جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: دولة عمر سليمان

اسامه شرشر
-
لم يفاجأ المراقبون والمحللون والمتابعون للشأن السياسي في مصر بعد الثورة بخبر ترشيح عمر سليمان لمنصب رئيس الجمهورية ولكن كانت هناك خطة واستعداد منذ مارس 2011 لطرح دولة عمر سليمان للظهور والقفز علي المشهد الانتخابي الرئاسي ومن هنا تشهد الساحة السياسية المصرية متغيرات سريعة وخطيرة ودرامية وأصبحت هناك قنابل سياسية في كل الاتجاهات تواجه كل المرشحين وخاصة عمر سليمان الذي يتسم بالغموض الخطير من خلال تركيبته الأمنية لأخطر وأهم جهاز أمني في مصر بالإضافة أن عمر سليمان يمثل في شخصه لغزا يحير الأصدقاء قبل الأعداء بالإضافة أنه يحمل أسرارا خطيرة وملفات ومعلومات خاصة بالأمن القومي المصري بصفة خاصة وحقائق ومستندات موثقة لبعض الأشخاص والتيارات السياسية وخاصة الإسلامية للإخوان المسلمين ولكن هذا التكتيك السياسي والمناورات الانتخابية التي مارسها عمر سليمان قبل إعلان ترشحه وخروج مصطفي الفقي ليعلن أمام الفضائيات أن دولة عمر سليمان لن يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية خاصة أنه قال أنه رجل عجوز وخدم بلده من خلال موقفه الحساس وخوفه علي بناته وأحفاده بالإضافة وهو الأهم قوله في حواره قبل 11 فبراير 2011 أن الشعب غير مؤهل لممارسة الديمقراطية ولأنه في البلدان الديمقراطية لا يأتي الرئيس لحكم الدول إلا من خلال برامج وأفكار ومعايير موضوعية فالوضع في مصر يختلف اختلافا كليا وجزئيا لأن معيار اختيار رئيس مصر يخضع للقبول الجماهيري فقط والتعاطف الوجداني لشخص ما دون أسس وقواعد عملية ولكن دولة عمر سليمان التي زلزلت الجميع وخاصة أنه كان النائب للرئيس المخلوع قبل رحيله ويعلم ما لم يعلمه مبارك عن الوضع الداخلي والخارجي ولكن النقطة التي كانت سببا في عدم ثقة الرئيس المخلوع لدولة عمر سليمان أنه كان ضد ملف التوريث لجمال مبارك فلذلك تعرضه بعد توليه منصب نائب رئيس الجمهورية قبل الثورة لمحاولة اغتياله مازالت تفاصيلها غامضة والمعلومات فيها نادرة لأن أصابع الاتهام تتجه إلي الوريث وأمه وهذا ما جعل سليمان صامتا لأن الولاء العسكري لرئيسه كان المسيطر علي المشهد في ذلك الوقت ولذلك من حق الرأي العام المصري أن يعرف من دولة عمر سليمان أبعاد هذا الموقف بالإضافة إلي دوره وعلاقته بإسرائيل التي هللت عند ترشحه مما يعطي دلالات أن خطوط الاتصالات مع الإدارة الإسرائيلية ما زالت قوية وعميقة بالإضافة إلي الإدارة الأمريكية التي تري في عمر سليمان أنه رجل المرحلة كل هذا يجعلنا أكثر خوفا وقلقا علي هذا البلد والشعب المصري لأننا نتعامل مع عقلية كانت جزءاً أساسيا ورئيسيا من النظام السابق بالإضافة إلي إعلان سليمان بأنه تلقي تهديدات من الإسلاميين بقتله هل من الإخوان أم السلفيين والشعب يريد أن يعرف من دولة عمر سليمان سر العداء والكراهية بين جماعة الإخوان المسلمين وعمر سليمان والهجوم الضاري الإعلامي الذي يمارسه خيرت الشاطر ضد عمر سليمان هل هناك أسرار ومفاجآت لانعرفها لأن مرحلة استخدام الآلة القمعية والأمنية بالإضافة