جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: الإمام الأكبر فى الإمارات

-

هى المرة الأولى التى يجتمع فيها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وبابا الفاتيكان البابا فرنسيس على هذا النحو.. يقيمان فى بيت واحد ويركبان سيارة واحدة ثم يوقعان معاً وثيقة مشتركة بين الأزهر والفاتيكان لمحاربة التطرف.. هذا ما حدث على أرض الإمارات العربية المتحدة فى العاصمة أبوظبى خلال المشاركة فى مؤتمر «لقاء الأخوة الإنسانية».

مئات الكاميرات رصدت المشهد الاستثنائى والتقطت الصور للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، برفقة بابا الفاتيكان، البابا فرنسيس، خلال ركوبهما السيارة الواحدة، فى مشهد يمتلئ بالتواضع والتسامح متمثلاً فى شخصيتين عظيمتين تحظيان باحترام ملايين الناس فى العالم كله.

وفى مقدمة المشهد الشيخان محمد بن زايد، ولى عهد أبوظبى، ومحمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، وحاكم إمارة دبى، وهما يستقبلان ويرافقان شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان البابا فرنسيس الذى يذهب لدولة الإمارات، فى الزيارة الأولى له لدول الخليج فى اختيار له دلالته لدولة الإمارات التى صارت تمثل رمزاً للتعايش والتسامح والأخوة الإنسانية.

بابا الفاتيكان الذى يشارك فى لقاء الأخوة الإنسانية مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أبدى من جانبه سعادته بهذه الزيارة وبأن الإمارات العربية المتحدة هى قبلتها.

وفى العاصمة الإماراتية أبوظبى شاهد العالم كله الضيفين الكبيرين، شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان، وهما يوقّعان وثيقة تاريخية  بحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبى، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبوظبى، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

هذه الوثيقة التاريخية المشتركة بين الأزهر والفاتيكان تهدف  لمحاربة التطرف ونبذ العنف، وفتح باب الحوار وتعزيز التسامح بين الأديان لمواجهة الإرهاب والفكر المتطرف.

وقد رحّب الشيخ محمد بن راشد بضيفى الإمارات الكبيرين البابا فرنسيس وشيخ الأزهر فى لقاء الأخوة الإنسانية الذى يعكس أهمية رعاية التعددية والحوار بين أتباع الأديان فى كافة المجالات فى وقت يسعى فيه آخرون لنشر التطرف ومحاربة التسامح ويدعمون الإرهابيين بالمال والسلاح.

وتعد هذه هذه الوثيقة خطوة مهمة فى طريق المواجهة المشتركة لأصحاب الديانات «الإسلام والمسيحية» ضد التطرف، ولهذا فقد احتفى بها العالم واحتفى بها الشيخ محمد بن راشد فى كلمته قائلاً: «نحتفى معاً بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية التى نسعد أن تكون الإمارات حاضنة لها»، مُعلناً عن جائزة الأخوة الإنسانية فى دورتها الأولى ومنحها للبابا فرنسيس والدكتور أحمد الطيب «لجهودهما فى نشر السلام العالمى» وهى لافتة تفيض بالتقدير والاحترام للضيفين الكبيرين.

كما عبر الشيخ محمد بن زايد عن أن هذه الوثيقة تترجم تطلعات الإمارات العربية المتحدة فى ترسيخ قيم التسامح والتعايش بين مختلف الشعوب والثقافات.

وقد أعرب بابا الفاتيكان فى خطابه عن أمله بأن تكون الوثيقة المشتركة «بداية لسلام تنعم به البشرية»، مُعتبراً أن استعمال اسم الله «لتبرير الكراهية» هو «تدنيس خطير» لاسمه، مشدداً على أن العنف لا يمكن تبريره دينياً، وهو ما يعنى أن مواجهة التطرف بدأت تسير فى الطريق الصحيح، وهو الذى أشرت إليه فى مقال سابق عن تحرك وزارة الأوقاف المصرية لمواجهة الرأس دون الاكتفاء بالجسد والذيل، فالحرب ضد التطرف من المهم أن تمضى فى طريقها الفكرى بالتوازى مع الحرب الأمنية ضد هؤلاء القتلة وسافكى الدماء.

وكما قال البابا فرنسيس: «أتيت إلى هنا متعطشاً إلى السلام مع إخوتى. جئنا من أجل السلام بين الشعوب والأديان»، داعياً لتعزيز روابط الأخوة «تحت سقف الإنسانية ومحبة الله» والبحث عن «التآلف بين الأديان» التى «تجمع بين الإخوة ولا يفترض أن تكون حواجز للإقصاء».

«فكل الأديان مدعوة لتجاوز فجوة التمييز بينها، ونحن عائلة بشرية كبيرة تعيش من تناغم التنوع»، وقد دعا البابا لوقف الحرب فى المنطقة.

وطالب شيخ الأزهر المسلمين فى الشرق الأوسط بـ«احتضان» المسيحيين فى دولهم باعتبارهم «شركاءنا فى الوطن»، مبيناً أن «المسيحية احتضنت دين الإسلام عندما كان وليداً حديثاً» ليتناغم الحديث ويتكامل مع الرمزين الدينيين الكبيرين والرمزين السياسيين الكبيرين.

«فالمسيحون جزء من هذه الأمة ومواطنون وليسوا أقلية» كما أكد شيخ الازهر، مضيفاً وموجهاً حديثه للإخوة المسيحيين: «أرجوكم أن تتخلصوا من ثقافة مصطلح الأقلية الكريه، فأنتم مواطنون كاملو الحقوق والمسئوليات».

ودعا أحمد الطيب كذلك المسلمين فى الغرب إلى الاندماج فى دولهم المضيفة، واحترام القوانين المحلية، فهى الكفيلة بحماية حقوقهم.

ونتمنى أن تكون هذه الخطوة الإماراتية بداية لعمل كبير ومتواصل فى مواجهة التطرف يتم فيه التعاون بين مصر والإمارات اللذين تجمعهما ثقافة الأخوة وروح المحبة والتسامح والسعى للتعايش المشترك فى وطنٍ للجميع.