خلال لقائه مع "النهار المصرية"
الضبع:المعونة بمبادرة من أمريكا ومصممة لخدمة اقتصادها وتسترجعها مضاعفة

-
كتب: عادل مرزوق الخياطقال الخبير الاقتصادي أحمد خليل الضبع في لقاء له مع صحيفة النهار المصرية أن المعونة الأمريكية لمصر أفادت الاقتصاد الأمريكي أكثر من إفادتها للاقتصاد المصري بل إن حسابات التكلفة والعائد تؤكد أن خسائر المعونة تفوق بكثير فوائدها على المجتمع المصري .وأضاف الضبع أن قيمة المعونة الأمريكية الإجمالية تقدر بنحو 40 مليار دولار منذ بدايتها عقب توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل في 1975 وحتى الآن منها 28 مليار خلال فترة حكم مبارك وتبلغ حاليا 1.45 مليار دولار سنويا منها 1.3 مليار معونات عسكرية عينية و150 مليون دولار معونات اقتصادية بعد تراجعها من 850 مليون خلال السنوات الأخيرة ومعظمها عينية أيضا ولا يمثل الجانب النقدي إلا قدر ضئيل منها لا يتجاوز 10% .وأوضح الضبع أن المعونة كانت بمبادرة من الولايات المتحدة وليس مصر وتم تصميمها لخدمة واشنطن واقتصادها وتعود مضاعفة للمجتمع الأمريكي بالحسابات الاقتصادية قبل السياسية والإستراتيجية بصورة مباشرة وغير مباشرة، مشيرا إلى أنها تشترط استيراد المنتجات الأمريكية مرتفعة الأسعار وعلى بواخر أمريكية وبتأمين لدى شركات أمريكية تكلفتها مبالغ فيها.وأشار إلى أن المعونة كلها خدمات وسلع عينية ورواتب نظير معلومات عن المجتمع المصري وجعلت مصر تابعة تجاريا للولايات المتحدة التي حققت فائضا تجاريا يقدر بنحو 45 مليار دولار مع مصر، مشيرا إلى أن المعونة أفادت أكثر من 1200 شركة أمريكية سواء من خلال تصريف منتجاتها أو من خلال تنفيذ مشاريع في مصر.وأضاف الضبع أن المعونة تدفعنا لاستيراد سلع أمريكية غير مناسبة وغير ضرورية للمجتمع المصري ولا تلبي احتياجاته الحقيقية بل تجعلنا نتحمل تكاليف صيانتها وقطع غيارها والاهم أنها تدفعنا بشكل غير مباشر لاستيراد بقية الاحتياجات من نفس السلعة التي هي في الأساس ليست الاختيار الأفضل من الناحية الفنية والاقتصادية .وأشار إلى أن واشنطن تستفيد من تدريب واستقبال آلاف من كبار المسئولين ورجال الدولة والعسكريين، بل قد تنجح معونة التدريب في ربطهم إلى حد ما بثقافتها ومنتجاتها وسياساتها ومصالحها، كما تستفيد من زرع آلاف الخبراء والجواسيس الامريكيين في كل الجهات الحكومية والخاصة والأهلية المصرية يحصلون على أكثر من ثلث المعونة ويخدمون المصالح الأمريكية بشتى الطرق، ومنها الحصول على معلومات غاية في الخطورة والسرية عن كل شيء في البلاد.وحذر الضبع من أن المعونة ساهمت في إنشاء جسر ساخن لنقل المعلومات السرية والخطيرة والحساسة عن كل مفاصل المجتمع المصري واستدل الضبع على ذلك بمعونة الصحة والسكان التي مكنت الأمريكيين من الحصول على معلومات غاية في الدقة والخطورة عن جميع المصريين (أسر وأفراد) من خلال بيانات التعداد، وكذلك بيانات الخصخصة التي ساعدت الشركات الأمريكية على شراء العديد من شركات القطاع العام المملوكة للشعب بأبخس الأسعار.وقال أن المعونة بالطبع كانت السبب الرئيسي في إحباط العديد من خطط التنمية الحقيقية ولاسيما في المجال الزراعي ولاسيما زراعة القمح وتحقيق الاكتفاء الذاتي في السلع الغذائية والإستراتيجية ضمن مفهوم الأمن الغذائي الذي يعد من أولويات الأمن القومي في أوروبا وأمريكا.ويرى الضبع أنه حتى لو اعتبرنا مجازا أنها معونة ايجابية فهي تعتبر جزء من تعويضات مصر عن الأضرار التي لحقت بها نتيجة الحروب المتواصلة مع إسرائيل التي احتلت سيناء في 1967 بدعم أمريكي ونهبت ثرواتها النفطية والطبيعية ودمرت المدن المصرية وخصوصا مدن القناة التي تم قصفها بطائرات أمريكية الصنع.وشدد على أن المعونة كانت السبب الرئيسي وراء تبعية نظام مبارك للإدارة الأمريكية وفقدانه استقلالية القرار وتطويعه لصالح واشنطن حتى لو تعارض مع مصالحنا حتى في استرجاع حقوق المصريين في مواقف التعدي الأمريكي علينا ومثال على ذلك وقائع كثيرة من بداية عهد مبارك وحادثة اختطاف الطائرة المصرية واعتقال فلسطينيين كانوا على متنها وسقوط أخرى ومقتل العسكريين المصريين الذين كانوا على متنها وانتهاء بتنفيذ الأجندة الأمريكية في المنطقة بكل دقة.ورغم أن الضبع يرى أن الحسابات الأمريكية وليست المصرية ترجح استمرار المعونة إلا انه طالب بوضع خطة بديلة لاتخاذ القاهرة قرارا بوقف تلقيها للمعونات من خلال تعزيز الاعتماد على القدرات الذاتية واستغلال الطاقات المعطلة في كل المجالات والقضاء على الفساد الذي يهدر موارد سنوية بأكثر من 20 ضعف المعونة الأمريكية، ووضع آليات للاستفادة من الشراكة الأوروبية والعمق العربي والإسلامي والإفريقي باعتبارها البدائل المتاحة .وأوضح الضبع أن الاستثمارات الأمريكية في مصر تدور حول 4 مليارات دولار وتتركز في القطاع النفطي بنسبة 80% والباقي في مجالات تستهدف بشكل رئيسي التسويق والترويج للمنتجات والخدمات الأمريكية، ولم تسهم تلك الاستثمارات والمعونات بشكل فعال في تنمية الاقتصاد والمجتمع المصري، بدليل أن الاقتصاد المصري ومنذ انطلقت برامج المعونة لم يشهد أي طفرات او انجازات تنموية واضحة.وقال أن التوزيع القطاعي للمعونة يكشف تركيزها على جوانب إدارية ومظهرية في قطاعات معينة تستهدف بالأساس جمع معلومات حيث لا يتم تمويل منشآت أو آلات إنتاج إلا بقدر ضئيل حيث تنحصر انجازات المعونة الإنشائية طيلة تلك الفترة في تمويل وتسهيل إجراءات الاستيراد وحماية حقوق الملكية الفكرية وإنشاء جمعيات ومؤسسات للمجتمع المدني وتنظيم الأسرة والسكان والصرف الصحي وغيرها من المشروعات التي تصب بقدر ضئيل في الصالح المصري وبقدر كبير في الصالح الأمريكي.