جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: أخونة ميدان التحرير

أسامة شرشر
-

سيظل ميدان التحرير هو الشاهد الحقيقي لأعظم ثورة بيضاء سلمية في تاريخ البشرية، قام بها الشعب المصري للخلاص من القهر والذل والعبودية وليتحرر من حالة التهميش والتغيب وانكسار الإرادة الإنسانية التي كانت طوقا في رقبة المواطن المصري، كبل بها بالطوارئ والأحكام العرفية واستخدام الآلة الأمنية في تعذيب البشر.فكانت العصا الأمنية،هي العكاز الذي اتكأ عليه هذا النظام الفاسد مستخدما أدوات تعتبر أسوأ وأقذر عناصر أنجبتها الإنسانية، هم يعتبرون ويسمون غسيل البشر مثل غسيل الأموال فهم لايعيشون إلا في الحرام والظلام والضلال.وتخيلوا أنهم أصبحوا السادة ونحن عبيد نخدم في سلطانهم، لكن فوجئوا بثورة الأحرار والشرفاء، التي كسرت هذه الأصنام البشرية، مثل آلة الكفار من اللات والعزة، فسقطت أمام أول غزوة شعبية.ولأنها دولة رخوة متهالكة، سقطت في ساعات لتبقي دولة ميدان التحرير نبراسا يضيء الطريق إلي الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية وأصبح الميدان أيقونة الحرية، وأصبح مزارا وملاذا للأحرار والشرفاء وأصبح رمزا يجيء إليه الناس من كل مكان ليحكي لنا حكاية شعب استطاع بالكلمة، وليس بالبندقية ولغة الرصاص والقتل والتدمير، أن يسقط أقوي نظام قمعي في الشرق الأوسط دون طلقة واحدة في ثمانية عشر يوما، ليتحول الشعب المصري بكل طوائفه إلي صاحب قرار ليبني دولة القانون واحترام وسيادة واستقلال القضاء المصري.وأتذكر مقولة قالها لي أحد الحكماء إنك في الدولة الفاشية أو الاستبدادية تستطيع بالقانون اغتيال القانون وهذا ما حدث مع النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، الذي سيظل هو محامي الشعب وهو صاحب قرار حبس حسني مبارك، وتقديمه للمحاكمة كأول رئيس دولة في العالم الثالث، يحاكم وهذا يكفي عبدالمجيد محمود ورجال النيابة العامة الذين يعملون ليل نهار في خدمة العدالة وليس خدمة أي نظام.لكن أخطر ما في قضية النائب العام، أنه قال لا لرئيس الجمهورية، لسبب بسيط أنه يعرف حقوقه وواجباته، وهذا ما يميز الدول الديمقراطية عنا، أن المواطن يعرف ما له وما عليه بالقانون لا فرق بين حاكم أو محكوم فهذا الموقف سيكون درسا يدرس للأجيال القادمة، ولابد أن نعترف أن الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية، تعامل مع هذا الموقف بمنتهي الديمقراطية، وتراجع عن قراره وهذا يحسب لشخص الرئيس ولايحسب لفريق المستشارين الذين يجب عليهم، بعد هذا الموقف أن يتقدموا باستقالاتهم لعدم توريط وإحراج رئيس الجمهورية، لأن ما حدث بكل المقاييس والمعايير، عمل غير قانوني وغير أخلاقي، لتوريط رئيس الدولة.نحن في مصر الدولة وليس دولة المستشارين الذين سيغرقون الوطن بفتاوي يمكن أن تحدث كارثة إقليمية أو عربية أو عسكرية.والشيء الآخر الذي يجعل الناس تشعر أننا نسير في طريق إلي الفوضي والحرب الأهلية والمجهول بمعني لا أمل في إقامة دولة القانون، فما حدث في ميدان التحرير يوم الجمعة الماضي ومحاولة أخونة الميدان بمنطق فيها لا أخفيها، فأبسط قواعد اللعبة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أصبحت خارج قاموسهم للأسف الشديد في التعامل مع الأحزاب والقوي السياسية والمعارضة بكل فصائلها.ببساطة نزول الإخوان إلي ميدان التحرير يوم الجمعة الماضي هي سقطة سياسية ومحاولة الاعتداء علي رموز المعارضة جريمة لا تغتفر وتكسير المنصات لم تحدث أيام المليونيات والتساؤل الموجه لحزب الحرية والعدالة هل هو الاستقواء بالسلطة وغرورها، أعتقد أن ماحدث لـمبارك، وزبانيته بالأمس القريب يجعل الجميع يفكر ويفكر.والتساؤل الآخر هل حزب الحرية والعدالة سيقدمون إلي الرئيس محمد مرسي مسودة قانون الحفاظ علي مكتسبات الثورة، بمعني أن يقوموا بتعديل قانون السلطة القضائية وإعطاء صلاحيات لرئيس الجمهورية، في هذا القانون المقترح تجعله يحكم مصر مثل مبارك.ولو كان هذه التسريبات حقيقية تكون ردة ونكسة سيدفع ثمنها الجميع، فمحاولة أخونة ميدان التحرير وأخونة القضاء وأخونة البشر هي بداية النهاية لفريق الإخوان.. وشكر الله سعيكم.