النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

وول ستريت جورنال: لجوء الجيش الروسي للقوة الغاشمة في أوكرانيا كشف مدى ضعفه أمام الغرب

محمد عمر -

• بعد 100 يوم من نشوب الحرب الروسية الأوكرانية، لا يستطيع العالم تحديد نهاية واضحة للحرب، مما يُضاعف بدوره حجم الدمار المتزايد في أوكرانيا

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا يسلط الضوء على تحوُّل الحرب الروسية بعد 100 يوم من اندلاعها إلى شعلة دموية لا يستطيع العالم تحديد نهاية واضحة لها، مما يُضاعف بدوره حجم الدمار في أوكرانيا وتزايد المخاطر التي يواجهها العالم.

وبحسب عدد من المحللين العسكريين بوزارة الدفاع الأمريكية، إذا لم يكتسب أي من الجانبين أي تقدم ملحوظ في هذه الحرب، فسيواصل الجانبان المعارك باستمرار، وذلك استشهادًا بالحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات، والتي انتهت بعد ثماني سنوات نتج عنها إضعاف الطرفين بعضهما البعض.

كما أظهرت العديد من التحليلات مدى إخفاق الجانب الروسي المبكر في هذه الحرب؛ نظرًا لأن تحوله سريعًا إلى تكتيكات القوة الغاشمة، قد أظهر الجيش الروسي في وضع أقل قدرة مما كان يخشى الغرب، كما أظهرت الحرب أيضًا أن أهداف الرئيس "بوتين" أكثر راديكالية، وانجذابًا للمخاطرة بشكل أكبر، بالإضافة إلى أن قدرته على التنبؤ بشكل واسع النطاق أقل مما كان يُعتقد، حتى بات يُنظر إليه على أنه أكثر زعيم انتقامي في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

في هذا الإطار، فقد دفعت المائة يوم الماضية من الحرب إلى إعادة التفكير في سياسات الدفاع الأوروبية؛ حيثُ تعهدت الدول الأوروبية ذات الإنفاق العسكري المنخفض مثل، ألمانيا وإيطاليا باتباع سياسات مغايرة، كما تقدمت فنلندا والسويد بطلب للانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي، حتى أن المملكة المتحدة -التي لا تزال على خلاف مع الاتحاد الأوروبي بشأن شروط خروج بريطانيا من الاتحاد- باتت تقترب بشكل واضح أكثر من التكتل الأوروبي في مجال الدفاع.

وتجدر الإشارة إلى أن الصراع بين الطموحات الروسية والتطلعات الوطنية الأوكرانية له جذور تاريخية، إلا أنه أصبح أكثر حدة هذا القرن بشكل مطرد، حيث كثف الرئيس "بوتين" جهوده لإعادة فرض سيطرة "موسكو"، حيثُ كثيرًا ما يؤكد الرئيس "بوتين" لفترة طويلة أن الروس والأوكرانيين هم أمة واحدة، كما أن الحرب تعتبر محاولة أخيرة لإعادة تأسيس روسيا كقوة عظمى.

على الجانب الآخر، تأمل أوكرانيا في إعادة ترتيب قواتها لشن هجوم مضاد في الأشهر المقبلة؛ وذلك بهدف إجبار الجيش الروسي للعودة إلى مواقع ما قبل الحرب ثم التفاوض لاستعادة بقية أراضي أوكرانيا، في إشارة إلى الأراضي الأوكرانية التي تخضع لسيطرة روسيا والقوات الموالية لها منذ عام 2014، وهي شبه جزيرة القرم وجزء من منطقة دونباس.

في المقابل، ثمة شكوك متعددة تُثار لدى القادة في أوروبا الغربية حول قدرة أوكرانيا على تحقيق هذا الهدف بشكل واقعي، كما أن تدخل الغرب بشكل أوسع نطاقًا في الحرب يمكن أن يؤدي إلى تصعيد خارج عن السيطرة وصراع مباشر مع روسيا، خاصةً وأن الأولوية المعلنة للرئيس الأمريكي "بايدن" هي تجنب الحرب مع روسيا مع ضمان استقلال أوكرانيا وسيادتها، ممتنعًا عن صياغة مفهوم واضح للحرب في ساحة المعركة ومكتفيًا فقط بتأكيد حاجة "كييف" إلى النصر، حيثُ تريد "واشنطن" فرض عقوبات على روسيا، وتعزيز مكانة حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وتقليص اعتماد أوروبا على الغاز الروسي للحد من قدرات "موسكو" وأدواتها للضغط على الدول الأوروبية.

وفي الختام، فإن امتداد أجل الحرب الدائرة يثير المخاوف بشأن وحدة الصف الغربي، خاصةً وأن فرنسا وألمانيا تشككان بشكل خاص في احتمالات انتصار أوكرانيا، حيثُ يشعران بالقلق من التداعيات الاقتصادية للحرب، كما أن تواصل الدولتين مع الرئيس "بوتين" يؤدي إلى تآكل الثقة لدى دول أوروبا الشرقية في دول أوروبا الغربية، حيث تشعر دول أوروبا الشرقية، لا سيما بولندا بأنها مهددة بشكل مباشر وأكبر من قِبل الطموحات التوسعية للرئيس "بوتين".