جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب : رسالة إلى الناخب الكويتى

-
الانتخابات البرلمانية الكويتية لها مذاق خاص ونكهة سياسية تعكس بشكل مباشر التركيبة المجتمعية والسياسية لشعب الكويت، الذي مارس الديمقراطية بشكل واقعي وحقيقي بعيدا عن تزوير إرادة الناخبين، ناهيك عن الإشراف القضائي الكامل علي كل مراحل اللعبة الانتخابية فالكويت هي أول دولة خليجية بها مجلس تشريعي منتخب، المرأة بجانب الرجل لا فرق بينهما في الحقوق والواجبات ناهيك عن الدستور الكويتي الذي وضع في أوائل الستينيات الذي حكم قواعد اللعبة الديمقراطية ونظم العلاقة بين البرلمان والحكومة، ولأول مرة في تاريخ الحياة البرلمانية العربية نجد أن مجلس الأمة الكويتي هو أول مجلس تشريعي ورقابي في العالم العربي يقيل الحكومات، من خلال استجوابات نارية مدعمة بالمستندات وهذه هي الإشكالية الحقيقية بين البرلمان الكويتي والحكومة فالبرلمان الكويتي تم حله في السنوات الأخيرة أكثر من مرتين بمرسوم من أمير البلاد: الشيخ صباح الأحمد الذي تدخل في الوقت المناسب وفض الاشتباك بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ليعبر بدولة الكويت إلي بر الأمان بعد حالة الغليان التي أصابت الشارع الكويتي الذي تحول إلي سوق عكاظ من خلال ديوانياته التي تعتبر البرلمان الشعبي لأبناء الكويت لأن الديوانية تمثل البوصلة السياسية والبورصة الانتخابية كمؤشر لشعبية المرشحين في الانتخابات البرلمانية ولكن الأحداث الأخيرة التي شهدها مجلس الأمة الكويتي والوصول إلي طريق مسدود مع الحكومة دعت الشيخ صباح الأحمد إلي استخدام صلاحياته الدستورية لفض الاشتباك والاحتقان بين الطوائف السياسية في المجتمع الكويتي، وأرسل رسالة خطيرة إلي كل الأطراف السياسية الحكومة والبرلمان والشعب ومعناها أن الممارسة الديمقراطية لاتعني الفوضي وهذا ما نرفضه لأن مصلحة الوطن والمواطن الكويتي أهم من المزايدات والشعارات السياسية لأننا نريد أفعالا وليس أقوالا من أطراف اللعبة السياسية فكل من يعمل لحساب أجندات خاصة نجد الوطن يدفع دائما الثمن لأننا جميعا في خندق واحد.ومن خلال تواجدي الأن في الكويت كمتابع ومراقب للانتخابات الكويتية أستطيع أن أقول إنه لكي تنتهي حالة الاشتباك بين البرلمان والحكومة، لابد من أن تكون هناك أحزاب في الكويت ذات مرجعية سياسية والبعد تماما عن الأحزاب الدينية ذات المرجعيات الدينية لأنها ستغرق سفينة الوطن، لأن التعددية السياسية تحت قبة البرلمان ستقضي علي النعرات القبلية والدينية والمذهبية وهذا هو الطريق الأوحد لخروج الكويت من هذه الدوامة السياسية لأن الأخطار التي تحيط بشعب الكويت في هذه المرحلة الهامة الخطيرة تجعل الجميع يجب أن يتوحد، فالملف النووي الإيراني بتداعياته السريعة يجعل منطقة الخليج والكويت خاصة في مواجهة البراكين القادمة من كل الاتجاهات ناهيك عن الفوضي والانفلات الأمني في الشارع العراقي والانقسامات السياسية بين الكتل العراقية وتبادل الاتهامات بين كل الأطراف تجعل من شعب الكويت أكثر حذرا من تداعيات الموقف العراقي ومن خلال قراءة متأنية للمشهد الانتخابي الكويتي علي أرض الواقع نجد أن المرأة الكويتية سيكون لها تواجد في هذا البرلمان أكثر من أربع نائبات رغم خصوصية الموقف، ولكن الشعب الكويتي بكل روافده الديمقراطية والثقافية والحضارية يعي تماما أن المرأة هي العمود السياسي للمجتمع الكويتي وستظل التركيبة السياسية للبرلمان الكويتي كما هي دون سيطرة التيار الإسلامي علي المشهد الانتخابي الكويتي فالقبليات لها دور مهم بالإضافة إلي الكتل البراجماتية التي تمثل الاتجاهات الاشتراكية ستحظي بنصيب أيضا بالإضافة إلي أن النسب ستكون متساوية من السلفيين والإخوان المسلمين إلي حد كبير ولن يحدث سيطرة للتيار الإسلامي السياسي كما حدث في مصر وتونس لأن الظروف والمناخ والعوامل والأدوات تختلف اختلافا كليا وجذريا في التفاصيل والعموميات وأن التجربة الديمقراطية الكويتية لم يحدث لها وأد أو قمع أو اضطهاد أو تهميش أو تفريغ و العكس كان صحيحا فلم يتم في الانتخابات البرلمانية الكويتية إقصاء أي طيف سياسي بسبب توجهه الديني، وهذا عكس ما حدث في مصر وتونس فلذلك أراهن علي وعي ويقظة الناخب الكويتي في أن يختار برلمانا توافقيا وطنيا يوم الخميس المقبل، ليمثل قاطرة حقيقية للخروج من المأزق السياسي ومواجهة أخطر مرحلة تمر بها دولة الكويت نتيجة التداعيات العربية والإقليمية والدولية ومتأكد من حنكة وخبرة الشيخ صباح الأحمد أن يعبر بشعبه إلي الأمام، لتبقي الكويت واحة الديمقراطية .