جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

لماذا يثير وصول طالبان للسلطة في أفغانستان خوف الصين؟.. أحداث إقليم «شينجيانج» تعود للواجهة

-

توقع كثيرون أن يتسبب تطور الأحداث في أفغانستان، في عودة حالة الفوضى التي شهدها منطقة شينجيانج الصينية المجاور، وعودة الأحداث والتفجيرات الإرهابية مجددًا والتي بدأت مع انهيار الاتحاد السوفيتي وانتشار التنظيمات الإرهابية منذ نهاية الثمانينيات حتى وصلت إلى بكين العاصمة في حادث الدهس عام 2013 بميدان «تيان آن مين» الشهير.

المحللون توقعوا أن تكون أفغانستان أرضًا خصبة لأعضاء تنظيم «حركة تركستان الشرقية» وقوات ذراعه العسكري، كما كان الحال عليه في التسعينيات ومطلع الألفية الجديدة، مما جعل وقتها مجلس الأمن الدولي يدرج الحركة كمنظمة إرهابية، خصوصًا وأن تقديرات صحيفة «جلوبال تايمز» الصينية تشير إلى أن هناك ما بين 200 و300 عضو في «حركة تركستان الشرقية» يعيشون بأفغانستان وفقًا لمصادر صينية.

وفي تحقيق أجرته معه الصحيفة الناطقة بالإنجليزية، قال لي وي، خبير مكافحة الإرهاب والباحث في معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة، إن أعضاء «حركة تركستان الشرقية» هم عمومًا موزعين في مناطق مختلفة، ورغم أنه لا يمكن القول إن هؤلاء يشكلون قوة مسلحة أو شبه عسكرية، ولكن طالما أن هؤلاء المئات من الأعضاء هناك، فستظل عوامل زعزعة الاستقرار التي تولد الأنشطة الإرهابية قائمة.

ونقلت الصحيفة عن القيادي في حركة طالبان سهيل شاهين قوله إن عناصر «تركستان الشرقية»، قد غادروا أفغانستان، مشيرا إلى أنه من المستحيل أن يبقى أي من هذه العناصر في أي مكان في أفغانستان مستقبلًا، مؤكدا أن طالبان لن تسمح لمنظمات مثل «حركة تركستان الشرقية» بأن تكون لها أي قواعد تدريب ومؤسسات للتمويل ومواقع للتجنيد في أفغانستان.

فيما قال تشانغ جيادونغ، الأستاذ في مركز الدراسات الأمريكية بجامعة فودان في شانغهاي ومدير مركز دراسات جنوب آسيا، إن عدد الأعضاء الأساسيين في الحركة، موجودون في مناطق متفرقة بالشرق الأوسط، لكنهم غير ناشطين في السنوات الأخيرة، مؤكدًا أن "تصريح القيادي بطالبان، له مغزى كبير، وهذا يعني أن الحركة تعرف من هي "تركستان الشرقية" وموقعها، كما يعني أنه ثمة تواصلًا بين الجانبين".

وفي السياق نفسه، علق المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان، بأن الجانب الصيني يأمل في أن تلتزم طالبان بتعهداتها وتنفصل تماما عن المنظمات الإرهابية مثل «حركة تركستان الشرقية»، واتخاذ تدابير فعالة داخل البلاد لمكافحتها بحزم، وفي الوقت نفسه تعزيز التنسيق والتعاون مع الدول المجاورة لتجنب الآثار غير المباشرة العابرة للحدود، حتى يتسنى لأفغانستان القضاء على الإرهاب وألا تتحول إلى أرض خصبة وملجأ ومأوى لقوى ومصدرًا لانتشار القوات الإرهابية.

ووفقًا لتصريحات شو هونغ شوي، الأستاذ في كلية قانون مكافحة الإرهاب بجامعة نورث ويست للعلوم السياسية والقانون، لصحيفة «جلوبال تايمز»، فإن هناك حاليًا ثلاثة أهداف مختلفة بين طالبان و"حركة تركستان الشرقية" رغم التعاون السابق بينهما في أفغانستان، مفندًا ذلك بأن التطلعات السياسية مختلفة، حيث تسعى طالبان لتأسيس دولة، في حين تسعى "تركستان الشرقية" لتخريب أنظمة الدول الأخرى، كما أن موقف الحركتين متضاد تمامًا مع الولايات المتحدة، حيث أن طالبان تظهر عدائها لواشنطن، بينما الأخيرة حذفت "حركة تركستان الشرقية" من قائمة المنظمات الإرهابية، بل وحتى دعمتها، مضيفًا أن للحركتين مواقف مختلفة أيضًا تجاه الصين، حيث تأمل الأولى في الحصول على دعم من الصين، بينما الثانية معادية للصين.

ولم يحدد تشانغ جيا دونغ، بشكل قاطع هل تنظر بكين إلى وعود حركة طالبان الأفغانية بنوع من التفاؤل أم لا؟ حيث يعتقد أن حركة تركستان تتمتع بمجال نفوذ صغير جدًا في أفغانستان ودول أخرى، وأنه يصعب تنظيف التنظيم، لأنه يكاد يكون "غير مرئي".

وضرب الرجل مثالًا بالجارة باكستان، وأنها لم تدخر جهدًا بصفتها شريكًا وثيقًا للصين، في قمع المنظمات الإرهابية مثل «حركة تركستان الشرقية»، لكنها لم تحل المشكلة بالكامل من وجهة نظره، لذلك، يبقى برأيه ما إذا كان بإمكان طالبان الوفاء بالوعد علامة استفهام.

ويرى شو هونغ هوي الذي يمثل رأيًا عامًا في الصين، أن التغيير المفاجئ للوضع في أفغانستان أوصل مصير "حركة تركستان الشرقية" إلى نقطة معينة، لكنها ليست نقطة النهاية.

وأضاف في تقرير نشرته صحيفة الشعب اليومية، أن موقف طالبان من الحركة عائم، مما يشير إلى أن طالبان لن تقطع صلتها بـ «حركة تركستان» على المدى القصير، مشيرًا إلى أنه لا تقتصر منطقة نشاط "حركة تركستان الشرقية" على أفغانستان. بل ترسخت عناصر الحركة منذ فترة طويلة بمناطق الصراع في سوريا على الحدود التركية السورية.

ولفت الأستاذ في كلية قانون مكافحة الإرهاب بجامعة نورث ويست للعلوم السياسية، إلى أن طالبان تتمتع بعلاقات وثيقة مع منظمات متطرفة أخرى مثل «اللجنة الدولية لتركستان الشرقية»، و"منظمة تحرير تركستان الشرقية"، و"الجبهة الثورية المتحدة لتركستان الشرقية" في آسيا الوسطى، وأنه حتى لو قطعت طالبان صلتها بـ «حركة تركستان الشرقية»، فإنها لن تكون ضربة قاتلة للأخيرة.