النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

مصري نوبي في بلاد اللاتينيين.. ما هو لقاح «عبدالله» المحلي الذي منحته كوبا ترخيصًا طارئًا لمواجهة كورونا؟

-

قررت الهيئة الوطنية لتنظيم الأدوية في كوبا، اليوم الجمعة، ترخيص الاستخدام الطارئ للقاح محلي الصنع "عبد الله" الذي تم تطويره في الجزيرة الكوبية، وهو أول لقاح مصمم ومطور بالكامل في أمريكا اللاتينية، ويتم تلقيه على ثلاث جرعات، حيث يكون موعد الثانية بعد الأولى بـ14 يومًا والثالثة بعد الثانية بـ28 يومًا.

وقالت الهيئة في بيان نشرته على حسابها في "تويتر" إنها قررت "منح ترخيص للاستخدام الطارئ للقاح الكوبي عبد الله بعد التأكد من أنه مطابق للشروط والمعايير المطلوبة من حيث الجودة والسلامة والفعالية".

واشتق اسم اللقاح الكوبي من مسرحية "عبدالله" التي ألفها شاعر كوبا الشهير خوسيه مارتي، الذي يوصف بأنه "رسول الاستقلال الكوبي" والمتوفي سنة 1895 عن 42 عامًا، والمعروف بميله للعرب وتمجيدهم في كثير من قصائده، إلى درجة جعل معظم أبطال قصائده منهم، كبطل المسرحية الشعرية التي ألفها في شبابه، وجعل من شاب مصري من النوبة بطلها واسمه "عبدالله". وتروي مسرحية "عبدالله"، التي تُعد من كلاسيكيات الثقافة الكوبية، عن شاب مصري نوبي يدعى عبدالله، والذي يشترك مع زملائه العرب في مساعدة الكوبيين بنضالهم لمحاربة المستعمر الإسباني.

"عبد الله" هو الأبرز بين خمسة لقاحات تم تطويرها في كوبا، وهو فعال بنسبة 92,28% ضد خطر الإصابة بكوفيد بعد التطعيم بثلاث جرعات منه، وفق مجموعة الأدوية "بيو كوبا فارما" الحكومية.

وثمة أربعة لقاحات أخرى مرشحة في كوبا، بينها لقاح "سوبيرانا 2" الذي جعلت النتائج الجزئية لفعاليته (62% بعد جرعتين من الجرعات الثلاث) الباحثين واثقين من الحصول على ترخيص لاستعماله قريبا.

وتلقى حتى الثلاثاء حوالي 6.8 مليون كوبي جرعة واحدة على الأقل من "عبد الله" أو "سوبيرانا 2" في إطار برنامج تلقيح في المناطق الأكثر تضررا في محاولة لكبح انتشار الفيروس، وصار نحو 1.2 مليون من إجمالي 11.2 مليون ساكن محصنين بشكل كامل. وكوبا التي سجلت 224.798 إصابة و1459 وفاة تأمل في تلقيح 70% من سكانها بحلول نهاية أغسطس واستكمال تحصين البقية في غضون هذا العام.

وتستند اللقاحات الكوبية إلى البروتين المؤتلف، ما يتيح تخزينها في حرارة تراوح بين 2 و8 درجات وهو أمر يعطيها جاذبية دولية. وتؤكد كوبا أنها تتواصل مع "أكثر من 30 دولة" حول لقاحاتها.

ووفقًا لوسائل إعلام كوبية، يحقق لقاحي "سوبرينا 2" و"سوبرينا Plus" كفاءة بنسبة 91.2٪، وهو ما يتجاوز متطلبات منظمة الصحة العالمية في اللقاحات المصنعة ضد كورونا والمحددة بنسبة 50٪.

أما لقاح "عبدالله" فتصل نسب نجاحه إلى 92.28%، وفقًا لما أعلن في 21 يونيو الماضي، ويحصل متلقو اللقاح على ثلاث جرعات منه. وقد كان الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل برموديز أول من تلقى اللقاح بهدف تشجيع المواطنين على تلقيه، وقال وقتها إن مقتنع بأن "البلدان الفقيرة ستتمكّن من امتلاك القدرة على الحصول على أي شيء آخر في العالم سينتج في وقت قصير بشكل محلي".

وتقول وسائل الإعلام الكوبية، إن لقاحات كورونا محلية الصنع في كوبا، أثبتت فعالياتها في التجارب السريرية التي أجريت في ثماني بلديات في هافانا العاصمة، في مواجهة سلالة كورونا المتحورة "بيتا" والتي ظهرت في جنوب إفريقيا، وأنها كانت تهاجم مواطني هافانا مثل "الوحش" وتستطيع التحايل على اللقاحات، مضيفة أن "بيتا" أقل خطورة من شقيقتها في التحور "دلتا" التي ظهرت في الهند، وأن لقاح "عبدالله" حقق نتائج ناجحة في جميع أنحاء البلاد في التصدي للفيروس.

ورغم الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها، إلا أن كوبا التي تعد من أصغر دول العالم، نجحت في تطوير لقاحات محلية بجهود علمائها، ما جعلها تصمد أمام وباء كورونا عام 2020 كله بفضل سياسة الإغلاق والإجراءات الاحترازية، لكنها منذ أن أعادت فتح الجزيرة للسياحة في نوفمبر الماضي شهدت زيادة كبيرة في عدد حالات الإصابة بكورونا بدءًا من يناير الماضي، حيث سُجلت إصابات أكثر من العام السابق بأكمله، وحاليًا يتم تسجيل حوالي ألف حالة يوميًا.

وقد وضع تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة لعام 2020، كوبا في مجموعة "التنمية البشرية العالية"، بالمركز الـ 70 (من إجمالي 189 دولة)، فيما أدرجها البنك الدولي ضمن مجموعة البلدان ذات أعلى دخل متوسط للفرد، وقالت منظمة الصحة العالمية أيضًا إنها يمكن أن تكون الدولة الأولى في العالم من خارج القوى الاقتصادية العظمى، التي يمكن أن تغطي جميع احتياجاتها بلقاحات من إنتاجها المحلي، وبحسب مصادر رسمية كوبية، أبدت دولًا مثل فنزويلا وإيران والمكسيك اهتمامًا بالحصول على اللقاحات الكوبية.