بات الأمر كارثي بالنسبة لها، خاصة بعد توقف البطاريات وتعطلها عن العمل بصفة مستمرة علماً بأن القابضة المعدنية كانت قد قررت إنشاء بطارية ثالثة بتكلفة 125 مليون دولار، وتراجعت عن تنفيذ مشروع التطوير.
وأضاف السعداوي أن الخسائر المتلاحقة للشركة خلال العامين الماضيين أدت لتراجع مبيعاتها بنسبة 50 %، كما تراجعت أيضاً الصادرات بنحو 651 مليون جنية، لافتاً إلى أن أكبر الإشكاليات التي كانت تواجه شركة "النصر للكوك" بصفة خاصة وشركات تكويك الفحم بصفة عامة هو ارتفاع الأسعار العالمية للفحم المستورد من الخارج"قبل عملية التكويك" حيث أنه خلال سبتمبر الماضي ارتفعت أسعار فحم الكوك عالميا إلى 355 دولارًا للطن كأعلى ارتفاع منذ 7 سنوات، نظرًا لانخفاض نسبة المعروض عالميًّا وبلغت 400 دولار وفقًا لأحدث المؤشرات لعقود الشراء للفحم.
وأشار السعداوي إلى أنه تم إنشاء ثلاث بطاريات أخرى للشركة لتصل الطاقة الإنتاجية إلى 1.6 مليون طن سنويًّا، ولكن تراجعت تلك المعدلات بعد تقادم التكنولوجيا المستخدمة وتأخر عملية الصيانة للبطاريات، لافتاً إلى أن أهم أسباب الخسائر هو ديناميكية عمل بطاريات الكوك، التي تتطلب تشغيلها باستمرار من دون توقف، وإلا تعطلت عن العمل، مشيراً إلى أن ذلك يعني أن على الشركة الاستمرار في ضخ الفحم الخام إلى أفران البطاريات ولا تتوقف عن الاستيراد مهما كانت الأسباب، فضلاً عن ارتفاع أسعار الطاقة بجانب رواتب العاملين بها حيث يبلغ عدد العمال نحو 1500 عامل الأمر الذي ألقى أعباء ثقيلة على الشركة.
وأنهى تصريحاته قائلاً إن قرار التصفية بات هو المصير الحتمي لشركة النصر للكوك وذلك بعدما باءت كافة محاولات التطوير بالفشل ، علماً بأنه في أكتوبر 2018، حاولت الشركة القابضة للصناعات المعدنية إنقاذ ما يمكن إنقاذه للشركة وقامت بطرح مناقصة عامة لتطوير الشركة تعتمد على تكنولوجيا متقدمة في نظم العمل بدلاً من المعدات المتقادمة، وبعد إرساء المناقصة على إحدى الشركات الأوكرانية، وبعد أن انتهت الأخيرة من إعداد التصميمات الهندسية توقف مشروع التطوير لأسباب فنية ومالية.
في حين قال سمير رؤوف، خبير أسواق المال، إن تصفية القلاع الصناعية الكبيرة يكون لصالح القطاع الخاص ، علماً بأن السبب وراء تصفية تلك الشركات واحدة تلو الاخرى بشكل مفاجىء يزيد حالة من الغموض والابهام وكأن الحكومه استيقظت فجأة وجدت تلك الشركات تخسر علي الرغم من توليها ادارتها وعدم دخول أي من المستثمرين وحتي المقيد بالبورصة لمجلس إدارتها أو حتي لا يوجد في البعض منها تمثيل للعاملين بالقطاع العام .
وأوضح أن قرار تصفية أي شركة يتم اتخاذه على اساس عدم صلاحيتها للعمذل برغم من تحقيق البعض منها أرباح في فترات ما قبل كورونا مثل مجمع الألومنيوم نجع حمادي، ذلك الصرح الكبير والذي ليس له مثيل في الشرق الاوسط وأفريقيا وحتي جزء كبير من أسيا ولأول مره يخسر بسبب جائحه كورونا وهو مهدد بتصفيه الشركه نتيجه الخسائر.
وأشار رؤوف إلى أنه لا يوجد أي خطط لقطاع الاعمال العام والدليل على ذلك رفض تطويرتلك الشركات بأي طريقة أو حتي تغيير فكر التصفيه بمعالجه للصناعات أو إضافه أنشطه من خلال الفنين والعاملين في القطاع أو علي مستوي الشراكه مع مستثمر استراتيجي لتطوير اعمال الشركات علي أن تحتفظ الدوله بجزء ملكيه الشركات مقابل الأرباح والمطور له الجزء الأخر أو حتي الطرح والهيكله عن طريق البورصه المصريه وتوسيع قاعده الملكيه و الاستفاده من الخبرات والتجارب لهيكله بعض الشركات بالفعل من خلال البورصة.
وأوضح رؤوف أن من أبرز الشركات المعرضة للتصفية خلال الفترة المقبلة فى حالة استمرار وضعها شركات مصانع النحاس المصرية،والمصرية للمواسير – سيجوارت، والنصر للاجهزة الكهربائية – نيازا، والنقل والهندسة، ، ومطابع محرم الصناعية، والعامة لصناعة الورق – راكتا، والدلتا للأسمدة سماد طلخا والنصر للأسمدة بالسويس، وميتالكو وتملك أخر 3 شركات فرصا للربحية إن تم تنفيذ مشروعات التطوير فيها ،بجانب شركات خاسرة أخرى مثل النصر لصناعة المواسير الصلب ولوازمها، وشركة النصر للكيماويات الدوائية، والعامة للمشروعات الكهربائية – ايليجكت، وعمر أفندى، والهندسية لصناعة السيارات، والنصر لصناعة السيارات ويخضعان حاليا لمشروع تطوير وتحديث كبير يمكنها النهوض مستقبلا من خلال صناعة السيارات، مثل مشروع تطوير شركات الغزل والنسيج ودمجها فى 10 شركات ، كما تحولت شركات من الربحية للخسارة لأول مرة هذا العام وهى، ومصر للألومنيوم، والسبائك الحديدية نتيجة ضعف الصادرات وارتفاع اسعار الطاقة وانخفاض اسعار المعادن عالميا، علاوة على شركات تعانى من مشكلات متنوعة وضعف سيولة، مثل العربية المتحدة للشحن والتفريغ، والمستودعات المصرية العامة وشركات نقل الركاب شرق الدلتا للنقل والسياحة، اتوبيس غرب ووسط الدلتا، والصعيد للنقل والسياحة.