النهار
جريدة النهار المصرية

أهم الأخبار

رحيل بطريرك إثيوبيا «الأب باولس»

الأب باولس البطريرك الأثيوبي الراحل
-
ودعت الكنيسة الإثيوبية مساء أمس الأول راعيها البطريرك الأب باولس، الذي فارق الحياة على إثر أزمة قلبية مفاجئة عن عمر يناهز 76 عاما؟.باولس الذي يعرفه الأقباط على أنه البطريرك الإثيوبي الأول في أعقاب الحكم الشيوعي الذي فصل الكنيستان المصرية والإثيوبية إداريا، يعرفه -المصريون- على أنه الرجل ذو البشرة السمراء إفريقية الدلالة ذو الدور المؤثر إزاء ما يعرف بـأزمة دول المنبع تلك التي تدفع إلى تقليل حصة مصر من مياه النيل.ومصر لدى البطريرك الراحل كانت وطنا بعيد الفكرة مصحوبا بالحنين الدائم إليه، إزاء علاقته التي لم تفتأ تنقطع بالكنيسة القبطية التي يعرفها دائما في لقاءاته الإعلامية على أنها الكنيسة الأم لـنظيرتها الإثيوبية، والبطريرك الراحل شنودة الثالث مرشدا روحيا لـإثيوبيا التي لم يستطع الحكم الشيوعي فصلها روحيا عن الكنيسة القبطية- حسب تصريحات أطلقها الرجل في مختلف المناسبات الدينية.رحل البطريرك باولس ذو المسيرة الحياتية التي تراوحت بين اضطهاد ذاق ويلاته سجنا لمدة عامين تحت مظلة الحقبة الشيوعية ،ونفيا يسمونه-خروجا دينيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية مكنه من دراسة اللاهوت مطلع عام 1984.كانت فطنة الأب بول آنذاك -الذي لم يعد بطريركا ،و عزمه على مجابهة الشيوعية التي أفسدت على الإثيوبين كثيرا من عقائدهم ،دافعين ناحية إتمام دراسة الدكتوراة اللاهوتيةفي سنوات ثلاث في الفترة مابين 1984-1987..5 سنوات بعد حصوله على رتبته اللاهوتية الجديدة ،وأصبح الأب الذي تعرض للتنكيل نفيا- وسجنا، قيادة كنسية لـإثيوبيا تلك المنطقة التي تعرف لــالبطريرك مكانة تفوق كافة البلدان الإفريقية من حيث تأثير شبه مطلق في عدد من الأمور السياسية إذا تطلب الأمر.والكنيسة الإثيوبية حتى عام 1948 كانت امتدادا للكنيسة المصرية ،خاضعة للوائحها ،وإدارة المقر البابوي بالإسكندرية ،البطريرك مطران إثيوبيا ترسمه القاهرة ،باعتباره مسئولا عن إيبارشية شأنها شأن إيبارشيات الكنيسة في الداخل والمهجر،بينما باولس نصبته كنيسته بطريركا بعد استقلال لـالإثيوبية ،حولها من ابنة تأتمر بأمر المقر البابوي بالإسكندرية ،إلى شريكة في الخدمة المرقسية حاضرة في مجلس الكنائس العالمي كأحد أبرز ممثلي كنائس العائلة الأرثوذكسية.على خطى البابا شنودة ،كان الأب باولس مختلطا بالسياسة الإثيوبية بحكم نشأته وموطنه ،والعالمية بحسب إطلاعه وثقافته ،ومياه النيل هي القضية التي جمعت شتات الكنيستان بعد إنقطاع استمر على الأقل ظاهريا ما يقرب 15عاما.فترة رئاسة الرجل لـالكنيسة الإثيوبية في مطلع التسعينات تزامنت مع حادث الإعتداء على الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك في- أديس أبابا-إبان حضوره قمة أفريقية ،تعثرت العلاقات بعدها مع دول المنبع في حوض النيل.تراجعت مصر أفريقيا ،حتى لاحت في الأفق أزمة السدود الإثيوبية التي تقلص حصة مصر من المياه ،وفي العام 2007 كانت زيارة الأب باولس البطريرك الراحل للمقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية ،وقتها كانت أزمة مياه النيل قد طفت على السطح الإعلامي ،تبادل البطركان الراحلان باولس-شنودة حديثا حول أزمة النيل ،ومدى إمكانية تدخل الكنيسة الإثيوبية لدى حكومتها لـإزاحة فكرة السد عن أولوياتها.