جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: من ينقذ العراق؟!

الكاتب الصحفي أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
-

العراق أرض العروبة، وبلد العلماء، والحضارة السامرية وبلاد الرافدين دجلة والفرات.. هذا البلد يضيع أمام أعيننا ولا مستجيب.

من ينقذ العراق يا عرب؟!

فصمت الجامعة العربية يدوى فى آذان الشعب العراقى، بل العربى من المحيط إلى الخليج.. فمتى ستتحرك الجامعة؟ هل بعد أن يغرق العراق فى الفوضى والحرب الأهلية؟!

هل بعد أن تسقط الدولة كاملة فى أيدى المرجعية الشيعية؟!

هل تتحرك بعد أن تسقط فى أيدى إيران وتركيا؟!

ماذا نحن فاعلون؟!

هل سنتحرك بعد فوات الأوان وسقوط هذا البلد العتى الذى صمد أمام أخطر غزو فى التاريخ الحديث وهو الغزو الأمريكى، بل صمد أمام قيام بول بريمر بحل الجيش العراقى؟!

هل تعلمون أن أحد الأسباب الرئيسية لغزو العراق، هو إسرائيل وأمن إسرائيل التى كانت تسعى لتحقيق الحلم الصهيونى القديم (من النيل إلى الفرات)؟!

هل تعلمون أن العلماء العراقيين والقضاء عليهم كان أحد أسباب الغزو الأمريكى للعراق؛ حتى لا يقوموا بصنع نهضة نووية؟!

هل تعلمون أن العراق واحدة من دول عربية قليلة لديها موارد زراعية ضخمة وموارد طاقة من بترول وغاز هائلة وموقع استراتيجى مهم جدًا وحضارة عريقة تضرب بجذورها فى عمق التاريخ؟!

لقد كان الشعب العراقى والسورى من الأدوات الرئيسية لحماية الأمن القومى العربى الحقيقى، وها نحن نصمت أمام محاولات إسقاط العراق.

والتساؤل الطبيعى والمنطقى هنا: متى تكون القمة العربية إذا لم تنعقد فى هذا التوقيت (أمس قبل اليوم)؟!

نحن ننبه ونحذر من أن أى تأخير للقمة العربية سيكون له تداعيات على المشهد العربى بصفة عامة.

ودعونا نقلها بكل شفافية، ومن خلال الواقعية السياسية، إن أمريكا والغرب هبّوا بمجرد الهجوم الروسى على أوكرانيا وفتحوا الحدود واستقبلوا ملايين الأوكران بالعواصم الأوروبية ومدوها بالسلاح والأموال، ووقفوا معها بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة.. فأين العرب مما يحدث فى العراق؟!.

ودعونا نذكر بما قلناه منذ 2015، بعد أن أعلن الرئيس السيسى عن ضرورة تشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة لحل الخلافات ومنع الأزمات العربية، وبعد لقاءات رؤساء الأركان العرب فى الجامعة العربية، قامت أمريكا بعمل فيتو لدى بعض الدول، لوقف إنشاء هذه القوة العسكرية العربية.. لماذا؟ حتى يتم تحقيق نظرية كونداليزا رايس، وتقسيم المقسّم، وتمزيق الشرق الأوسط الكبير إلى دويلات وجزر متناحرة، وما يجرى فى العراق هو ترجمة لهذه الرؤية الأمريكية، ووراءه أجهزة استخبارات تخطط وتنفذ (الفوضى الخلاقة) بكل تفاصيلها.

فما يجرى فى العراق هو صورة مصغرة لـ(الفوضى الخلاقة)، وللأسف الشديد يتم ذلك بأيادٍ عراقية، ومرجعيات فكرية عربية، وها هو العراق ينفجر بأيدى أبنائه، من خلال محاولات إسقاط بقايا مؤسسات الدولة، وأصبح الوضع أن من يملك الميليشيات ويسيطر على القبائل ويحرك المذاهب، يملك الشارع العراقى.. فهل من المعقول أن يتم احتلال البرلمان ومؤسسات ووزارات الدولة؟ هذا يعيد إلى الذاكرة ما قام به الشاطر وإخوانه من محاولة احتلال المحكمة الدستورية العليا ومدينة الإنتاج الإعلامى فى مصر.

فما بين المخطط الإخوانى والمخطط الشيعى تفاهمات وتوافقات فكرية، فهنا كان المخطط الإخوان ضد الشعب المصرى، وهناك كان المخطط السنة ضد الشيعة والشيعة ضد الأكراد والجميع ضد الجميع.

فهل سننتظر لحين انعقاد القمة العربية القادمة فى الجزائر؛ حتى نبحث الوضع الذى يزداد اشتعالًا وغضبًا وقتالًا كل لحظة فى العراق، ثم نبكى على اللبن المسكوب؟ وهل سيتكرر السيناريو الذى يحدث فى ليبيا الآن فى العراق؟!.

لقد نبهنا من قبل إلى أن ما يجرى فى اليمن سيدفع ثمنه الجميع، وها نحن ننبه بأن ما يجرى فى العراق سندفع جميعًا ثمنه.. فمتى نفيق ونستفيق ونستمع إلى آراء الشعوب وليس بيت الطاعة الأمريكى؟!.

أقترح أن يقوم الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس جمهورية مصر العربية، بالدعوة لعقد قمة عربية طارئة فى القاهرة خلال الساعات المقبلة لبحث الأزمة العراقية.

ولا أنسى مشهد رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى أثناء تواجده فى العلمين فى القمة العربية المصغرة منذ أيام عندما دق ناقوس الخطر بسبب ما يجرى فى بلاده، وها هو المشهد يزداد سوءًا.

فما بين الصدر والمالكى والديستانى وغيرهم يضيع العراق يا عرب!.