النهار
جريدة النهار المصرية

مقالات

أمل خليفة تكتب: ياأهل غزة الكرام : سامحونا

أمل خليفة
-
تخيل أن لصوصاً هاجموا بيتك بالليل ، وهددوا بأنهم سيقتلونك وزوجتك ، وسيذبحون أبناءكم ، ويسرقون محتويات بيتكم ..وعندما استنجدت بجارك الملاصق لك ، تجاهل صراخك ، ثم سارع فاحكم إغلاق باب العمارة عليكم ، ليمنع كل من تسول له نفسه بتقديم النجدة إليكم ، بل وقام بتقديم الطعام إلي اللص !فماذا سيكون شعورك نحوه ؟هكذا كان حال أهل غزة ، عندما هاجمهم الصهاينة بالدبابات ، وألقوا عليهم القنابل ، وهدموا بيوتهم ، ثم حاصروهم فمنعوا عنهم الطعام ، والبنزين ، والدواء .. والعرب كلهم يتفرجون عليهم.أما نحن - المصريون - تحديداً ، فقد أغلقنا المعبر في وجوههم ، وأرسلنا الغاز إلي الصهاينة بغير ثمن ، كأننا نكافأ الصهاينة علي ما فعلوه بهم !هذا ما حدث في العهد السابق ، فماذا عنا اليوم ؟كنا نتوقع أن يفتح ملف غزة ، وأن يفرض نفسه بقوة ، فيتغير حال أهل غزة الصابرين ، وينتهي الحصار ،وتنتهي معاناتهم ،و.. و..لكن يبدو أننا صرنا منشغلين بأنفسنا ، بالقدر الذي أذهلنا عن الآخرين ، بحيث اختفت أخبار غزة ، ولم يعد لها وجود .قطاع غزة غارق في الظلام ، وقد نفد منهم الوقود ، وتوقفت مظاهر الحياة ، حتي أن بعضهم يقسم بأنهم عادوا يطبخون طعامهم علي الحطب.الأطباء في غزة خرجوا إلي الحدود المصرية ، ورفعوا اللافتات ، يذكروننا بالمرضي الذين يموتون بين أيديهم كل يوم ، بسبب انقطاع الكهرباء .منذ عدة أيام ، أشعل بعض الأطفال الشموع في حجرتهم ، لإنقطاع الكهرباء ، ثم ناموا فاشتعلت النيران في الحجرة ، ولقوا حتفهم .تُري من الذي شارك في قتل هؤلاء الأبرياء ؟ ومن سيحاسبه الله عن قتلهم؟ماذا نتوقع من أهل غزة ؟ألن تدعو الأمهات الثكالي علينا؟أليس لهم كل العذر أن يكرهونا جميعاً ، ويدعون علينا جميعاً .تخيل لو أننا مكانهم ، وقد حوصرنا، وجوعنا .. أكنا سنسامح من خذلنا ، وتقاعس عن نصرتنا؟ألا تري أن لهم علينا حق النصرة ، وأننا قد خذلناهم؟ألم يقل النبي صلي الله عليه وسلم :ما من مسلم يخذل امرأً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته ، وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته ، وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه ، وينتهك فيه من حرمته ، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته . رواه أبو داودلا نملك إلا أن نقول لأهل غزة : نحن والله نتمني أن ننصركم ، ونتوق لمساندتكم ، ونتألم لألمكم ، لكننا عاجزون عن تقديم العون لكم ، لسبب لا نعرفه .ولا نملك إلا أن نقول لكم : يا أهل غزة الكرام .. سامحونا.