بين الكنيستان الإثيوبية- المصرية اللتان يدخلان معا نفق الإنتقال الكنسي بعد رحيل البطاركة ،وقعت اتفاقية تبادل التصويت لـخمسة من كبار الأساقفة في الإنتخابات البابوية ،والإتفاقية لم يكن يعلم الأب باولس والبابا شنودةأنها ستنفذ بالتزامن مع فراغ الكرسي المرقسي في الكنيستين معا ،وقعت في أديس أباب عام 2008 إبان زيارة قام بها البابا شنودة الراحل لـإثيوبيا تلبية لدعوة في إحدى المناسبات الدينية.6زيارات هي حصيلة تواجد البطريرك الإثيوبي الراحل في القاهرة ،ومثلما ودع البابا شنودة لقاءاته الرسمية بـمقابلة تاريخية لـالمرشد العام للإخوان المسلمين د.محمد بديع بالمقر البابوي ،كانت آخر استقبالات الأب باولس لـالرئيس محمد مرسي إخواني النشأة-بالعاصمة الإثيوبية إزاء مكالمة جرت بينه وبين الكنيسة المصرية توصيه بحسن استقبال الرئيس .البطريرك فتح ذراعيه لـمصر الثورة ،تلك التي زارها ،إبان احتفال الكنيسة القبطية بعيد جلوس البابا شنودة في نوفمبر 2011 ،والزيارة التي استمرت 3أيام وقتئذ ،التقى باولس خلالها رئيس الوزراء حينئذ د.عصام شرف ، قطعا بعد حديث عن حقوق الأقباط والتعايش بين المسلمين والمسيحيين في مصر ،حضرت أزمة مياه النيل ،وقتها كانت مصر قد طرقت أبواب إفريقيا بوفد دبلوماسية شعبية التقاه الرجل ،وأبدى ترحيبه بعودة مصر إلى القارة السمراء ،واعدا بالمساندة.حسبما يروي د,جرجس صالح -الأمين العام السابق لمجلس كنائس الشرق الأوسط ورفيق درب البطريرك الإثيوبي،فإن الزيارة الأخيرة لـالأب باولس للقاهرة أثناء حضوره جنازة البابا شنودة في مارس الماضي ،التقى هشام قنديل رئيس الوزراء الحالي ووزير الري حينذاك ،طلب الوزير المصري وساطة البطريرك لإحداث توافق مصري- إثيوبي حول ماي عرف بأزمة دول المنابع ،ووعد باولس بالتحدث إلى رئيس الوزراء الإثيوبي الذي تربطه به علاقة قرابة باعتباره أحد أبناء قبيلته.الذكرى تدق ذاكرة د.جرجس صالح ،تأخذه إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث رحلة الدكتوراة التي صاحب خلالها البطريرك الإثيوبي الذي حسبما عايشه يتميز بالبساطة والمحبة ،يقول صالح كانت تلك الفترة1984-1987قد شهدت الصدام المعلن بين الرئيس السادات والبابا شنودة الثالث ،وأحيل البطريرك حينها إلى إقامة جبرية بـدير الأنبا بيشوي ،وانعكست تلك الأحداث على البطريرك الإثيوبي الذي أبدى تضامنا وتعاطفا وشديدا مع البابا ،في حين اتخاذه موقفا معاديا إزاء سياسات الرئيس السادات.ويضيف ظلت الصداقة بيننا منذ عام 1982 وحتى الآن ،على الصعيد الإنساني ،وباعتباره عالما في اللاهوت ،وباولس تتلمذ على يد عالم اللاهوت المصري د.انطون يعقوب عميد معهد الدراسات القبطية .صالح الذي رفض طلب البطريركالإثيوبي بتريس اللاهوت في إثيوبيا ،قال أنه في مطلع العام 2010 أرسلت الكنيسة المصرية القمص سيدراك لـإثيوبياممثلا لها ،بعدها بدأ الأب باولس في تفعيل النشاط المشترك بين الكنيستين والذي امتد لحلم تأسيس جامعة هناك بخبرات مصرية ترشحها الكنيسة ،غير أن رحيل البطاركة حال بينهما وبين تحقيقه.والأب باولس يعرفه د.صفوت البياضي رئيس الطائفة الإنجيلية على أنه أحد رؤساء مجلس الكنائس العالمي الساعين إلى تعزيز مفاهيم الحب والسلام.لا أحد يعرف شيئا عن تفاصيل لائحة انتخاب البطريرك الإثيوبية ،وحسبما أفاد القمص سيدراك ممثل الكنيسة المصرية باثيوبيا فإن اجتماعا عقده المجمع المقدس لبحث ترتيب آليات انتخاب البطريرك القادم ،لتصبح الإنتخابات البابوية قاسما مشتركا بين الكنيستيتن.اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - رحيل بطريرك إثيوبيا الأب باولس