إلي استخدام الآلة الإعلامية الحكومية في حملات تضليل وتعتيم وإطلاق الشائعات والتهم ضد الأشخاص التي كان يجيدها النظام السابق انتهت إلي الأبد لأن تركيبة الشعب المصري سقطت من قاموسها إلي الأبد أدبيات الخوف والفزاعات الدينية والسياسية لأن الناس متعطشة لمعرفة الحقائق فلذلك أراهن علي وعي وذكاء المواطن المصري وخاصة في الانتخابات الرئاسية ولن يقع في أخطاء وخطايا الانتخابات البرلمانية لأنها أول انتخابات رئاسية حقيقية يشارك فيها الشعب المصري لأول مرة في اختيار رئيسه بإرادة شعبية خالصة بلا ضغوط أو إرهاب أو ترهيب أو تزوير لأن الشعب المصري أمامه امتحان صعب إما يكون ويمتلك القرار وكل الأمور، وإما لايكون ويكون خارج الخدمة السياسية والحسابات الانتخابية ويكون رقما مهمشا ونعود مرة أخري لدولة الرجل الواحد التي نتمني أن تكون انتهت إلي الأبد ولا نجعل من صندوق الانتخابات هو المحك الرئيسي والفيصل النهائي لكل المرشحين ودعونا نقول إن مصر ما بعد الثورة يسيطر علي مشهدها السياسي والانتخابي الآن ثلاثة تيارات تدغدع مشاعر الناس.التيار الأول وهو فصيل الإخوان والسلفيين الذي يلعب بورقة الدين والحاجة الاقتصادية ويريد أن يستغل هذه الفرصة التاريخية التي انتظرها عشرات السنوات ليسيطر علي منصب الرئيس لأن شهوة الحكم تملكت الجماعة ويشعر أنه يحظي بقبول جماهيري مثلما حدث في انتخابات مجلس الشعب فالمغالبة هي شعارهم في المرحلة القادمة والحكم هو الحل لأنهم بيلعبوا سياسة الآن بعيدا عن أخلاقيات ودعوات الجماعة فكل أوراق وأدوات اللعب يجيدونها . والتيار الثاني هم رجال النظام السابق الذي يقودهم الآن عمر سليمان ويقولون أنهم غير مسئولين عن أخطاء وخطايا مبارك وأولاده وهم لن يكونوا امتدادا للنظام السابق ويرددون أنهم يراهنون علي الكتلة الصامتة وصندوق الانتخابات ويلوحون بأوراق عودة الأمن للوطن والأمان للمواطن وعودة عجلة الاقتصاد والسياحة وإعادة هيبة الدولة واستعادة الدور المصري عربيا وإقليميا ودوليا مع التأكيد علي الحريات والمواطنة وحقوق الإنسان وأنهم هم امتداد للشعب المصري وليس لنظام مبارك الذي سقط بلا عودة ويقولون أن دولة عمر سليمان هو الرئيس القادم لمصر المحروسة. والتيار الثالث هو شباب ثورة 25 يناير الذي كان هو الوقود الحقيقي لتحريك الملايين وإسقاط دولة مبارك ودفع فاتورة ذلك بدمائه الطاهرة ونجحت ثورة الشباب والشعب ولكن فجأة اختفي شباب الثورة في ظروف غامضة ووجدت علي المسرح السياسي جماعات وأشخاص قفزوا وحققوا كل مطامعهم السياسية علي حساب شباب الثورة ومصلحة الوطن يدعمهم التيارات الليبرالية بكل توجهاتها وأطيافها السياسية التي لاتجيد إلا النظرات داخل الغرف المغلقة وغير موجودة في الشارع المصري لأنها تمارس أيدلوجياتها من خلال الفضائيات والصحافة ووسائل الإعلام ولا تمثل ثقلا سياسيا حقيقيا في الانتخابات الرئاسية .إذن سيكون الصدام والمواجهة السياسية بين الإخوان والفلول من سيربح كرسي الرئاسة في مصر هذا الذي تعبر عنه الجماهير المصرية أمام صناديق الانتخابات فإما دولة عمر سليمان أو دولة الشاطر والمرشد والله أعلم.