جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: من يعزل من؟

اسامة شرشر
-
الترقب سيد الموقف.. والخوف عرض مستمر.. والتوتر يطل برأسه من كل شبر في الشارع المصري وسط حالة التباس وحبس للأنفاس في انتظار أحكام المحكمة الدستورية غدا الخميس، وخاصة في قانون العزل السياسي لمرشح الإعادة في الانتخابات الرئاسية أحمد شفيق وكذلك الحكم ببطلان 1/3 أعضاء مجلس الشعب علي المقعد الفردي.والسؤال الشائك الملغم حاليا هو: من يعزل من ؟ هذا هو السؤال الذي يسيطر علي المشهد الانتخابي في البلد الآن، لأن المواطن أصبح مغيبا بالفعل في ظل ارتباك القوي الحاكمة في البلد.ولكن أستشعر أن هناك لغزا وحلقة مفقودة في كل ما يجري من إرهاصات وارتباكات وتناقضات بين كل التيارات السياسية، فهم قطعوا عهدا بينهم بألا يتفقوا علي شيء، بداية بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور ونهاية بإجراء الانتخابات الرئاسية علي مقعد الرئيس لسبب بسيط، أن الكل يخون الكل.فما يجري علي الساحة المصرية هو اتفاقات مصالح ومواقف لاحتكار السلطة والسيطرة علي مفاصل الدولة ومقاليد الأمور، سواء سياسية أو اقتصادية أو دينية أو ثقافية، ودعونا نتكلم بصراحة وأمانة أمام الله ونقول إن الصراع الحقيقي في مصر الآن الذي قد يحسم أو لايحسم يوم الخميس هو صراع بين الدولة الدينية التي يمثلها ويقود سفينتها الإخوان المسلمون ووراءهم كل مفردات ومسميات التيار الإسلامي السياسي بكل أجنحته وفصائله وأدواته وبين الدولة العسكرية التي يمثلها في الأساس المؤسسة العسكرية ومعها كل القوي الليبرالية واليسارية والاشتراكية وأدوات ورجال النظام السابق بكل ما تعني من كيانات سياسية واقتصادية ويقف خلفها الأزهر الشريف بمرجعيته الوسطية التي يمثل الاتجاه المدني والكنيسة المصرية التي تخاف من المجهول.كل ذلك يجري ويعد له علي قدم وساق، والسؤال المطروح لدي المواطن المصري الذي تم عزله سياسيا و الجميع يتاجر بحقوقه ودمائه وشهدائه رغم أنه المفجر الحقيقي للثورة وأصبح خارج حسابات الجميع لكن للأسف الشديد هناك عوارات ونقاط سوداء ساهمت في إحداث شرخ حقيقي في النسيج المصري علي أرض الواقع.وأول هذه العوارات النخب السياسية التي دمرت هذا البلد بمسمياتها الجديدة علي مسامع الشارع المصري والتي لعبت الفضائيات المصرية والعربية دورا مهما في تعميق هذه الفجوة حتي يتحول الكل ضد الكل فأصبحت مرادفات تيار الإسلام السياسي وائتلاف الثورة وفلول الحزب الوطني والتيار الليبرالي جزءا أصيلا من شق الصف الوطني المصري، ناهيك عن مصطلحات العمالة والخيانة والأجندات الخاصة.وكأننا أصبحنا شعبين وليس شعبا واحدا ناهيك عن الهجوم المخطط والمنظم منذ البداية لإسقاط هيبة وتاريخ القضاء المصري الذي يعتبر أساس الحكم والعدل علي الأمم، بالإضافة إلي إفرازات الانتخابات البرلمانية الأخيرة لأعضاء مجلس الشعب، كل يحاول فرض إرادته الحزبية الضيقة علي حساب مصلحة الوطن.وأصبح تكرار كلمة التوافق دليلا عمليا واتفاقا وإشارة علي عدم التوافق وفرض سياسة الأمر الواقع حتي لو احترق الوطن بالمظاهرات والاعتصامات وسفك دماء الأبرياء هو الثمن لتحقيق الأهداف الحزبية الضيقة.فهل يعقل أننا حتي الآن نختلف علي مزاد الجمعية التأسيسية لوضع دستور بين أغلبية وأقلية ونسبة وتناسب وكل منا يدعي أنه صاحب حق والثاني ضحية لأغلبية الديكتاتورية.الموقف أصبح محزنا ويدعو إلي الخوف الحقيقي علي مصر والكل يدعي ويصرخ، كل ذلك بسبب حبه وعشقه لهذا الوطن والحفاظ علي الهوية والشخصية المصرية، لكن تعارض المصالح والأجندات يكشف عوارات الجميع ويسقط القناع عن المناضلين الجدد الذين أكلوا ويأكلوا علي كل الموائد السياسية، سواء قبل خلع نظام مبارك وبعد ظهور القوتين علي المسرح السياسي المصري وهي المؤسسة العسكرية والإخوان المسلمين.هناك حالة غموض سياسي يقودنا جميعا إلي المجهول علي أرض الواقع، فماذا لو حكمت الدستورية بعزل شفيق وحل البرلمان، عدنا إلي المربع الأول بعد نجاح الثورة؟ فهل سيكون الدستور أولا أم الانتخابات أعتقد لا هذا ولا ذاك، وتكون دعوة لاستمرار حكم المجلس العسكري وحينها أتساءل من يعزل من؟!